الحياة مدرسة مليئة بالمناهج و الدروس ، و المعلمون فيها كثير ، و الذين هم في صورة التلاميذ أكثر ، لكن لا يستفيد إلا القليل من أولئك المعلمين . معلموا الحياة أشخاص مارسوا الحياة وواقعوا التجارب فخرجوا من تجارب حياتهم بدروس و رؤى تختصر الطريق لمن يأتي بعدهم ، نظَّروا القوانين و القواعد من واقع تجاربهم ، و استقوا من تجارب غيرهم ، و نشروا ذاك كله بين الناس ، و الناس تتناقلُ الأذكياء منهم تلك الدروس .
عندما نقع على معلم في مجال من مجالات الحياة فإننا نكون قد وقعنا على كنز كبير يختصر لنا أكثر الطريق ، و يعرفنا بمواطن الضعف و مواطن القوة ، و يعرفنا بخبايا الحياة و بأسرار المجال .
كثيراً ما يفشل الناس في حياتهم في بعض المجالات في كونهم يفقدون معلماً يوجههم ، و يرشدهم إلى أقوم طريق و أسلك سبيل ، فهم يسيرون حسْب ما يتفق معهم السير ، حتى و إن اعتمدوا على قواعد و قوانين فنظرة الخبير لا يعدلها شيء .
كل مجال في الحياة له معلموه المتقنون له العارفون به ، يجب علينا أن نستقي منهم و أن نقتبس منهم ، و ألا نحتقرهم أو ننأى بأنفسنا عنهم ، فيكفينا أن خبروا الحياة و عرفوها أكثر منا .
قد يكون المعلم ليس كبيراً في السن و لكنه صاحب تجارب كثيرة ، و ربما لا تكون تجاربه كثيرة بقدر ما أنه بعيد النظرة في أعماق التجربة ، فهو يقرأ ما لم يكتب و يعرف ما لم يظهر . و هذا هو المعلم الذي لا نغادره و نبحث عنه ، و متى صدقنا في البحث عن المعلم وجدناه .
ربما كان المعلم إنساناً يعطينا دروساً بأقواله ، أو بأفعاله ، و ربما كان خلقاً آخر من خلق الله يدلنا تصرفه و فعله على درس ، و مخلوقات الله مدارس . لذا فكن على انتباه للدرس قبل المعلم .