منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - تفاصيلي مع القمر
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-29-2009, 02:24 AM   #3
بثينة محمد
( كاتبة و مترجمة )

الصورة الرمزية بثينة محمد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 20

بثينة محمد غير متواجد حاليا

افتراضي


الفصل الأول :
[ لا شيء سوى الخيال ]



" أنت ، من أنت ..

أبوح برسائلي ..

هل ألتقيك يوما ؟!

هل أكتشف أحلامي و أوهامي فيك يوما ؟!

يأخذني إليك هاجس غريب يتيم ، بلا وطن ..

حتى إذا انتهت مشاعر الحب .. غدا الخيال مسرحي إليك .. "

أطرقت رأسي أفكر ، وحيدة على ذاك المقعد الحديدي العتيق في المنتزه ، و الظلام يكسو ما

حولي . ظلام آسر ، يعطيني الهدوء اللازم لاستشعار أشياء اكتشفها عنك . أسمع خطوات أقدام مسرعة . ضوء ينهمر

علي فجأة !. إلهي ، هل جئت يا أنت ؟!!. صوت يسألني بحذر و استنكار : ( - آنستي ، ماتفعلين

هنا في هذه الساعة ؟! . ) .
إنه ليس أنت . إنه شُّرَطي !.

رفعت رأسي بهدوء ، و نظرة شاردة في عيني زادت ذلك الشُّرَطي استنكارا : ( - آنستي ، هل أنت

بخير ؟!. )
. أطرقت رأسي مجددا ، تنهدت بقوة ، و أخذت نفسا طويلا . نظرت إلى موقع أقدامي . كان هناك

زهرة وردية ملقاة بجانب قدمي اليمنى ، و بجانب قدمي اليسرى كانت ورقة ساقطة من إحدى الأشجار . فكرت :

( كان لهذه الزهرة أن تكون منك يا أنت !. إنه الخريف قد حلَّ ، يا ترى ، هل ستأتي قبل الربيع ؛

حتى نحتفل بانتهاء سقوط أشيائي ؟!. ) .
ذلك الصوت عاد يزعجني مجددا ، ضحِكْتْ . إنني أنا من أقلقت أفكاره

الطبيعية عن الناس !. شددت معطفي حولي ، و رتبت خصلات شعري ، وقفت ، و ابتسمت : ( --

استميحك عذرا سيدي الشُّرَطي ، لقد سرحت قليلا . لا تقلق ، فأنا لست مشرَّدة أو ما شابه .) .
أمسكت عن

الكلام أفكر بقلق : ( يا إلهي ، هل أبدو كمتشردة ؟!!. لمَ نسيت مرآتي في المنزل ؟!. يجب على

السيدة المحترمة أن تبدو دائما بمنظر لائق!.)
تذكرت الشُّرَطي . استطردت : ( -- عموما ،

سوف أعود الآن إلى وكري . عمت مساءا سيدي الشُّرَطي . ) .
ذهبت أفكر تاركة الشرطي المسكين يتابعني

بنظره بذهول : ( لم قلت أنني سأعود إلى وكري ؟!. أوه ، كلا ، لن أسمح لتلك الأفكار الغريبة

بمعاودتي .).
و بدأت أخاطب نفسي : ( كلا ، كلا يا بثينة . عليك أن توقفي هذه الخيالات

المخيفة . لن تقومي بالتحول إلى خفاش حتى لو كان هذا فقط من باب الخيال !. لن أسمح بهذا .) .
ابتسمت

لنفسي . من الجميل أن يستطيع المرء مصادقة نفسه ، و من المضحك المبكي أن يكون الانسان بهذه الدرجة من الوحدة !.

عدت إلى المنزل . لم تساورني أي رغبة بفتح الأنوار. يبدو أنني فعلا سأتحول إلى خفاش في هذه الليلة!. رغم

عقلي المسكين الذي يتكلم عن السيدة المحترمة و ما يجب أن تكون عليه . أحيانا ، يتصرف عقلي بسطحية تمليها عليه

عادات تتسم بالاعتباط مفروضة عليه اجتماعيا . حقا ، إن عقلي يحتاج إلى إجازة .

نظرت من النافذة . يا ترى كيف تعيش الخفافيش ؟!. لطالما لفتت نظري ، رغم أني لم أر واحدا من قبل . كل ما

أعرفه أنها عمياء ، و سمعها حاد جدا ، و كل ما يشبهها في ذاكرتي هي أفلام مصاصي الدماء !. غريب جدا ، عشت

عمياء لفترة من الزمن ، و سمعي أيضا كان حاد !، على الأقل ، هذا ما أظنه. يا ترى ، لو استمع إلي صديقتاي ، أنا على

يقين من أن " أحلام " ستوبخني و تسخر من عجب خيالي ، و تقول لي : ( بثينة ، عليك أن تكفي

عن التفكير بهذه الطريقة و إلا ربما تحولت إلى خفاش يوما ما !، و حينها لن نكون أصدقاء ؛ لأن الخفافيش كريهة

جدا !.).
أما عزيزتي " نوف " فسوف تضحك ملء شدقيها و تنظر إلي بحنان و تقول

:( دعك من هذا الهراء . كيف يعقل أن تصبحي خفاشة !!.) ، و من ثم سوف نتحدث عن

طفلتها التي تنتظر ولادتها بكل شوق !. أسندت رأسي على حاجز النافذة مبتسمة من جديد : " كم

أحبهم !! "
.

تثائبت معلنة انتهاء ليلتي و عودتي إلى صوابي . قلت كأني أخاطب ماخلف النافذة : (

سأذهب للنوم ، و أتمنى من كل قلبي ألا تراودني أية أحلام عن الخفافيش ؛ لأني بصراحة أعتقد أن رائحتها نتنة ، و أنها

شريرة أيضا !. )
، يا للغرابة !!، ربما هناك نزعة شريرة فيَّ تدفعني لتمني تجربة العيش كخفاش ، أو ربما

هي رغبتي في الإثارة !.

 

التوقيع




بثينة محمد غير متصل   رد مع اقتباس