منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - رواية(في غياب..حيث ترقد الذكريات..لا تموت)
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-2020, 03:34 AM   #21
ميساء محمد
( ثبات )

الصورة الرمزية ميساء محمد

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 45176

ميساء محمد لديها سمعة وراء السمعةميساء محمد لديها سمعة وراء السمعةميساء محمد لديها سمعة وراء السمعةميساء محمد لديها سمعة وراء السمعةميساء محمد لديها سمعة وراء السمعةميساء محمد لديها سمعة وراء السمعةميساء محمد لديها سمعة وراء السمعةميساء محمد لديها سمعة وراء السمعةميساء محمد لديها سمعة وراء السمعةميساء محمد لديها سمعة وراء السمعةميساء محمد لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي الفصل الرابع-الباب الأوّل:


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
طوط..طوط..طوط

هذا الصوتُ أعرفه جيّداً، وأعرف أيضاً أنّ تغيّر نغمته تعني أنّني سقطتُ في الهاوية ما عدتُّ على شفيرها،فلقد اعتدتُّ على سماعه،واعتدتُّ أيضاً على متاهة الظلام هذه،فشهرٌ كاملٌ بأيامه ولياليه كفييلٌ بأن أحظى بمسحة الاعتياد هذه،على كلٍّ،لستُ الوحيد الذي اعتاد،فلقد اعتاد الضابط ناصر على زفرته عقب جلسات التحقيق؛ التي لم يجني منها غير خيوط متناثرةٍ هنا وهناك،متساءلاً عن الإجابة المتوارية خلف حدثٍ بسيطٍ ،وكلمةٍ بسيطة،في سجلات هاتفي،وزوايا غرفتي،في المكان الذي سقطتُ فيه مضرّجاً بدمائي.

واعتاد والدي على مسحة الخيبة التي تطوّق سير قضيتي،وعلى أنّ قضيتي عُلّقتْ لحين إفاقتي،لقد اعتاد على الحوقلة،الآن.. أدرك جيّداً معنى أن تذكر الله في الرّخاء ليذكرك في الشدّة،واعتادت والدتي أن لا يفتر لسانها عن الدعاء لي،فهي على يقين بأنّ دعوةً واحدةً كفييلةٌ بأن تُوقف عقارب الزمن ليُعاد ترتيب كل شيء،لأجل ذلك.. كانت تدعو الله أن يرفع البلاء عنّي،وأن يُخرس تنبؤات الأطباء باحتمالية موتي،واعتاد محمد-الصورة المطابقة لي-على أن يعزل نفسه غالب وقته،اعتاد أن يبقى جوفه خاويا من كل شيء إلا من صورتي التي رآني فيها مسجى على عتبة باب منزلنا،أيضاً ندى اعتادت الأمر، اعتادت أن تتصنّع القوة من أجلنا ، كانت تساند أبي ،تواسي أمي،و تحاول أن يتخطّى محمداً صدمته،وحين تواتيها الفرصة؛ تدخل غرفتها فيتلاشى صمودها، تتلاشى قوتها، وتظلّ تنتحب،كما لو أنّها كانت تتقيّأ وجعها،لتستردّ بعضاً من ثباتها،أمي كانت تعرف كل ذلك، وكانت حزينةٌ عليها،لأنّها تُدرك جيّداً عواقب الكتمان،تُدرك جيّداً معنى أن يُمارس المرء التظاهر بالثبات وفي داخله شكوى وألف رجوى،تتمنّى لو كان بإمكان ندى أن تُظهر بعض حزنها لربما كانت وطأة وجعها أخفّ حدّة..


ولقد اعتاد طبيبي على خيبة نتائج توقعاته، اعتاد أن يُخربش بملاحظاته في ملفٍّ خاصٌّ بي كلما تابع حالتي، ثمّ يدسه بين مجموعةٍ من الملفات،مازال يشعر بالأسى حيال نفسه ومستقبله..وكنتُ بدوري أنطفئ شيئاً فشيئاً منذ اللحظة الأولى التي أغمضتُ عيني،اللحظة التي كان يصرخ فيها محمداً في وجهي بأن أُبقي عينيّ مفتوحتين، ولم أقدر..كنتُ الوحيد الذي لم ألحظ انطفائي،بينما لاحظ ذلك من هم حولي،و لم تكن عائلتي تتركني أقتات وجعي لوحدي..

يجتاحني الأنين،أضعاف أضعاف يوم أن جرّوني لغرفة العمليات،وكأنّ بصخرةٍ ضخمةٍ تجثم على صدري،بينما يتداخل جمعٌ غفيرٌ من الصور والذكريات المبهمة في بعضها البعض،وكأنه يشكل غشاوة على عيني، كنتُ أدفع رأسي بصعوبةٍ بالغةٍ إلى اليمين،ومرة إلى اليسار،وكأنّ ذراعيّ تتخبّطان خشية الغرق،والحقُّ أنّي كنتُ أحاول،يا إلهي،ينحسر الهواء في رئتيّ وكأنّ البحر ابتلعني بالكامل، لم أشعر بالأطباء الذين جاءوا لنجدتي،لم أشعر بقلقهم وهم يحاولون لملمة فتات الأمل المتناثر هنا وهناك،لم أشعر إلا بالصعق الكهربائي،كنتُ ممتنّا لهذا لجهاز تخطيط القلب الذي صرخ وطلب الغوث، بعد أن كنتُ ممتنّ لله الذي أعادني مجدّداً للحياة..
الحمدلله




ملاحظة:أتمني أن يُغفر إهمالي وتسويفي لأعمالي🙏

 

التوقيع

على الغرباء أن يبقوا غرباء وإلّا تصرّفنا..

https://mobile.twitter.com/Mais___aa


https://t.me/March009

ميساء محمد غير متصل   رد مع اقتباس