منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - الجانب المظلم
الموضوع: الجانب المظلم
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-19-2020, 05:34 PM   #5
الطاهر حمزة
( كاتب )

الصورة الرمزية الطاهر حمزة

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 0

الطاهر حمزة لديها سمعة وراء السمعةالطاهر حمزة لديها سمعة وراء السمعةالطاهر حمزة لديها سمعة وراء السمعةالطاهر حمزة لديها سمعة وراء السمعةالطاهر حمزة لديها سمعة وراء السمعةالطاهر حمزة لديها سمعة وراء السمعةالطاهر حمزة لديها سمعة وراء السمعةالطاهر حمزة لديها سمعة وراء السمعةالطاهر حمزة لديها سمعة وراء السمعةالطاهر حمزة لديها سمعة وراء السمعةالطاهر حمزة لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي ما قبل الوصول


عندما اخترقت الرؤوسُ المعدنيةُ المدببةُ صدري وحنجرتي وفرقت أضلعي؛ ابتلعتُ صوتي. كنتِ تشاهدينَ التلفازَ حينَها. لكم تمنّيتُ أن تعرضَ القناةُ جميعَ حلقاتِ مسلسلكِ المفضلِ حينها، ريثما يجد المسعفون طريقةً لاستئصالِ نصفي المقدّدِ من السُّور.
ما الذي دعاكِ للخروج إلى الشُّرفة؟ سمعتُ صراخِك القادم من الأعلى؛ لكنني لم أقوَ على الإلتفاتِ، فجسدي الآن مثبّتٌ إلى شوكةِ طعامٍ كبيرةٍ وصدئة؛ كما أنّ طعمَ المعدنِ أثقلَ لساني. على أيّ حالٍ كنتِ في طريقِك إليّ.
كان الدمُ ينسابُ دافئاً على ذراعِي إلى باطنِ يدِي، التي وحّدت تعرجاتُها مسارَهُ إلى سبّابتِي، فتساقطَت قطراتُه على البلاطةِ البيضاء المُتصدِّعة: قطرةً بعدَ قطرة؛ كصُنبورِ ماءٍ عطِش. جزيئاتُ قطراتِ الدمِ المتطايرةِ والمرتدة من اصطدامِها بالأرضِ، تبدَّتْ لي أبعادُها واضحةً جليّةً؛ عرفتُ أقطارَها وأحجامَها، ودرستُ تناثرَها وتشظِّيها إلى ذراتٍ أصغرَ فأصغر؛ لكن بلورتين غطّتا عينيّ، فأضحى المشهدُ ضبابيّاً.
اختلطت الأصواتُ بالأسفل وما زلتُ معلّقاً فوقَ جمعٍ من الفضوليين، الذين لم يفعلوا شيئاً لإنزالي بعد. لم يبدُ أنّ أحداً يهتم. اختفى المُسعفُون، وسيارةُ الإسعاف قد بح صوتُها؛ فآثرت السكوت.
لم تصِليني بعد يا أمّاه، والأصواتُ حولي بدأتْ تذوب وتتلاشى. كنت قد بدأتُ أشعر ببردٍ شديدٍ يسري عبرَ جسدِي الذي يرتعدُ بشدةٍ كمحركِ سيارةٍ خرِبة.
كقطرةٍ حبرٍ في كوبِ من الماء: بدا بين الجموعِ الضبابيّة شبحٌ أسود. اقتربَ حتى وقفَ على اللوحِ الأبيضِ الملطّخِ بالأحمر القاني، تحتَ رأسِي مباشرةً. لم تأخذ قطرةُ الدمِ الأخيرةِ هذه وقتاً، حتى أسمع صوتَ ارتطامِها الخافتِ، وجزيئاتها التي لم تتناثر هذه المرة؛ كأن الظلّ قد قام بامتصاصها.
ها قد أتى صوتُك بعيداً _يا عزيزتي_ كقطارٍ أخيرٍ؛ وها أنا الآن أغادرُكِ كمحطّةٍ مهجورةٍ بلا مُسافرِين. أغادرُك محمُولاً إلى الجانبِ الآخرِ من القمر؛ فلقد اتضح أن للظلّ جناحان، وقرنان أيضاً..

 

التوقيع

فلنهرب معاً إلى اللا مكان؛ و إلى ما قبل الزمان..

الطاهر حمزة غير متصل   رد مع اقتباس