منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - في " طشوا الدنيا " عبدالله مدعج ينزف النص ،ليهيأنا لمرحلة ما بعد الإفاقة
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-28-2010, 11:54 PM   #1
شيخه الجابري
( شاعره وإعلامية إمارتية )

الصورة الرمزية شيخه الجابري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1465

شيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي في " طشوا الدنيا " عبدالله مدعج ينزف النص ،ليهيأنا لمرحلة ما بعد الإفاقة


.
.
الفعل " طشّواْ" هل هو جنون الشاعر ،أم فنون الشعر
عبدالله مدعج ينزف النص ،ليهيأنا لمرحلة ما بعد الإفاقة


هذه القراءة ليست نقدية إنها قراءة خاصة من داخل الشعور إلى عمقه


طشوا الدنيا على كتفي وراحـوا =اتركوا لي كل هالحمـل وجفونـي


" راحوا" كم قلب غناها وهو مكلوم،وكم عين عاشتها وهي مصدومة،" راحوا" فعل ماض ينتهي بانتهاء مهمة الإنسانية الصعبة،مهمة صعبة وشائكة يضعها أمامنا الشاعر المبدع عبدالله المدعج، منذ البدء من العنوان " طشوا الدنيا" ولنا أن نتخيل الدنيا كأس ماء ممتلئ،رماه في وجهك ووجه الزمن قلب تحب،وروح تعشق،وكأنه يضعك في لجة بحر مخلفا كل أتعاب الدنيا أمامك،وأنت غواص فاشل.
ثم بعد فعل فعلته تلك،تنصل وغاب،أو راح هي الأشد ألما،والأوقع فعلا،والأكثر تأثيرا،ونخرا للروح" راحوا".

الله يسامحهم اشلـون استباحـوا = دمع عيني وارحلوا ما ودعوني


ورغم أنهم استباحوا الدمع،وفطروا الفؤاد كان للقسوة مدى شاسع حتى أنهم بخلوا بلحظة وداع،كأنهم يفرّون من أمام قلوبنا ،كي لا يعانقوا دمعة حرّى،ونحن الذين منحناهم الوقت والحزن حتى تمكنوا منّا،وتغلغل حضورهم في دواخلنا،حتى أننا حين دمعة نستنجد اللحظة ،ربما تحمل شيئا من فرح،بما أن القلب المحب مسامح نادر،هم راحوا وبقي الدمع المستباح يكتب للصبر قصيدة.


كانوا الأكثر تعب بس استراحـوا = كانوا الأضيق مدى لين اسجنوني

"كانوا الأكثر تعب" ما أجمل هذه الرؤية وهذا التصوير ،كيف يجتمع التعب والجمال في صورة واحدة،ثم يكمل أنهم استراحوا،ليلقوا بالقلب الكبير في سجن هو المدى،لكنه المدى الذي يزداد ضيقا حتى تحول إلى سجن كبير محدد الزوايا بالضيق،مفارقة غريبة في هذا البيت ،تعب/ راحة/ مدى/ ضيق/ ترادفات جعلت من البيت حالة خاصة،اجتمعت في داخله موهبة شاعر ،وبراعة لغة شعرية فيّاضة.


اضحكوا ما كنهم في يوم ناحـوا=اعقلوا ما كنهـم ربـوا جنونـي


" مَا قَضَيْنَا سَاعَةً في عُرْسِهِ .. وقَضَيْنَا العُمْرَ في مَأْتَمِهِ، مَا انْتِزَاعي دَمْعَةً مِنْ عَيْنَيْهِ .. وَاغْتِصَابي بَسْمَةً مِنْ فَمِهِ" كأن بها الأطلال رائعة الدكتور ابراهيم ناجي،كأني بأم كلثوم تبكي هنا،هذه البكائية التي يزرعها في قلوبنا عبدالله مدعج تتقاطع والحزن الغزير في الأطلال،هنا ضحك وبكاء،وهناك بكاء وضحك،تالله ما يفعل بنا الشعر،وما يبعث فينا التصوير الفني في هذا النص،إنها قصيدة شاعر محترف، لَيْتَ شِعْري أَيْنَ مِنْهُ مَهْرَبي .. أَيْنَ يَمْضي هَارِبٌ مِنْ دَمِه"ِ . ولا مهرب.

كثر ما طالعتهم بالوجـه شاحـوا = قد ما اتشبث بذكراهـم نسوني

نلاحظ في النص أن فعل الجمع الكثيف يضع المرء أمام نشيد جماعي نحن من يختار توقيت غنائه ،وكل المواقيت رهنٌ بتعب،ثم أن التنقل بين حالات إنسانية متعددة يضفي عليه حلة قشيبة من الجمال والحس الفني الراقس،فيه محسنّات بديعية مبتكرة،وفيه تنويعات لفظية تتماوج بين الفعل وضده،ما أن تقرأه حتى تستنجد مرة أخرى بناجي لتجد التقاطة هنا ،جاءت هناك في تناغم رائع بين " شاحوا،ذكراهم،طالعتهم" يا لهذا التمازج الفني الرائع. و" وَمِنَ الشَّوْقِ رَسُلٌ بَيْنَنَا".
كل ماهبت رياح الشـوق فاحـوا = وين مايمّمت وجهـي حاصرونـي


"أيْنَ مِنّي مَجْلِسٌ أَنْتَ بِهِ .. فِتْنَةٌ تَمَّتْ سَنَاءٌ وَسَنَى،وَأَنَا حُبٌّ وَقَلْبٌ هَائِمٌ .. وَخَيَالٌ حَائِرٌ مِنْكَ دَنَا"،هم هكذا حين يسلبون العقل،ولهم تنصاع كل المشاعر،يصبح العمر هم،والروح هم،وقِبلة النجاح هم،والحياة هم،والابتسام هم،والنور هم،والشوق هم،كأنهم مختصر دافئ للحياة بكل ما تحمل من وجع،ألم الذكريات.

وان برق نسيانهم بالعين لاحـوا =غير عن شوقي بصورتهم مَلونـي


هنا مقاييس خاصة ،وصور دقيقة،وتصوير فني ممتع ،ومتعب في آن معا للحالة الوجدانية التي نعيشها بطيب الدنيا في نفوسنا وتبقى الصور رغم تطرد يأس الشاعر من النسيان،وحدها الصور تعيد إلينا الضياء،تستدعيه على هيئة مستعارة لتضعه أمام عواطفنا ومشاعرنا ينتزع كل شئ منا ،عدا الذكرى،وتلك الصور النابتة في أرواحنا ما تكاد تبرحها حتى تتسلل ثانية إلى مدامعنا في لحظة احتياج نبحث عنهم وما نجد خلا الصدى .
ليتهم يوم ان دمعي طاح..طاحـوا = بس لو قلبي رضى عيَت عيونـي

أمنية عذبة،لكنها مؤلمة،تخدش الروح،وتنكأ في خوافيها الجروح،لن يسقطوا " طاحوا" فعل مستعار لأمنية لا يريد لها الشاعر أن تتحقق وإن بدت ظاهرا على هيئة رغبة ملحة للتخلص من الألم،هو يعلم أنهم في الداخل يحتلون المشاعر،وإن رضي القلب بفراق،صاحت العيون بالرفض،كناية هنا فارهة " العيون " كناية عن شدة التمسك بالحبيب حد رفض النسيان ،أو الاستغناء سر الحياة.

غافلوا قلبي مسا الفرقى وراحـوا = كل شي اخذوه لكن ما خذوني ..!!

ولن يأخذوا شيئا معهم سوى القلب الذي لا يرى سواهم،والصور المشعة في الروح التي ما تأطرت إلا بهم،وما استسلمت إلا لطيف خيال،و "راحوا"."وَمَضَى كُلٌّ إِلَى غَايَتِهِ .. لاَ تَقُلْ شِئْنَا! فَإِنَّ الحَظَّ شَاء".


إضاءة :
النص منشور في صفحات مزون الشرق بجريدة الشرق القطرية هذا الأسبوع صفحات " تقاسيم على نحو ٍ ما "
http://www.al-sharq.com/articles/download.php?id=179424


 

التوقيع

.
.
اللهم احفظ وطني
دولة الإمارات العربية المتحدة

شيخه الجابري غير متصل   رد مع اقتباس