( 5 )
حبة رمل ملقاة بين جذور أشجار في مكان ما لعله غابة ،،
جذبت انتباهي واستحوذت عليه ببريقها ،، وبما أوحته إلي من أنها تراني كما أراها ،،
وقلقت في موضعها فلم أشك في أنها مقبلة على مغامرة وأثارت حب استطلاعي إلى أقصى حد ،،
ومضت تنتفخ رويدا حتى آلت إلى كرة مغطاة بزوائد مثل أوراق الورد ،، مرقوم على صفحاتها كلمات لم أتبينها ،،
ووثبت كأنما قذفتها قوة في الفضاء مقدار أشبار وتهاوت مرتطمة بالأرض محدثة صوتا قويا استرسل صداه فيما يشبه النغم ،،
وتمادت في الانتفاخ حتى صارت في حجم قبة ضخمة ثم انطلق منها عمود عملاق بسرعة مخيفة زلزلت لها الأشجار الفارعة حتى تلاطمت ذراها مع حشائش الأرض ،،
وانبثقت من العمود فروع لا حصر لها غاصت في الفضاء ،،
وانبسطت أوراقها كالزواحف مثقلة بآلاف الكلمات المبهمة ،،
وركبني الارتياع فعدوت بأقصى ما لدي من سرعة مبتعدا عن مركزها المتفجر ،، عدوت منها ولكني عدوت في مجالها وحضنها وقبضتها ،، فلا منفذ للهرب ولا صبر على التوقف أو الاستسلام ،،
والفورة محدودة وسطح الأرض معاند والرياح على غير ما أشتهي ،،
واستوى في شعوري البعد والقرب إزاء تلك الكينونة المتمادية في التعملق بلا نهاية ،،
إن صوت نموها الهائل يدوي وظلها يغشى الأشياء كالليل ،،
وردة فعلها تعبث بالكائنات وأطراف قبضتها تنحدر فيما وراء الأفق ،،
وتبين لي أنني لست الوحيد في المأزق ،،
وأن ملايين يلهثون من العدو ،،
وأن السحب تركض أيضا والرياح وأضواء النجوم ،،
وها هو أخي التوأم يركض بجانبي بثوبه الدامي ،،
وارتفع صوت من العدم قائلا : رفهوا عن أنفسكم بالغناء ،،
فتساءل صوت آخر رحيم : هل يطيب الغناء والمطرب يتخبط في القبضة ؟! ،،
وتحركت الحناجر تغني كل على ليلا ه ،،
وتضاربت الأصوات فانقلبت عربدة تنضح بالوحشية والجمال ،،