من شواهد التَّطور الدِّرامي في الشِّعر العربي القديم /
قصيدة هُروبٌ بعد الوصال لـ "عمر بن أبي ربيعة" وهي قصيدة تُدرَّس لعمق المفردة رغم ما فيها من غزل فاحش، وهذا ما يؤكد إن العرب في الجاهلية عرفت ما يسمى الآن في الغرب بالايروتيكية في الشِّعر الحديث ( Eroticism )
فَما راعَني إِلّا مُنادٍ تَرَحَّلوا
وَقَد لاحَ مَفتُوقٌ مِنَ الصُبحِ أَشقَرُ
فَلَمّا رَأَت مَن قَد تَنَبَّهَ مِنهُمُ وَأَيقاظَهُم، قالَت: أَشِر كَيفَ تَأمُرُ
فَقُلتُ: أُباديهِم فَإِمَّا أَفوتُهُم،
وَإِمّا يَنالُ السَيفُ ثَأراً فَيَثأَرُ
فَقالَت: أَتَحقيقاً لِما قالَ كاشِحٌ عَلَينا وَتَصديقاً لِما كانَ يُؤثَرُ
فَإِن كانَ ما لا بُدَّ مِنهُ فَغَيرُهُ
مِنَ الأَمرِ أَدنى لِلخَفاءِ وَأَستَرُ
أَقُصُّ عَلى أُختَيَّ بِدءَ حَديثِنا
وَما لِيَ مِن أَن تَعلَما مُتَأَخَّرُ
لَعَلَّهُما أَن تَطلُبا لَكَ مَخرَجاً
وَأَن تَرحُبا صَدراً بِما كُنتُ أَحصُرُ
فَقامَت كَئيباً لَيسَ في وَجهِها
دَمٌ مِنَ الحُزنِ تُذري عَبرَةً تَتَحَدَّرُ
فَقامَت إِلَيها حُرَّتانِ عَلَيهِما
كِساءانِ مِن خَزٍّ، دِمَقسٌ وَأَخضَرُ
فَقالَت لِأُختَيّها: أَعينا عَلى فَتىً
أَتى زائِراً وَالأَمرُ لِلأَمرِ يُقدَرُ
فَأَقبَلَتا فَاِرتاعَتا ثُمَّ قالَتا:
أَقِلّي عَلَيكِ اللَومَ فَالخَطبُ أَيسَرُ
فَقالَت لَها الصُغرى: سَأُعطيهِ مِطرَفي وَدَرعي وَهَذا البُردُ إِن كانَ يَحذَرُ
يَقومُ فَيَمشي بَينَنا مُتَنَكِّراً
فَلا سِرُّنا يَفشو وَلا هُوَ يَظهَرُ
فَكانَ مِجَنّي دونَ مَن كُنتُ أَتَّقي
ثَلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ وَمُعصِرُ
فَلَمَّا أَجَزنا ساحَةَ الحَيِّ قُلنَ لي:
أَلَم تَتَّقِ الأَعداءَ وَاللَيلُ مُقمِرُ
وَقُلنَ: أَهَذا دَأبُكَ الدَّهرَ سادِرا
أَما تَستَحي أَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ
إِذا جِئتِ فَاِمنَح طَرفَ عَينَيكَ غَيرَنا
لِكَي يَحسِبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ
فَآخِرُ عَهدٍ لي بِها حينَ أَعرَضَت
وَلاحَ لَها خَدٌّ نَقِيٌّ وَمَحجَرُ
سِوى أَنَّني قَد قُلتُ يا نُعمُ قَولَةً
لَها وَالعِتاقُ الأَرحَبيّاتُ تُزجَرُ
هَنيئاً لِأَهلِ العامِرِيَّةِ نَشرُها
اللذيذُ وَرَيَّاها الَّذي أَتَذَكَّرُ.