منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ( .. ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ .. )
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-29-2009, 04:49 AM   #1
محمد القواسمي
( كاتب )

افتراضي ( .. ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ .. )


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة







المنظْرُ الأولْ

ذهبَ صديقنـا الى شرفةٍ عالية ،
لينظرَ ماضيـهِ المجحفْ ، ليسَ هرباً وإنمـا يقولُ علماءُ النفسِ "أن المرء إن كانَ في معضلةٍ ما
وجبَ عليـه أن يبتعدَ ولو قليلا ، ليحاولَ ان يكونَ حياديَّ المشاعرْ
فتلكَ فرصةٌ كبيرة لأن يفكّر بحريّة بلا ضغوطاتْ" .
ولمّا أن وصلَ الشرفةَ وجدَ المشهدَ هـكذا .. !


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



الفصلُ الأولْ / المشهدُ الأولْ :


لنقلْ أنـا لم يكنْ بيننا أيّ شيء لنشعرَ أن فراقنـا هو وجعٌ غليظْ !
ولنحسب أن كلّ ما كانَ هو محضُ مشهدٍ مستلبٌ منَ أحدِ الرواياتِ القديمة ،
ولأنّ كلّ ما شعرنـا بهِ هو آنيّ الوقعِ ، ولا يغادرُ تأثيرهُ خشباتِ المسرحْ
فإنـي سأصدقكِ القولُ حينَ أعترفُ لكِ أنـي لم أنزعْ شخصيّتي عنّـي
وما كانَ لي عليَّ من سلطانٍ إلا أنّـي أحببتكْ !



المشهدُ الثاني :

فإنـهُ "ولوْ خيّرونـي لكررتُ حبّكِ للمرةِ الثانية"1
بنفسِ الأخطاءِ والمواقفِ ، حتّى المشكلاتِ التي كانتْ تؤلمنـي
أعيدُ القصّة كاملةً ، بلا أيّ زيادةٍ أو نقصانْ
ولو أن النهاية ستكونُ هي ذاتهـا الموجعة ، سأكررها
فقد سبقَ أن قلتُ لكِ ، أنـا - فرضاً - محضُ ممثليْنِ هاوييْن /



المشهدُ الثالث :

و وراءَ الكواليسِ أيضاً كرهٌ وحقدٌ وشرّ
ليسَ كلّ ما يكونُ على المسرحِ خيالاً أو قصّة محبوكة ،
فالممثلُ المساعد يغبطُ الممثلَ الرئيسي ، وفتاةُ المطبخِ تكرهُ البطلة
ولأنّ الممثلينَ كلّهم بشرٌ مثلنـا ، فلا عجبَ أن وقعنـا في شركهـم ،
حتّى أن منتجاً ما فضّلَ لنـا الفراقْ ،
وأعيدُ الكلامَ هنـا للتذكيرْ ،
لسـنا حزينيْنِ على أيّ شيءْ ، تذكري هذا جيداً /



المشهدُ الرابع :

لا يمكنُ أن نقومَ نحنُ بكافة الأدوارْ ،
ولا يمكنُ لأي أحدٍ أن يقومَ بأدوارنـا ، لذا فالجميعُ بخيرْ !
وإن كانَ إلغاءُ المسرحيّة أوجعَ بعضَ الممثلينْ ، فإن غيرَهم لم يتأثروا بأي شيءْ
وإن كانَت الشخوصُ التي كانَ لها الدورُ الأكبر في إلغائها قويّة فتذكري أيضاً
أن لكلّ قويّ ندّ يغلبه ، وإنه " فوق كلّ ذي علمٍ عليم " 2



المشهدُ الخامسْ :

" والله لو أن رجلاً أرادَ ان يزيلَ جبلاً ، لأزاله " 3

أعرفُ هذا ، ولكنّ لا أحدَ يمكنهُ أن يزيلَ أي شيءْ إن كانَ مبتورَ اليدْ ،
سأحاولُ أن لا أعطي لأيّ أحدٍ أي تبريرْ ، ولن أقولَ سوى حقائقْ ،
كلّ الممثلينَ سواءْ ،
ليسَ على أحدهم الذنبَ وحده ، وإن كنتُ ساعترفُ أنكِ الوحيدة التي لم تشاركي في شيءْ
إلا أن الجميعَ كان لهم دورٌ في الغاء مسرحيتنا ، وأنـا واحدهمْ
ولن أعتذرْ ، أتدرينَ لمَ ؟
واللهِ لا أعلمُ أحداً منّـا تألمَ بحجمِ ما ذقته ساعةَ أن حدثتُ المنتجْ ،
ومن لا يدري فهو في نعيمٍ بمصيبتهِ ، /




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


المنظرُ الثاني
عادَ صديقنـا إلا مكانهِ الأولْ ، مستبشراً بما قد توصلَ إليه من حلولٍ وإقتراحاتْ
ولكمْ ما كان منه بعيدَ ثلاثِ شهورٍ من مكوثهِ في الشرفة ،


الفصلُ الثاني / المشهدُ الأول :
الحلّ أيتها البطلة ، أنـا خسرنـا معركتنا
وليسَ من سبيلٍ للعودةِ الى ذاك المسرحْ مجدداً ،
إلا أنّ الأمرَ لا ينبغي أن يكونَ محزناً ، فالحزنِ - وانتِ تعلمينهُ - ليسَ حكراً علينا
فاضحكي ، أو في الأقلّ ، حاولي فعلَ ذلكْ /



المشهدُ الثاني :

ها هم بدأوا الآنَ بتذوّق إنتقامِ البطلْ ، الحمد لله
لن يشفي البطلَ ما يؤلمهم ، ولكنَ للقدرِ أن يكونَ عادلاً !
وإن ندمَ المخرجُ ، وإن لم يندم ، لا يهمّ
المهمُّ لديّ الآنْ ، هل يمكنُ أن تعودَ المسرحيّة للعرضْ !!!
حتى أنـا وأنتِ ، لا أظنّنـا قادرينَ على تحمّلِ أي شيءْ
لذا دعينـي ألبي أمنيتكِ الأخيرة ، وأنتقمْ /



المشهدُ الثالث :

أتعلمينْ ،
هم يتألمونْ الآنْ ،
وأنـا وأنتِ نرتشفَ الألمَ بتبلدّ ولامبالاة ،
وإنـي رغمَ أن قصّتنا في المسرحيّة تبددت ولا سبيلَ لأن تكونَ حقيقةً ما
إلا أننـي أحبكْ ، وسأبقى أيتها الجميلة ،
ولكِ أن تري هذا في سيرتـي القادمة !






وينسدلُ الستارْ



.................................................. ..............................................
(1) الشاعر نزار قباني
(2) سورة يوسف
(3) إبن القيّم

 

التوقيع

موازرةُ و تأييدٌ لـخيانــاتِ أصحابِ السموّ والجلالة / قاداتنـا العِظامْ

إرفع كفيكَ فوقَ الجرحِ
ليس لتوقفَ نزفهَ بلْ لتظلّله
في الظلّ صديقي ينمو الوجعُ بريئاً من كلّ الذل
وتنظرَ نحوَ اللهِ كأنكَ ناجٍ من سوءٍ عقابهْ ،
أو كأنّ الله يحاورُ فيكَ الأنفةَ
فترمي بالعزةِ تحت النعلِ
وتسجدَ مستقبلَ أمريكا
في البيتِ الأبيضِ أبيضَ ما سوّده كفر الناسِ كحجرٍ في مكّة
للبيتِ الأبيضِ يذهب كلّ إلهٍ أصغر
ليقدمَ فاكهةً أو حلوى أو وطناً قربانَ إله الكونِ الأكير
أبيض أو أسودَ لونـه ،

محمد القواسمي غير متصل   رد مع اقتباس