منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - فِلِزّ
الموضوع: فِلِزّ
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-15-2022, 04:46 AM   #6
عَلاَمَ
( هُدوء )

الصورة الرمزية عَلاَمَ

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 50467

عَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة





في وصف المترو :
كَتب فيصل درّاج ..




إن " المِترو " صورة عن المدينة الحديثة، اللاهثة، العاملة، اللاهية، التي تضيق بالسطح العلوي المحدود وتذهب إلى عالم سفلي، هو امتداد للأول ونقيض له. والمترو، في الحالين، تجسيد لشرايين المدينة، يصل بين " قلبها " والأطراف المختلفة، ويؤمّن انتقال أهلها إلى مواقع قريبة أو بعيدة. فإذا أصابه عطل أشلَّ المدينةَ (حال أهل باريس) وأربك حياتها، كما لو كان آلة مطيعة ومستبدًّا واسع النفوذ معًا، ذلك أن حياة المدينة لا تنفصل عن " المترو " ؛ ما يجعل من إضراب عماله حدثًا اجتماعيًّا في المدن الكبيرة.

ومـع أن للمتـرو سائقـه ومفتشه ورجـال أمنه، وهؤلاء العاثرين النائميـن فـوق مقاعـده -حتى منتصف الليل- والمتسولين بعزف على آلة موسيقية أو بيع " بضاعة فقيرة وغريبة " ، فإن له، في ساعات الصباح والمساء، حشوده، أو تلك " الجموع "، التي تميّز المدن الحديثة، كما أشار والتر بنيامين في أكثر من مكان، التي تجمع بين أخلاط من البشر، لهم هيئاتهم ولغاتهم، والفضول الإنساني الذي يصل بين غريب وآخر، وبين " عامل أجنبي" وسيم الطلعة وامرأة عجوز نسيت عمرها، أو تذكّرته حين كانت مُقبلة على الحياة...

الروائي الفرنسي ( روجيه فايان ) كتب عن فئة إجتماعية تركب الدرجة الثانية.. إذ سُئل عن البشر الذين تحتفي بهم كتاباته، فأجاب: " رُكاب المترو في ساعات الصباح المبكّرة"، قاصدًا بذلك "العمّال" الذاهبين إلى المصانع.

في حين ابتعد الروائي ( سيلين ) وانصرف إلى دلالة الحركة وجمالية الأسلوب. ففي روايته "رحلة إلى آخر الليل" ، التي هي من ذُرا الأدب الفرنسي في القرن العشرين، اتخذ من المترو، أو مجاز المترو بشكل أدق، موضوعًا، قرأ به:
" عالمًا سُفليًّا، وتأمل وجودًا إنسانيًّا واسع الاضطراب".
ُمُقتربًا من الفيلسوف: ( باسكال) الذي قبض على ما هو جَوهري في الوجود، وأعرض عن الظواهر النافلة:
"في المترو الإنفعالي، الذي أتعامل معه، لا أدع شيئًا للسطح " ، يقول سيلين محاولًا الإمساك "بأعماق" الواقع، وجاعلًا من الأعماق مُبتدأ لقراءة كل شيء.

ذلك أن السطح " مَطروق " وقريب من الإبتذال، يبتلع حركة ما فوقه ويشوّه دلالته، ويصيره إلى وجود رتيب فقير المعنى، على مبعدة من منظور سيلين الذي يحايثه انفعال حي ينجذب إلى الجوهري و" باطن الأمور ".
ولهذا رأى في " المترو " عَتمته وغُموضه وعُمقه، أو " ليله المُلتبس "، الغريب عن الليل والنهار العاديين.
" كُل ما أريده أراه في القاطرة العجيبة"

يقول سيلين:
" لا إمكانية للوقوف، مهما تكن ضآلته، في أي مكان ".



 

عَلاَمَ غير متصل   رد مع اقتباس