منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - التحولات الفكرية..من عبدالله القصيمي ..إلى ..عبدالله ثابت
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-22-2006, 05:52 PM   #1
سعيد الدوسري
( كاتب )

افتراضي التحولات الفكرية..من عبدالله القصيمي ..إلى ..عبدالله ثابت




التحولات الفكرية ،أو المراجعات ،أو التراجعات ،أو التوبة ،التي بدأنا نسمع عنها في الآونة الأخيرة، أيا كانت تسميتها لا يمكن أن نفصلها عن السياق التاريخي العام للتحولات الفكرية الجذرية في تاريخ البشرية ،وما أعنيه بالسياق التاريخي تحديدا هو حالات التحول من حالة اللادين إلى الدين ،أو العكس،أو من دين إلى آخر ،أو من من مذهب داخل الدين إلى آخر ،أوحتى من طريقة لادينية للتعامل مع الحياة إلى أخرى مثلها!






هذه التحولات التي أشرت إليها لها أمثلتها في التاريخ ،فقبل الإسلام مثلا كان عرب الجزيرة مشركون ،أو نصارى ،وبعضهم كان على الحنيفية ،وكثير منهم تحول إلى الإسلام ،وآخرون رفضوا ،واعتبروا إسلام من أسلم ردة عن دين الآباء والأجداد !








أما ما يتعلق بالنتاج الأدبي والفكري للشخص المتراجع أو التائب قبل توبته ،فباستطاعته التبرؤ منه،ليس عن طريق إعلان البراءة فقط،ولكن عن طريقة إبداع أدبيات جديدة تناسب المرحلة الجديدة التي يعيشها ،ولعلي أمثل على هذه الفكرة بكعب ابن زهير الذي هجا الرسول صلى الله عليه وسلم ،فلما أهدر الرسول دمه عاد تائبا ونادما ،وأنشد قصيدته المشهورة "بانت سعاد"فعفا الرسول عنه،ولم يحاسبه على نتاجه الأدبي السابق.








أبو العلاء المعري مثلا اشتهر بشكه وإلحاده في أبيات مشهورة له والتي مع الأسف يستشهد ببعضها حتى كثير من الخطباء في المساجد دون معرفة بقائلها ،ولا ببقية القصيدة ،وأذكر منها قوله:

وينشأ ناشئ الفتيان منــا على ما كان عوّده أبوه
وما دان الفتى بحجى ولكن يـعلمه التدين أقربوه
ويقول:





أنهيتَ عن قتل النفوس تعمدا وبعثت أنت لقبضها ملكين؟
وزعمت أن لنا معــادا ثانيا ما كان أغناها عن الحالين







ويقول :
إذا كان لا يحظى برزقك عاقــل وترزق مجنونا وترزق أحمقا
فلا ذنب يارب السماء على امرئ رأى من ما لا يشتهي فتزندقا






ويقول:
هفت الحنيفة والنصارى ما اهتدت ويهود حارت والمجوس مضللهْ
اثنان أهل الأرض : ذو عقـل بلا ديــن وآخر ديِّن لا عقل لهْ






ويقول:
في اللاذقية ضجةٌ ما بين أحمد والمسيح
هذا بناقوس يدق وذا بمئـذنة يصيح
كل يعظّم ديـنه يا ليت شعري ما الصحيح ؟





ولكن يقال أن أبا العلاء رجع إلى بلده معرة النعمان ولزم منزله في عزلة ،وكان يصوم كل أيام السنة ما عدا عيد الفطر وعيد الأضحى وكان يلبس خشن الثياب وعاش زاهدا حتى وفاته سنة 449 هـ.





وإذا سلمنا جدلا بتوبة المعري ،وتراجعه فما العمل بهذا الكم الضخم من أشعاره المليئة بالشك والإلحاد ،وخصوصا رسالته الفصول والغايات.





عبدالله القصيمي الذي اشتهر عنه وقوفه في وجه الملاحدة ،وكثير من الطوائف الإسلامية،والذي كتب ( الصراع بين الوثنية والإسلام)وكتب (البروق النجدية في اكتساح الظلمات الدجوية)،وغيرها ثم بعد ذلك يتغير تغيرا واضحا في كتابه ( هذه هي الأغلال )،
وكتاب( هذا الكون ما ضميره ؟)، و(أيها العار إن المجد لك )،و (العالم ليس عقلاً). فرعون يكتب سفر التاريخ، لئلا يعود هارون الرشيد مرة أخرى.





ثم بعد أن قال فيه الشيخ محمد بن إبراهيم "لقد دفع القصيمي بهذا الكتاب مهر الجنة" يقصد البروق النجدية، يتحول إلى النقيض تماما فنجده يقول:
( طبيعة المتدين غالياً طبيعة فاترة فاقدة للحرارة المولدة للحركة المولدة للإبداع ، ومن ثم فانك غير واجد أعجز ولا أوهى من الذين يربطون مصيرهم بالجمعيات الدينية
ويقول وقد اتصف أولئك - أي الغربيون - الذين جاؤوا بالمخترعات التي نحيا بها هذه الحياة على حسابها بمعين من هذا الإيمان بالطبيعة ! ... وإن أولئك - المتدينين - يريدون كل شيء من السماء )
ويقول ( ان المسلمين تعلموا كيف يبغضون العلوم ، والكافرين تعلموا كيف يغزون الجهل
ويقول: انه من الخير والصواب ألا يميز بين الرجال والنساء في الزي ولا في العمل
ويقول: من ذلك عملية الخصاء ولعل إلزام المرأة البيت لا يقل جهالة عن هذه العملية






والسؤال المهم هو :
ما السبب الحقيقي وراء هذه الانتكاسة لطالب علم متميز كان يرجى له أن يكون من العلماء والمفكرين الكبار ؟

هل كان الغرور؟
هل كانت هذه الانتكاسة فجأة ؟
هل كانت عملية انتقال بطيئة ؟
وهل كان مقتنعاً فعلاً - قبل إلحاده - بتدينه ؟
أم أنه في الأصل غير مقتنع !
هل كان يجاري العرف والسائد فقط؟
وهل توجد بذرة الشك لدى غيره ،ولكنهم يخافون على مراكزهم؟







د. سيد القمني أيضا الذي أصدر بيانا يعلن فيه اعتزاله الكتابة وتوبته عن كل ما كتبه من مقالات وآراء في العديد من كتبه ومقالاته السابقة بسبب تلقيه تهديدا بالقتل من أحد التنظيمات الجهادية ،بعد أن ألف كتبه الأربعة‏:‏ (رب الزمان)‏،‏ و(السؤال الأخير)‏،‏ و(الحزب الهاشمي‏)، و(حروب دولة الرسول).





أيضا سعد الدوسري الكاتب المعروف في صحيفة الرياض كتب مقالا مثيرا لعلامات التعجب يقول فيه: " أعتذر اليوم عن كل الأعمال الأدبية التي تداولها قرائي، ووجدوا فيها جهداً أو اجتهاداً إبداعياً، راجياً منهم أن يعتبروها غواية شعر أو نثر، وأن يغفروا لي غوايتي لنفسي أو لهم. "




مصطفى محمود مقدم البرنامج المعروف العلم والإيمان، الذي كان مؤمنا،ثم ألحد ثم عاد مرة أخرى ،وأصدر كتابه :حوار مع صديقي الملحد!







منصور النقيدان ،مشاري الذايدي،عبدالله بجاد العتيبي،عبدالله ثابت، (كما في روايته الإرهابي 20) ، الترابي،جميعهم تحولوا من طريق إلى آخر ،كثيرون هم الذين أيدوهم على تحولهم ،وأكثر منهم الذين عارضوهم وهددوهم .






يبدو أنني سردت مجموعة من الأسماء ،بعضهم تحول من اليمين إلى اليسار ،وبعضهم من اليسار إلى اليمين ،ولكن الرابط الوحيد بينهم هو أنهم جميعا وفي مرحلة عمرية معينة،وظروف معينة، تحولوا ،وغيروا قناعاتهم الراسخة ،البعض يظنها جرأة ،والبعض يظنها خوفا ،أو ركوبا للموجة أو حتى لمجرد لفت النظر إلى المتحول ،من أجل التسويق الإعلامي لنفسه ،ولإنتاجه السابق أو القادم.





وأنت عزيزي :
هل غيرت خلال سنوات حياتك الطويلة شيئا من قناعاتك؟
وإذا كنت قد غيرت..فهل تشعر أنك تسير إلى الأفضل؟
هل مرت بأحد المحيطين بك تجربة التحول الفكري؟


صالح العسكري

 


التعديل الأخير تم بواسطة حمد الرحيمي ; 12-24-2006 الساعة 04:25 PM. سبب آخر: تنسيق الموضوع

سعيد الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس