منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - الوعود ( نص أقدم منّي )
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-19-2018, 09:03 AM   #8
ضوء خافت
( كاتبة )

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إبراهيم يحيى مشاهدة المشاركة

ضوء خافت
العذر منكِ و من قارئكِ .. سأستفيض لأن ما أثاره حرفكِ و تعقيبكِ لا يمكن
احتواءه في بضع عباراتٍ مقتضبة .

و إليكِ :
( الوعود الرطبة لا تنفع حطبًا لمن يشتكي البرد!..
و الذي يقايض قلبه بأملٍ مؤجل .. عليه ألا يتذمر في نهاية المطاف من وجوده بين الأشياء المهملة .
هناك من يخيط للحب حُلةً جميلة و يجعلك ترتديها في الحلم - فقط -
و عندما تفيق على عُريّك متأخراً .. لن تجد غير وسادةٍ مبللة تواري بها خيبتك .
هناك - أيضاً - من يحاصرك باختيارك ، يعزلك عنك و عمّن سواه ، يجردك من عينيك ليرى بهما في دروب رغبته ،
و بعدما يستنزفك ... يرحل ،
و قد وَضَعَ في صدرك حنينًا مكتملاً ، و في ذاكرتك بوصلةً مؤشرها - دائمًا - باتجاهه ).


أشكرك يا إبراهيم الغائب الحاضر ... لأنك أبكيتَني في هذا الصبح الجميل ..
حيث أن الطقس و الطقوس التي تحيط بي دعتني لأقرأ بهدوء و استيعاب أفتقده منذ مدّة ..
لقد حدث أنكَ أجدت صقل ذاكرتي بعباراتَك التي تشبه الماء الذي يجري هنا منذ عصور ... و لن يستوقفه حجر سكوت ..


هذه السطور القصيرة أعلاه هي في عمر نصّكِ تقريبًا - و هي بيت القصيد ، قد تكون أصغر سنًا و أكبر حزنًا - ،
كتبتها ذات خيبة في عالمٍ افتراضي ، و لأني لا أكترث لـ " التوثيق " فقد نسبها البعض لنفسه ،
و آخرون نسبوها للأديبة / غادة السمان .... تخيّلي!
اختلاط أنساب الكلمات ... لن يجردها من حقيقة انتماءها و دم الكاتب لا زال يجري في عروقها و إن حقنوها في ذاكرة غريبة .. و كما أن الأم تدرك أن هذا الرجل الذي سلبوها إياه و هي رضيع هو ذاته الذي خرج من أحشاءها ..
الكلمات التي ينجبها الكاتب من رحم معاناته و صدق مشاعره .. يعرفها حتى لو تبناها كتاب لا صاحب له ..

لا تطيلي الوقوف عند السطرين الأخيرين .. و اهتمي قليلاً بالآتي :
قال أحد النقاد عن موت الشاعر آرثر رامبو : ( مات في سنّ الأربعين ، و هو العمر الذي يليق بموت شاعر! ) .
المشاعر الفتيّة .. خلاّقة ، تحتاج فقط لشيءٍ من التهذيب كي تصعد سلم العبقرية ، في الأدب و في غيره .
المبالغة و الانضباط في التنقيح و التزويق تسلب من النص روحه المبدعة و تُحيله لصناعةٍ جامدة و ذات جودة - ربما - ،
و هذا خليقٌ بـ " مهندس " آلات ، لا بـ " مهندس " كلمات .

و بالعودة لـ نصّك :
هو بلا تكلّف ، شفيفٌ شغوف ، يتسلل للنفس في مهارة سارقٍ محترف ،
ينساب كـ قطرات الندى على تويجات الشعور ، يشي بالحياة و الحب معًا .
حافظي عليكِ طفلةً يا ضوء .. لأجلنا و لأجلك .
الأخ إبراهيم يحيى ...
بعض ما نكتبه و إن عفى عليه الزمن و آل للنسيان بكل دوافعه المنسية المهمَلة ..
يحدث أن نتعثر به صدفة ... و نستسلم لموجة من الضحك المبكي ... ليس لشيء إلا لأننا كنا شيئاً يُذكر ..
و إني بقراءتكَ لي و قراءتي لردك الذي اعتبره نصاً أدبيا ذا كيان مستقل .. أيقنت أني لا زلت أتهجأ على طريق الكتابة ..
أما عن طفولتي ... لقد شاب القلب يا إبراهيم .. و شاخ به الشعور ..
و لأجلنا ... عُد و اكتب

 

ضوء خافت غير متصل   رد مع اقتباس