منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - خُرَافَةٌ اِسْمُهَا الْكِتَابَةُ
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-23-2014, 03:46 PM   #3
انبعاث شاكر
( كاتب )

الصورة الرمزية انبعاث شاكر

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 12

انبعاث شاكر جوهرة في الخامانبعاث شاكر جوهرة في الخامانبعاث شاكر جوهرة في الخام

افتراضي


ثم أحملُ أنفاسي على ظهرِ راحتِي أقيسُ بهَا سطورُ الكراريسِ، أقلبها يمنةً ويُسرةً، لعلّني أضعُهَا موضعها الذي تحبّهُ وتستحقّهُ!
ويسألُني الفضوليّون: ما هذَا ؟
فأجيبُ: الكتابةُ !
فيُردفونَ: وما الكِتابةُ ؟!
الكتابةُ يا قومُ روحٌ تطلعُ من نواحيهَا، حسناءُ اكتملَ جمالُها فتُظهرُ ما يجوزُ أن يظهرَ على استحياءٍ، وتخفي الباقي إلى يوم القرانِ !
وأنا يا قوم حبّبَ إليَّ من دنياكم الكتابة، فجعلتُ منها عصًا أتكئ عليهَا ماشيًا في دروبِ الحياةِ.
بل جعلتُها شرفةً أطلُّ عليكم منهَا، فكنتُ لكم قيصَرًا من غيرِ روما !
وما يضيركم إن كانَ ليسَ ثمّة تاجٌ على رأسي ؟! ما دامَ بيدي قلم. فما يضيركم ؟!
الكتابةُ الوطنُ الذي لا حدودَ لهُ ولا أعراق، ولا كرسيّ فيه ولا انقلابٌ !
الكتابةُ وطنُ من لا وطنَ لهُ، بل خارطةُ جميع الأوطان.
الكتابةُ تفحّصٌ طويلٌ لأعماقِ النفسِ، سبرٌ متأنٍّ لمكنوناتهَا، واستخراجٌ لدقائقِ أحوالها بمناقيش الزمنِ الكشّافِ.
هيَ شعوذةٌ من نوعٍ خاصٍ! فلا يكفيكَ أن تُخرج الحمامةَ من باطنِ المنديلِ، بل السحرُ يكمنُ في طريقةِ الإخراجِ.
وأنا الهائمُ في درب الحرفِ، أعالجُ لأوائي بهَا. أعالجُ غيابي بها أحيانًا، وأعالجُهَا بالغيابِ أحيانًا أخرَى.
فهيَ المصلُ الذِي أرقي بهِ نفسِي من أدوائيَ المُزمنةِ، وهيَ أيضًا الألمُ؛ استفراغٌ للأمعاءِ، نزيفٌ متواصلٌ دون هوادةٍ.
حمّى تقودني في ليالي الشتاءِ المُعتمةِ للهذيانِ، لاختزالِ مواقفِ الحياةِ في سطرينِ أو سطرٍ، أو كلميتنِ أو كلمةٍ !
أو في صمتٍ هو بمثابةِ الكتابةِ أو أبلغَ وأبينَ أحيانًا !

الكتابةُ باختصارٍ يا قوم: مأزقٌ؛ إذْ كل شيء فيها ممكنٌ، ولا شيء ممكنٌ في نفسِ الوقتِ.

 

انبعاث شاكر غير متصل   رد مع اقتباس