منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - يوم الاستقلال!! ( قصة قصيرة)
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-29-2019, 09:26 AM   #4
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


حلقة 2

تعود أبناء العالم الثالث على أن مشاهدة الأطباق الطائرة لا تحدث
إلا في دول العالم الأول دائماً.. وكأن ظهور طبق طائر لرجب بائع
الكبدة مثلاً، أمراً مبتذلاً سخيفاً يتناقض مع الذوق العام.
لكن لسبب ما بدأ سكان العالم الثالث في تلك الفترة يسجلون مشاهداتهم
أيضاً لتلك الصحون الغامضة .. وكأن لسان حالهم يقول متشدقاً لسكان
العالم الأول: أن الرؤوس قد تساوت أخيراً.. لكن بعض الساخرين علق قائلاً :
بل هذا دليل على أن حال الكائنات الفضائية قد تدهور، وجار عليهم الزمن فلم
يعد يتمكنون من الظهور لعلية القوم.
المهم أنه لم يعد يمر يوم بدون تسجيل مشاهدة من تلك المشاهدات، ومع وجود
أجهزة المحمول الحديثة، ومواقع التواصل التي صارت هي البديل عن نشرات
الأخبار تحول الأمر إلى ما يشبه اليقين..
ترك الناس الحديث عن الأسعار والغلاء وصار لا حديث لهم إلا الصحون الطائرة
التي تمرح في سماء عالمنا الثالث..
ـ هراء.. الحكومة تريد التغطية على فشلها ببث مثل تلك الشائعات المضحكة..
هل سمعت عن الرنجة الحمراء التي تضلل كلاب الصيد؟..
قالها عبد الصمد لخالد وهو يسلمه المحل عند السادسة مساء.. فرد الأخير ببراءة :
ـ أنا أحب الرنجة بشتى ألوانها كما تعلم .. لكن ألم يجدوا غير تلك الشائعات الساذجة
التي لا تمت لثقافة المواطن العادي بصلة؟..
ـ يبدو أن الحكومة الجديدة ثقافتها أمريكية.. معظم الوزراء قضوا نصف حياتهم
بالخارج..ولا يدرون أنه لو وجد أحدنا طبقاً طائراً لظن أنه طبق فول (ديليفري).
قالها عبد الصمد ثم مضى إلى بيته في شموخ العارفين ببواطن الأمور، وترك
خالد يتابع على شاشة المرئي تكذيب رسمي لشائعات ظهور أطباق طائرة في
القاهرة.. هناك كذلك تكذيبات مماثلة في عدة مدن عربية..
قال خالد وهو يقلب بصره بين القنوات :
ـ الحكومات تنفي فمن وراء تلك الشائعة السخيفة؟
ـ إنهم اليهود.
التفت خالد ليجد ذلك الزبون الذي وقف على أعتاب المحل واضعاً كفيه في
جيبي سرواله وهو يمط شفتيه مشمئزاً لسبب غير مفهوم.. إنه واحد أخر
من أولئك العالمين ببواطن الأمور.. لقد سار عددهم ينافس عدد الشائعات نفسها..

***

" لماذا يصدق الناس في العالم الثالث شائعة الأطباق الطائرة؟"
هذا السؤال هو عنوان حلقة جديدة من حلقات أحد البرامج الفضائية التي لم يعد
يهم المواطن حفظ أسمائها.. لأنها كلها ذات مضمون واحد.. الفارق الوحيد أن
هذا برنامج الإعلامي فلان وهذا برنامج الإعلامي علان.. وكفى..
هناك طبيب نفسي كبير سيتولى تحليل نفسية المواطن الذي صار يتحدث لسبب
ما عن ظهور أطباق طائرة بدلاً من الحديث عن الجن والعفاريت..
ظل يتحدث نصف ساعة عن الأنا العليا التي اضمحلت بسبب زيادة الاتساق البرعوثي
وتدهور الدكتافونيا.. بعدها انهالت عليه مكالمات من أولئك الذين شاهدوا تلك الأطباق
وسجلوا مشاهداتهم تلك ومستعدين لإرسالها إليه لعرضها في البرنامج.. في نهاية الحلقة
صار وجه الطبيب النفسي أحمراً كالطماطم.. وبدا كأنه بحاجة ماسة لزيارة طبيب
نفسي بعد الحلقة.
أصحاب القنوات التي تتبنى الشائعة يأتون بضيوف ضعاف الحجة ليؤكدوا الشائعة..
والعكس صحيح.
وانتهت الحلقة وقد حققت أعلى نسبة مشاهدة كما هو متوقع..
قال والد نجلاء وهو يغير القناة:
ـ هؤلاء لا يهمهم إلا نسبة المشاهدة وفقط.. وليذهب الشعب كله إلى الجحيم.
أما خالد فكان ما يشغل همه بعد شرب كوب العصير الذي قدم له، هو أن يجد
جملة مترابطة يقولها للسيد الوالد..
لماذا قرر أن يأخذ القرار الآن؟
هل هي الحاجة لعمل شيء ما كما يقال؟.. هل هو جنون الشباب الذي يجعلهم يقدمون
على قرارات غير مدروسة؟..
أم أن حديث الناس عن قرب الساعة دعته لأن تكون الفسيلة التي سيغرسها قبل
النفخ في البوق هو أن يتزوج نجلاء وبسرعة.
ها هو أخيراً قد قرر أن يفتح فمه ليقولها.. بعد كل سنوات التردد والمعاناة سيقولها..
لكن قبل أن ينزلق الهواء فوق أحباله الصوتية صمت أذنيه صرخات ملتاعة قادمة من
جهة المطبخ..لم يستطع تمييز صوت نجلاء في البداية فهو لم يسمعها إلا وهي تهمس ..
لكن هل قررت أن تموت أخيراً لتريحه من عناء الطلب؟
بدون وعي وثب الأب وخلفه خالد ناحية المطبخ ليجدا نجلاء مصفرة الوجه تلوح بمغرفة
في يدها وهي تصيح :
ـ كان هناك كائن أخضر اللون في المطبخ.. لقد وثب من النافذة وانزلق عبر مواسير الصرف..
أقسم أنني رأيته..
طبعاً تحولت جلسة الخطوبة إلى مطاردة حامية من سكان الحي كبيرهم وصغيرهم لذلك
الكائن المفترض، الذي شاهدته نجلاء في مطبخها.. وبعد نصف ساعة عاد خالد
منهكاً لداره بعد أن أثبت لنفسه أنه نحس، فلم ينجح في طلب يد نجلاء ولا حتى
في القبض على ذلك الكائن الفضائي..
لكن الاستنتاج المهم الذي خرج به يومها أن ما حدث يعد تطوراً بالغاً.. هذا أول
تسجيل لمشاهدة قريبة لكائن فضائي وليس لمجرد طبق طائر قد يكون أي شيء أخر متوهم..
صحيح أنه كائن فضائي تقليدي جداً، لكن من قال أن أسطورة الكائنات الخضر التي
قتلتها السينما ليس لها أصل صحيح..
كانت تلك المشاهدة أول الغيث..
بعدها سجلت عدة مشاهدات أخرى في الحي وتسببت في ذعر لا محدود جعل
الناس يشكون في أي شيء لونه أخضر ..

***

الآن تصمت كل الأصوات انتظاراً لكلمة الأمم المتحدة الفاصلة..
لقد خرج الأمر عن النطاق المحلي إلى ساحة النقاش الدولية..
ـ المثل يقول من ليس له كبير يبتاع له واحداً..
هكذا قال عبد الصمد لخالد وهما يتابعان الجلسة الاستثنائية لمجلس الأمن على
شاشة المقهى. اليوم سيتم البت في شائعة الصحون الطائرة التي تؤرق العالم الثالث..
اليوم سيجاب عن السؤال الذي أرق ملايين..
قال خالد :
ـ كأننا في جزء من ذلك الفيلم الأجنبي.. ماذا كان اسمه؟
هز عبد الصمد رأسه بتؤدة قائلاً :
ـ هذه هي فائدة السينما.. التوعية بما يمكن أن يحدث لنا في المستقبل.
رمقه خالد بنظرة جانبيه قبل أن يعود لمتابعة اجتماع مجلس الأمن..
وكان ما خرج به الاجتماع نهاية لمرحلة الحديث عن الشائعات، وبداية للكلام عن كارثة
حقيقية تواجه سكان الأرض..
كارثة حاولت حكومات العالم الثالث التعتيم عليها، ربما لأنها حكومات رجعية لا تؤمن
بحقيقة وجود كائنات أخرى عاقلة معنا في هذا الكون الفسيح.. إنها كارثة غزو فضائي
محتمل وبشدة، في الأيام القريبة.. كارثة تحتاج لتكاتف سكان العالم كلهم لمواجهته..
كارثة لن تفرق بين دول متقدمة وأخرى متخلفة .. بين دول غنية وأخرى تمزقها المجاعات ..
وكان هذا هو الحل السحري لكل الخلافات والمشاحنات على المستوى الدولي والفردي ..
لقد تعانق سلاح الجو الأمريكي مع سلاح الجو الروسي في سماء المحيط الهادي..
البحرية البريطانية تعانقت مع البحرية الفرنسية في مياه المانش
وتعانق اليابانيون مع الصينيين ونام الأهلاوية جوار الزملكاوية .. ..
بل شوهد الفلسطيني بحزامه الناسف يقف جنباً إلى جنب مع الجرافة الإسرائيلية في
شوارع القدس..
وجمع بابا الفاتيكان رموز الأديان وصلوا صلاة واحدة أملاً في
نشوب طاقة إيجابية تحرر الأرض من نير الغزو الفضائي!.
وتاب الناس واسترضوا بعضهم البعض وامتلأت المساجد والكنائس
والمعابد ..
صار العالم كله يهتف في نفس واحد ..
( كلنا إيد واحدة )
وخرج الرئيس الأمريكي ليدشن الدولة العالمية الكبرى التي انصهرت فيها كل الدول
والقارات في مواجهة الغزو الفضائي ..
ويومها لم ينس أن يذكر العالم الذي يستمع إليه عبر شاشات البث المنتشرة في
كل ربوع العالم ..أن أمريكا هي أول من حذر العالم من إمكانية حدوث غزو فضائي
للأرض .. وهي أول من دعى لقيام نظام عالمي جديد ..
نظام عالمي واحد تحكمه الأمم المتحدة ..
وأن الحكمة الأمريكية والفطنة الأمريكية والتواضع الأمريكي كل ذلك يدعوه الأن لنسيان
ما كان من سخرية واستهجان ..
بعد أن أثبتت السينما الأمريكية للعالم أنها لم تكن يوماً تقدم نوع من التسلية البريئة
المحبوكة .. بل كانت تنظر بعين أحادية إلى المستقبل القريب وتحاول أن تضيئ للعالم
شمعة على الطريق ..
وانتهى حفل تدشين الدولة العالمية بتكريم لمخرج فيلم
يوم الاستقلال!
ولم ينس الرئيس الأمريكي أن يصنع بأصبعيه قرنين (السبابة والخنصر ) في مواجهة العالم
وهو يغمز بعينه قائلاً :
ـ في الله نثق.
وجاء يوم حجبت فيه أشعة الشمس وراء أضخم طبق طائر رآه كل سكان الأرض
في آن واحد ..
ثم بدأت أطباق طائرة صغيرة تغادر الطبق الأم الجاثم على أنفاس العالم، وتنقض على
عواصم وبلدان القارات السبع..

***

يتبع

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس