منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ماقصصته من جريدة وقتي
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-08-2009, 06:01 PM   #17
عبدالعزيز رشيد
( شاعر وكاتب )

افتراضي المقال ذكيّ جدّا وثريّ لأبعد حدود لكن للأسف النسخة الالكترونيّة ناقصة )":


(جشع الشركات ينقذ افريقيا)
لـ:روبن فرزاد
من:Business week العربيّة



ليس سهلا على مسعود خاني ان يطمئن على استثماره. فهذا البريطاني الايراني المولد يملك في موزمبيق مصنعاً لتحويل نبتة الجتروفة الصلبة والمقاومة للجفاف الى وقود حيوي. وتبدأ زيارته للمصنع برحلة جوية تمتد 11 ساعة من لندن، حيث المقر الرئيسي لشركته، الى جوهانسبورغ. وهناك، يقفز الى طائرة صغيرة تضم اربعة مقاعد تحمله طوال ثلاث ساعات الى مابوتو، عاصمة موزمبيق، حيث يشعر خلالها كاتب هذه السطور، الذي يرافق علي خاني في الرحلة، بالاعياء الشديد. وفور الهبوط في مطار مابوتو، حيث يقف جنود على السطح للحراسة، يمضي علي خاني ساعة يناضل عبر متاهة بيروقراطية من التدقيق في التأشيرة واللقاحات. ثم يعود الى الطائرة لرحلة تمتد تسعين دقيقة على امتداد ساحل المحيط الهندي الى مقاطعة انهامباين. وفي المطار الصغير هناك، يجد علي خاني في استقباله شقيقه وشريكه سعيد، الذي ينقله في رحلة برية لتسعين دقيقة ايضا وسط ماشية شاردة وحرائق عشوائية الى قرية انهاسون. وفي نهاية طريق رملي يتوسط ارضا ازيلت منها الأعشاب البرية تحضيراً لزراعتها، يقوم المجمع الضخم لعلي خاني المخصص للوقود الحيوي.
ويعد الشقيقان ضمن مجموعة من المستثمرين البواسل يبحثون عن الثروة في اكثر من 30 بلدا افريقيا جنوبي الصحراء الكبرى. تمتد من موريتانيا والصومال شمالا الى الطرف الجنوبي للقارة. وما من برنامج يتّبع لهذا النوع من الاستثمار، فالفرص الافضل تبدأ حلما يحقق من الصفر. ووجد الشقيقان علي خاني الفرصة في ارض قاحلة كانت تزرع قطنا. وفي نيجيريا، ساعدت الشركة الخاصة للاستثمار المباشر Capital Partners، والتي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا في شراء معمل مهجور في 2006 كي تمد القارة بالأسمدة.
وأصبح لمؤسسة القروض التي تتخذ من جنوب افريقيا Blue financial Services، 171 فرعاً في تسعة بلدان. وستفتتح قريبا مكاتب في رواندا والكاميرون وسوازيلاند وغيرها، وتقدر صفقات الاستثمار المباشر التي عقدت في المنطقة (باستثناء جنوب افريقيا) في 2007 بنحو 2.6 مليارات دولار، اي اكثر بسبعة اضعاف الرقم المسجل في 2005.
وتعد تلك آخر جبهة للاستثمار في العالم، وهي متخلفة وفقيرة بحيث تبدو اسواق مثل كولومبيا وفيتنام مقارنة بها قمتين من قمم الحداثة. فالمطارات تفتح وتغلق عشوائياً. والطرق غير معبدة غالبا ومزدحمة. والبنزين والمازوت نادران فيما التيار الكهربائي ينقطع باستمرار. وتمثل المحاذير الطبية عائقاً، فالسفر الى المناطق الداخلية الموبوءة بالبعوض يتطلب سلسلة من الحقن والعقاقير المضادة للملاريا والتي تؤدي كثيراً الى حالات هلوسة.
وبأشكال كثيرة، يبدو الوضع الاقتصادي في افريقيا ميؤوسا منه، وفيما تدفقت مساعدات اجنبية بمقدار 625 مليار دولار منذ العام 1960 لم ترتفع حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي، وفقا لويليام ايسترلي، استاذ الاقتصاد في New York University . وتراجعت حصة افريقيا من التجارة العالمية بين 1976 و2000 الى واحد في المئة، من مستوى ثلاثة بالمئة الضئيل اصلا. ويصنف معيار الأمم المتحدة للتنمية البشرية 34 بلدا افريقيا بين البلدان الأربعين الأدنى مستوى في العالم. لكن الطمع قد يأتي بتغيير. فبفضل الازدهار العالمي للسلع خلال السنوات القليلة الماضية، تنمو اقتصادات البلدان جنوبي الصحراء، بعد عقود من الركود، بمعدل سنوي متوسطه ستة بالمئة، اي ضعف نظيره في الولايات المتحدة. وكالنحل على العسل. يتقاطر المستثمرون الى المنطقة بحثا عن العائدات التي يمكن ان تحققها الاستثمارات المبكرة. فلقد حققت Blue Financial، مثلا كسبا لداعميها من المستثمرين الأوائل يساوي تسعة اضعاف بفضل ارتفاع اسهمها بواقع 375 بالمئة منذ تشرين الأول (اكتوبر) 2006. واشترت Emerging Capital Partners اكثر من اربعين شركة افريقية كليا او جزئياً في العقد الحالي، ثم باعت حصصها في 18 شركة منها، محققة ارباحاً بمتوسط 300 في المئة، يقول المدير التنفيدي في الشركة توماس غيبيان، الذي عمل سابقا في Goldman Sach: "ليس بالامكان مضاهاة ما نكسبه".
وتجتذب اسواق الاسهم في المنطقة المستثمرين الاجانب ايضا. فالأسهم في البلدان الغنية بالموارد، مثل بتسوانا ونيجيريا وزامبيا، ترتفع الى مستويات قياسية، وثمة طلب قوي على الأسهم الافريقية. ولأن هذه الأسواق صغرى وغير سائلة (تبلغ القيمة الاجمالية للسوق في زامبيا ملياري دولار فقط) لا يستطيع الاجانب دخولها بكثافة. ولمن لا يريد الانتظار عليه لان يبحث عن فرصه الخاصة بعيدا عن اسواق الاسهم. يقول غيبيان: "ثمة طلب قوي على مؤسسات الاستثمار المباشر".. واستثمرت شركته 400 مليون دولار جنوبي الصحراء في 2007، مقارنة بنحو 325 مليونا في الأعوام الستة السابقة مجتمعة.
لكن بعض هذه الاستثمارات يحمل مجازفة، فالمؤسسات الدولية للرقابة تضع المنطقة باستمرار في ادنى مراتب التصنيف لديها على صعيد المناخ الملائم للاستثمار. وبعض الحكومات، كتلك القائمة في زيمبابوي، تصادر الأصول مباشرة، فيما تستنزف حكومات اخرى الأعمال حتى تجف. وان لم تأت هذه المشاكل بضرر دائم للمناخ الاستثماري، سيفعل ذلك بالتأكيد انهيار السلع. ويمكن لخروج جماعي للمستثمرين ان يخنق بسرعة التقدم المتذبذب في افريقيا. فلا يدمر نمو الناتج المحلي الاجمالي فحسب، بل كذلك الاقتصاد غير الرسمي ويشمل الأعمال في حديقة المنزل وعلى جانب الطريق التي ازدهرت فجأة لتغرف من الدخل المتزايد للقارة.
ليس مسعود علي خاني مبدئياً، فهو يرى ان حركة "نحن العالم" التي جمعت في الثمانينات مساعدات لانهاء المجاعة في افريقيا "حولت بلدانا برمتها الى متسولين" فالرجل الضخم البنية البالغ من العمر 66 سنة في قلب موجة جديدة من المستثمرين في رأس المال المغامر والاستثمار الزراعي في افريقيا. وقبل اشهر قليلة، خاطب صندوق تحوط في نيويورك عن منافع شركته ESV Biofuels. ووافق الشركاء على زيارة المرفق. يقول علي خاني: "نحن رأسماليون وانتهازيون، نقوم بما نقوم به لنكسب المال. وما من طريقة أخرى نساعد بها افريقيا".


نسخة إلكترونيّة

 

عبدالعزيز رشيد غير متصل   رد مع اقتباس