منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - القرار
الموضوع: القرار
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-31-2018, 08:06 PM   #1
طاهر عبد المجيد
( شاعر وكاتب )

الصورة الرمزية طاهر عبد المجيد

 







 

 مواضيع العضو
 
0 صراحة
0 قلب أب
0 عرض
0 زمن القهر

معدل تقييم المستوى: 2032

طاهر عبد المجيد لديها سمعة وراء السمعةطاهر عبد المجيد لديها سمعة وراء السمعةطاهر عبد المجيد لديها سمعة وراء السمعةطاهر عبد المجيد لديها سمعة وراء السمعةطاهر عبد المجيد لديها سمعة وراء السمعةطاهر عبد المجيد لديها سمعة وراء السمعةطاهر عبد المجيد لديها سمعة وراء السمعةطاهر عبد المجيد لديها سمعة وراء السمعةطاهر عبد المجيد لديها سمعة وراء السمعةطاهر عبد المجيد لديها سمعة وراء السمعةطاهر عبد المجيد لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي القرار


القرار
د. طاهر عبد المجيد

تَعِبَ الطريقُ ولمْ تَزَلْ خطواتي
في ليل غربتنا تسابقُ ذاتي

يا قبلتي في الحبِّ كم عانقتني
من قبل أن ألقاكِ في صلواتي

أمشي وأمشي والخُطا تَعِدُ الخُطا
بالنورِ عند تقاطع الظُّلماتِ

وعلى الطريقِ حواجزٌ وخنادقٌ
وحقولُ ألغامٍ من اللاءاتِ

لا الحُلم بدَّده الصَّباحُ ولا أنا
ألقيتُ في مينائهِ مرساتي

وكأنَّ شيئاً ما أصاب عزيمتي
بأذيَّةٍ فاستسلمتْ خطواتي

ورجعتُ مهموماً بعمرٍ قد مضى
ومشى عليه الموتُ بالممحاةِ

وخَلَوتُ بي زمناً أفكِّرُ كيف لي
أن أخزنَ الأعوام في ساعاتِ

وبأي شيءٍ سوف أُنجزُ غايةً
ثارتْ عليَّ ووحَّدت غاياتي

ما زلتُ أطرقُ كلَ يومٍ فكرةً
حتى طفا حزني على قسماتي

وعرفتُ أنِّي لن أراكِ بغير أنْ
أرقى إليكِ على حطامِ حياتي

وكأنَّها عبءٌ ثقيلٌ لم يعدْ
في قدرتي ببقائها أنْ آتي

ما اخترتُ يوم ولادتي لكنَّني
قرَّرت أنْ أختار يوم مماتي

وصل القرارُ إلى دمي متأخراً
فتوهجت عينايَ كالجمراتِ

وتدفَّقتْ كالموجِ نحو مسامعي
صرخاتُ من قُتِلوا بغير أداةِ

هي لحظةٌ أكلتْ سنيَّ ترددي
وأتتْ على صبري وطولِ أَناتي

لم تُبقِ من زادي الذي أعددتهُ
إلا دمي وتفاؤلي وصلاتي

وحنين كلِّ مشردٍ لم يبق في
عينيهِ ما يُخفيهِ من عَبَراتِ

ممن تعوَّدَ أن يَبُثَّكِ شوقهُ
بَوحاً يُحَمِّلهُ على النَّسماتِ

أما أنا فالشوقُ أكبرُ من فمي
ماذا أقولُ وفي فمي مأساتي

أنا يا بلادي لستُ إلا شاعراً
وَجدَ اتِّجاهَ الحرفِ غيرَ مُواتي

فهجرتُ صوتي وانتميتُ إلى دمي
ودفنتُ في صمتِ المدى كلماتي

بدمي أخطُّ على الترابِ قصائدي
قلمي سلاحي والجراحُ دواتي

قد لا أكونُ رأيتُ وجهَكِ قبلما
رسمَ الهوى لكِ أجملَ اللوحاتِ

لكنَّني أبصرتُهُ في صورتي
لما نظرتُ إليكِ في مرآتي

فالحزنُ في عينيكِ أحملُ لونَهُ
في أدمعي الحَرَّى وفي آهاتي

والصمتُ في شفتيكِ أكتمُ سرَّهُ
في رعشةِ الذكرى وفي نظراتي

ووفاؤُكِ المحبوسُ في ميعادهِ
وهدوءُكِ المعهود في الأزماتِ

والكبرياءُ يفيضُ منكِ جداولاً
هي كلُّها لو تعلمينَ صفاتي

فلتعذريني يا بلادي إنْ أنا
أخطأتُ في تقديرِ ما هو آتي

وغفلتُ عن طولِ المسافةِ بيننا
وحسابِ ما في العمرِ من سنواتِ

لم ألقَ غيرَ الموتِ فيكِ وسيلةً
لبلوغِ أقصى العمرِ في لحظاتِ

لأريحَ قلبي من عذابٍ لم يدعْ
لي من جميلِ الصبرِ غيرَ فُتاتِ

كم ساقني شوقي إليكِ ولم أكنْ
أحصيتُ ما في القلب من دقَّاتِ

أمشي على جمراتِ شوقي مُسرعاً
ودمي يُسابقني على الطرقاتِ

حتى سقطتُ مضرَّجاً بمشاعري
ورجعتُ محمولاً على الهاماتِ

وغداً إذا عادَ الرفاقُ تَذكَّري
أنْ تَسأليهمْ هل أَتَوْا بِرُفَاتي

لا تتركيهمْ ينكثونَ بوعدهمْ
في زحمةِ الأفراحِ والحفلاتِ

فإذا أتَوْكِ بهِ خُذيهِ وَرَتِّلي
لدقائقٍ ما شئتِ من آياتِ

ثم انثريهِ على مساحةِ حُبِّنا
لأُعانقَ الوديانَ والهضباتِ

وأسمِّدَ الأرضَ التي اشتاقتْ لنا
واشتاقَ فيها الصخرُ للإِنباتِ

كم كنتُ أرجو أنْ أراكِ وفي يدي
تاجٌ يليقُ بأجملِ الملكاتِ

وعلى فمي أُنشودةُ النَّصرِ التي
أعددتُها قدسيَّةَ النغماتِ

لكنها الأيَّامُ رغمَ وُعودِها
غَدرتْ بنا في أصعبِ الأوقاتِ

 

طاهر عبد المجيد غير متصل   رد مع اقتباس