منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - يوم الاستقلال!! ( قصة قصيرة)
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-30-2019, 01:11 PM   #5
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


حلقة 3

فتح عبد الصمد محل خدمات المحمول وبدأ يضيء الأنوار وخالد خلفه يستجديه :
ـ أنت تصر على المغامرة..
قال عبد الصمد :
ـ هل تعتقد أن الناس ستكف عن استعمال المحمول وسيعودون للمراسلة بالحمام الزاجل..
لو أردت رأيي هذا أفضل وقت للبيع ،يمكننا أن نجني فيه ثروة طائلة.. ستزيد الأسعار
مائة بالمائة..
ـ تريد أن تستغل حالة الحرب لتكوين ثروة من دماء البشر..
ـ خالد لا تضيع وقتي في شعارات فارغة .. إذا كنت تريد أن تقف معي فمرحباً.. تذكر
أن هذه هي فرصتك كي تتزوج من نجلاء وتستقر أمورك.
هنا دوى صوت صفارة غريبة قطعت عليهما تحاورهما.. نظرا لبعضهما البعض ثم هتفا بصوت واحد :
ـ غارة!
وجرى عبد الصمد بسرعة ليغلق المحل.. بينما جرى خالد كالمجنون نحو منزل نجلاء.
صوت الأطباق الطائرة وهي تقترب من الحي جعله يزداد رعباً .. حتماً سيفقد نجلاء..
كل الأفلام المأساوية تنتهي هكذا.. ستموت ومن ثم يظل هو يقاتل الغزاة حتى يستشهد
في النهاية ويصير أيقونة المقاومة.. رباه .. كان لابد أن يتزوجها وبسرعة قبل أن.. أن..
أشعة الليزر تدك الحي الذي ولد ونشأ وترعرع فيه.. ذكرياته الجميلة تنسحق تحت
وطأة النيران.. الطفولة .. الصبا .. الشباب..
أخيراً فرغت بطاريته عند بقايا منزل نجلاء.. ووقف مذهولاً يترنح..
ـ نجلاااااااااااااء.
دوت صفارة نهاية الغارة فجلس على الأرض ووضع رأسه بين كفيه..
أغمض عينيه وظل يردد:
ـ لماذا يا نجلاء؟.. لماذا؟
هنا سمع صوت بكاء وعويل سكان الحي وهم يغادرون المخابئ التي أعدتها
الحكومة العالمية قبل بدء الغزو.. حينما فتح عينيه أدرك أن الكثير من سكان
الحي سيبيتون الليلة في العراء.
لكن فجأة توقفت عيناه عند واحدة بعينها من بين الجموع.. هذه الفتاة منكوشة الشعر
التي تبكي مع والدها بين الجموع.. أليست هي نجلاء ؟..فرك عينيه حتى يتأكد، ثم لم
يلبث أن انتفض قائماً وهرول إليهما وهو يهتف :
ـ نجلاء.. لقد ظننت أن.. أن..
ثم وثب محتضناً والد نجلاء بحرارة..قال له الأخير وهو يجفف دموعه بكبرياء :
ـ يبدو أنك ستستضيفنا عندك لأجل غير مسمى.
هنا تذكر.. ضرب جبهته بكفه صائحاً :
ـ عندي!
مرة أخرى يعدو كالمجنون نحو منزله هو هذه المرة.. الغريب أنه كان يتمنى أن يجده سليماً
من أجل نجلاء ووالدها.. سيقبل أقدام الغزاة فقط لو تركوا له منزله كما هو..
لكن من قال أن الغزاة الخضر جاءوا من أجل تحقيق أمنياته..
ظل يبحث عن العقار غير مصدقاً أنه انهار.. لابد أنه تاه عن ناظريه وسط الأطلال والركام..
ثم توقف حينما ارتطم بعم شوقي وبناته الثلاث .. كانوا يندبن كالثكالى، وعم شوقي
على وشك الإصابة بنوبة قلبية حادة.. هنا أدرك أنه كان يلف ويدور حول
حطام بيته منذ البداية غير مصدقاً أنه كان هنا، ثم لم يعد كذلك..
في تلك اللحظات القاسية لم يجد بجواره سوى جاره وصاحبه عبد الصمد ..
دفن رأسه في صدره وقال له من بين دموعه:
ـ عبد الصمد لم يعد لي غيرك.. هل يمكنك استضافتي إلى أن.. أن..؟..
قال كمن تلقى إهانة :
ـ خالد ماذا تقول .. داري هي دارك.
مسح الأخير دموعه في كمه وقال :
- أنا ونجلاء ووالدها؟
ـ ........................

***

طابور طويل من المتطوعين سار فيه خالد وعبد الصمد.. ينتهي عند موظف
أممي يدون أسمائهم في كشوف..
بعد قليل سيتحول خالد من ذلك الشاب الطموح الذي يأمل في الزواج والراتب المجزي
إلى أحد أعضاء المقاومة الأرضية.. الحقيقة أن مأساة الغزو كانت تنقصه
وبشدة، كي تزداد الحواجز بينه وبين نجلاء، بحاجز من الكائنات الفضائية الخضراء..
عبد الصمد لم يجد بد من الانضمام للمقاومة بعد أن صار بلا عمل.. الدمار
الذي أصاب الحي جعل الناس يعودون للوراء عدة قرون.. صارت الهواتف
المحمولة بلا شبكة.. بلا فائدة.. لم يعد هناك وسائل اتصال سوى بين أفراد
المقاومة بعضهم ببعض..
المقاومة هنا وظيفتها حماية ظهر الجيش الأممي الرسمي الذي يخوض معارك
ضارية في البر والبحر والجو.. وطبعاً لن يكون هذا بلا مقابل.. والمقابل
هنا سيكون بالدولارات..
قال خالد لعبد الصمد وهما يوقعان في الكشوف:
ـ سنقاتل كائنات خضراء ونقبض بالدولارات الخضراء.
ابتلع عبد الصمد ريقه وقال :
ـ وعسى أن تكرهوا شيئاً.. ربك يقطع من هنا ويصل من هنا.
ـ فعلاً.
قالها خالد وهو يلمح نجلاء ووالدها يتقدمون من الصف .. إنه لم يرهم منذ يوم الغارة..
فقط عرف أنهما يبيتان في شقة مشتركة مع ثلاث أسر.. فأصحاب البيوت
التي انهارت عقاراتهم تم توزيعهم على البيوت المتبقية و.. لكن ماذا تفعل نجلاء هنا؟..
استوعب الموقف متأخراً، فترك عبد الصمد وانطلق إليهم وهو يغلي..
ـ نجلاء ماذا تفعلين هنا؟
نظرت إليه كي يصمت فتذكر وجود والدها .. تنحنح معتذراً فبادره الأخير :
ـ أنا رأيي من رأيك يا خالد .. لكنها مصممة.
قالت نجلاء بشراسة:
ـ أنا لي ثأر مع هؤلاء الغزاة .. أريد رأس ذلك الكائن الأخضر الذي اقتحم علي المطبخ.
قال خالد بدهشة :
ـ أنت جادة في ذلك؟
قال والدها وهو يهز رأسه:
ـ رأسها ناشف.
نظرله بمعنى : هل هذا هو ما قدرت عليه؟.. شعر كأنه يستفزه من جانب خفي فكور
قبضتيه قائلاً لنجلاء:
ـ نجلاء، أنا آتيك برأس ذلك الفضائي الوقح.
ثم استجمع شجاعته مردفاً:
ـ وسيكون هذا هو مهرك..
لم يفته اختلاج شفتيها بابتسامة سرعان ما وأدتها سريعاً حمرة الخجل.. لماذا يبدو له
الأمر كمؤامرة لتوريطه ؟.. عموماً ستكون هذه أجمل ورطة تورط بها في حياته..
مد والد نجلاء يده إليه وقال باسماً:
ـ نجلاء لك وليست لأحد غيرك..
تناول خالد يده بمجمع كفيه كأنه سيقبلها..
ـ والله العظيم..
هنا فوجئ بعبد الصمد ومعه المتطوعين من الصف قد أحاطوا بهم ليباركوا له ولنجلاء
على الخطوبة التي تمت أخيراً في أغرب وقت وأعجب مكان.
وفي طريق العودة حكى خالد لعبد الصمد ما كان فأخذ يضحك حتى كاد يقع على قفاه ..
ثم تمالك نفسه حتى لا يفتك به خالد في الطريق العام .. قال له وهو يمسح دموعه :
ـ لا تؤاخذني ..لكن لا أدري أشعر أن مهر نجلاء هذا لن يكون بالسهولة التي تعتقد.
قال خالد :
ـ لكنها تستحقه..
ـ هل أنت متأكد من أنها طلبت رأس ذلك الفضائي الذي اقتحم عليها مطبخها؟.. ربما كان الأمر رمزياً..
ـ قلت لك أنا الذي شرطت هذا على نفسي .. لقد سبب لها ذلك الفضائي أزمة نفسية بالغة..
ـ لكنهم متشابهون جداً.. كيف ستعرف أنه هو؟
ـ أي رأس فضائي أخضر ستحل المشكلة يا صاح.. الأمر كما قلت أنت لا يخلوا من رمزية !!
ـ تباً لك ولرمزية معاً !

***
يتذكر خالد التدريبات التي حصل عليها مجاناً كمنحة من الأمم المتحدة..
لأول مرة يشعر أن تلك المنظمة أم رؤوم تحرص على جميع أبنائها ولا تفرق
بينهم لا باللون ولا بالجنس .. لقد أظهرت تلك الأزمة معدنها الحقيقي، وأثبتت
أن ما كان يشيعه البعض حولها مجرد تكهنات من عقلية منهزمة منقوعة في
نظرية المؤامرة..
بعد تلقي التدريبات شعر خالد أنه كان مقاتلاً بطبعه وأن هذه التدريبات لم تزد
على أن أزالت الغبار الذي علاه.. مقاتل ضل طريقه إلى الوظيفة الحكومية
التي أقعدته عن الجهاد.. ربما كان والده وجده مثله كذلك.. من يدري ربما
كان أحد أجداده الأوائل قائداً عسكرياً، ثم ذاب نسله في سلك الوظائف الحكومية
حتى اليوم.
وهكذا صار ينتظر اليوم الذي سيواجه فيه حثالة الفضائيين الخضر..
وينتظر كذلك أن يحالفه الحظ ويعود بمهر نجلاء .

***

يتبع

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس