السادسة
زهرة القرنفل
وهي مختارات من قصائد العباس بن الأحنف بن الأسود الحنفي اليمامي، أبو الفضل. شاعر غزل رقيق، قال فيه البحتري: أغزل الناس. أصله من اليمامة (في نجد) وكان أهله في البصرة، وبها مات أبوه. ونشأ هو ببغداد، وتوفي بها، وقيل بالبصرة. خالف الشعراء في طريقتهم فلم يمدح ولم يهج، بل كان شعره كله غزلاً وتشبيباً .
قُلتُ غَداةَ السَبتِ إِذ قيلَ لي
إِنَّ الَّتي أَحبَبتَها شاكِيَه
يا أَيُّها القائِلُ ما تَشتَكي
قالَ بِها عَينٌ تُرى بادِيَه
فَقُلتُ عِندي إِن تَشَأ رُقيةٌ
لا تَقصِدُ العَينُ لَها ثانِيَه
قَرَأتُ حا ميمَ وَعوَّذتُها
بِالطورِ طَوراً ثُمَّ بِالغاشِيَه
يا رَبُّ فَاِسمَع وَاِستَجِب دَعوَتي
عَجِّل إِلى سَيِّدَتي العافِيَه
_____________
لَقَد جِئتُ الطَبيبَ لِسُقمِ نَفسي
لِيَشفيها الطَبيبُ فَما شَفاها
فَأُقسِمُ جاهِداً لَوَدِدتُ أَنّي
إِذا ما المَوتُ مُعتَمِداً أَتاها
بَدا بي قَبلَها فَلَقيتُ حَتفي
وَلَم أَسمَع مَقالَةَ مَن نَعاها
__________
لَيسَ الخَلِيُّ مِنَ الهَوى كَمُعَذَّبٍ
لَم يُمسِ مِن حَرِّ الهَوى خِلوا
حَسبُ الهَوى بَلوى فَقَد بَلَغَ الهَوى
بي يا مُحَمَّدُ غايَةَ البَلوى
أَبقى الهَوى لِأَخيكَ نَفساً حُرَّةً
حَسرى وَجِسماً ناحِلاً نِضوا
وَإِذا اِنتَهى العَياءُ بِأَهلِهِ
يَوماً فِداءُ أَخي الهَوى الأَدوى
_________
وانشد في محبوبته واسمها ظلوم
ظَلومُ يا مُنيَةَ مَولاها
يا زينَةَ الدُنيا وَمَهناها
يَنظُرُ مَولاها إِلى وَجهِها
فَقَلَّما يَهتَمُّ مَولاها
ظَلومُ يا تِلكَ الفَتاةُ الَّتي
زَيَّنتِ الدُنيا بِمَرآها
تُضيءُ بِاللَيلِ إِذا ما بَدَت
أَزَّرَها الحُسنُ وَرَدّاها
يا أَيُّها السائِلُ عَن وَصفِها
لَقَد وَصَفنا لَو بَلَغناها
إِنَّكَ لَو أَبصَرتَها مَرَّةً
أَجلَلتَها أَن تَتَمَنّاها
لَم نَدرِ ما الدُنيا وَما طيبُها
وَحُسنُها حَتّى رَأَيناها
فَقُل لِقَومٍ حُرِموا أَن يَروا
وَجهَ ظَلومَ اِستَرزِقوا اللَهَ
___________
تَطاوَلَ بي سُهادُ اللَيلِ حَتّى
رَسَت عَينايَ في بَحرِ السُهادِ
وَباتَت تُمطِرُ العَبَراتِ عَيني
وَعينُ الدَمعِ تَنبُعُ مِن فُؤادي
_____________
مَتى يُكونُ الَّذي أَرجو وَآمُلُهُ
أَمّا الَّذي كُنتُ أَخشاهُ فَقَد كان
اما أَقدَرَ اللَهَ أَن يُدني عَلى شَحَطٍ
جيرانَ دِجلَةَ مِن جيرانِ جَيجانا
عَينُ الزَمانِ أَصابَتنا فَلا نَظَرَت
وَعُذِّبَت بِفُنونِ الهَجرِ أَلوانا
يا لَيتَ مَن نَتَمَنّى عِندَ خَلوَتِنا
إِذا خَلا خَلوَةً يَوماً تَمنّانا