دراسة .. دراسة .. دراسة .. تأخذ من عمرك إذا وفقت في جميع مراحلها ستة عشر سنة ..ولن أقول عاماً .. لأنها تبدو لك في البداية أعواماً نافعة ولكن بعد إنهاء المرحلة الجامعية تتيقن بأنها لم تكن سوى سنين عجاف .. نهشت في فؤاد أيامك .. كما تُنهَش الجيف ولم يبقَ منها سوى ورقة معتمدة وموثقة ويمنع منعاً باتاً العبث بمحتوياتها على أمل أن ينفعك هذا المحتوى يوماً ما ..
أكوام من الخريجين وأفواج من الخريجات في كل عام وديوان الخدمة يعلن عن 20 ألف وظيفة وتعم الفرحة وتعلن البشرى .. تتساوى في هذه الفرحة حديثة التخرج وتلك التي قضت عشر سنوات وهي تتأرجح من دورة إلى دبلوم .. إلى مدرسة خاصة تسلب طاقاتها مقابل مبلغ زهيد ولكنها في هذه الحالة تسلم بأن ذلك أفضل "أدومها وإن قل " ..!!
وقت الإعلان عن الأسماء .. السيرفر مزدحم والملقم مشغول ولا يمكن العثور على الصفحة وأغلب المزدحمين على عتبات الموقع لا تظهر لهم أسماء غالباً .. لأن من تظهر أسماؤهم يغطون في نوم عميق .. يستمتعون بأجمل الأحلام ليقينهم بأنها ستظهر حسب كلام "طال عمره "..
وتتكرر المأساة في كل عام ..
ولا يبقَ سوى النائحون الصائحون .. أو ..
الأذكياء المنتجون .. الذين لا يثني عزمهم طول انتظار سابقيهم .. ولا يمكن أن تقف أي واسطة في وجه طموحاتهم .. بل أنهم بنوا آمالهم ورسموا خططهم بعيداً عن حوافز ديوان الخدمة وإغراءات القطاع الخاص .. فهم لا يقبلون بالجلوس والانتظار البائس .. بل يبدءون بالتحرك الذهني والعمل العقلي على أفكار قد تكون سهلة التنفيذ .. قليلة الدخل .. لا تتناسب مع الشهادة العليا السجينة في ][ملف علاقي][ .. ولكنها تبدو أفضل وأرجى من شحذ واسطة "طال عمره" ..
ما أكثر الأفكار الرائعة جداً التي كانت نتيجة يأس عاطل / عاطلة .. فكم من شاب وشابة استغلوا الفراغ الناتج عن البطالة الناتجة عن الواسطة وأبدعوا لنا مشاريع ناجحة بجميع المقاييس .. قد تواجه بعضها العقبات والعثرات والسقطات ودوامات الفشل ولكنها في النهاية تظل تجارب فاشلة لأساس ناجح ..
"الطريق إلى السوق " برنامج يقدمه الأستاذ خالد الزامل على قناة المجد الفضائية .. لمجرد أن تستمع لهذا البرنامج تتفاجأ بالكم المهول من الأفكار قيد التنفيذ .. المفتقدة للتنظيم والدراسة المتخصصة .. وبعضها يفتقد للدعم المادي والذي توفره بعض الجهات المتخصصة لدعم المشاريع الصغيرة ..
البطالة أزالها الله .. رغم أذاها إلا أنها اكتشفت بدون قصد مواهب وإبداعات أبناءنا وبناتنا ..
لذا أرجو من زملائي وزميلاتي على مقاعد البطالة أن يكفوا عن انتظار الوظائف الحكومية أو حتى الخاصة والبحث في عقولهم عن مراكز استثمارية لعقولهم وجهودهم وجيوبهم 