منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - يوم الاستقلال!! ( قصة قصيرة)
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-02-2019, 09:36 AM   #7
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


حلقة 4


صوت الغارة من جديد..
هذه المرة كان كل يعرف دوره وموضعه..
النساء والأطفال والشيوخ في الملاجئ.. والشباب يحملون أسلحتهم
المضادة للأطباق الطائرة وينتشرون في أرجاء الحي..
خالد وعبد الصمد تمكنا من التصويب على أول طبق طائر ظهر في الأفق، ونجحا
في إسقاطه.. هوى كالصخرة العملاقة أمام أحد المقاهي التي كان يعج بها الحي
يوماً ما.. ربما كان ذلك هو المقهى الأخير المتبقي ..
تعالى التكبير وانهالت الطلقات على الطبق المحطم .. هناك كائنات خضراء ترتدي
خوذ شفافة تزحف خارج الطبق وهي تطلق الليزر باتجاه المقاومة.. كفاءة الليزر
لا تقارن بطلقات البارود العادية..
ولقد سقط العديد من الشباب بالفعل قبل أن يصوب خالد إحدى القذائف المضادة
المحمولة على الكتف باتجاه الطبق.. وسرعان ما تناثرت أشلائه في كل حدب وصوب..
وحينما اقتربوا من موضع الطبق بحثاً عن أثر لركابه الخضر بين الأشلاء المحترقة..
لم يجدو لهم أثر..
صاح خالد :
ـ لنقلب عليهم الحي.. إنهم لم يغادروه بعد..
بالفعل تم قلب الحي رأساً على عقب لكن النتيجة كانت بالسلب..
قال والد نجلاء وهو يلهث :
ـ ربما سحقهم الانفجار تماماً.
قال خالد في ضيق:
ـ لابد أن يتركوا أثراُ خلفهم ..
صاح عبد الصمد :
ـ فليذهبوا في داهية.. لماذا نحرص على تتبع آثارهم القذرة.
ثم تذكر.. أنه مهر نجلاء العجيب الذي يسعى له صديقه فابتلع لسانه وأشاح
بوجهه محنقاً..
هنا قال والد نجلاء لخالد مطيباً خاطره:
ـ لن تكون هذه أخر المواجهات مع الخضر يا بني.. فلا تبتئس..

***

يوم بعد يوم يتأكد لخالد أن مهر نجلاء ليس سوى فخ جديد من الفخاخ التي دائماً
ما تحاصره كلما فكر في مشروع زواجه منها..
لقد دمر وحده عدداً لا بأس به من الأطباق الطائرة..واشتبك مع العشرات من الفضائيين
الخضر .. لكنه اكتشف أنهم لا يتركون خلفهم جثث أبداً.. ربما هم غير قابلين للموت
كذلك.. لديهم سرعة الفئران وشراسة الضباع وجبنها كذلك، فهم يلوذون بالفرار دائماً
عندما يأخذ منهم رجال المقاومة المبادرة..
ومع مرور الوقت وتجدد الاشتباكات علا نجم خالد، حتى لقب بصائد الأطباق
الطائرة، و جاء وفد مخصوص من الأمم المتحدة لتكريمه..
صار قائداً لمجموعته الصغيرة التي فيها عبد الصمد ورجب بائع الكبدة ووالد نجلاء
وغيرهم من أبناء الحي المنكوب..
لكنه مع ذلك لم يتمكن من الانتصار في معركته الشخصية مع فتاته نجلاء.. ربما فكر
في أن يراسل مندوب الأمم المتحدة لعله يجد له حلاً.. حتى والد نجلاء لم يعد يتكلم معه
في الموضوع مجدداً وكأن هناك اتفاق ضمني على أن يتم غلق ملف الزواج حتى
الجلاء التام.. وإلى أن يرحل أخر فضائي عن أرضنا الغالية..
...................
حتى جاء ذلك اليوم..حينما تعرض الحي لغارة قوية حولته إلى خراب يباب ..
تصور خالد أنه هو المقصود بتلك الغارة كي يحرموه من نيل مراده .. استشاط غضباً
ونهض ليرتدي بزة ناقل الجزئيات التي تجعله يشبه رواد الفضاء .. لقد قرر أن يقاتلهم
حتى أخر عرق ينبض.. وإما أن يظفر بواحد منهم هذه المرة كما وعد أو أن يموت
دون ذلك ..
انتهت الغارة، وفوجئ خالد بالطبق الطائر إياه يحط على الأرض بعد أن دمر منزل
عبد الصمد وشطر الأخير إلى نصفين .. كانت فرصة لا تتكرر ..لذا فقد ألصق خالد
القنبلة بالصحن الطائر وحمل صديقه وانتقل به إلى المخبأ ليتم إسعافه، ثم عاد ثانية
ليحصل على جثة أحد الفضائيين من بين حطام الطبق الذي نسفته القنبلة..
وحينما وقف أمام الحطام الذي تتصاعد منه الأدخنة لمح الأشلاء الخضراء التي
ترتجف رجفتها الأخيرة..همس بأنفاس مبهورة :
ـ أخيراً..
ها هو ذا الرأس المقزز يبرز لك من بين ألسنة اللهب ..
الرأس الضخم وجسم دقيق تشتعل فيه النيران .. تماماً كما تخيلته قصص الخيال العلمي
وأفلام هوليود.. لعلهم كانوا يضربون الودع حتى يكون خيالهم بهذه الدقة..
المهم الآن هو أن يحافظ خالد على الرأس سليماً من أجل نجلاء..
وهكذا انحنى بسرعة لينزع الرأس عن الجسد ثم اعتدل ورفعه بكلتا يديه أمام عينيه..
كم كان ملمسه مثيراً للقشعريرة..
لكن ما سر تلك الأسلاك والدوائر الإلكترونية التي تبرز من جهة العنق؟..
قلب الرأس ليتأكد.. بالفعل هذا المخلوق ليس كائناً حياً !
إنه مجرد روبوت !..
هل كانوا يواجهون غزواً من قبل روبوتات؟
انتزع شريحة وأخذ يتفحصها عن قرب.. هنا سقطت الرأس من يده وتراجع مذهولاً..
كانت هناك كلمات مكتوبة بأحرف إنجليزية واضحة على الشريحة..
هذا الروبوت صناعة أرضية !..

***

تذكر يا خالد أن أمريكا هي أول من حذر العالم من إمكانية حدوث غزو فضائي للأرض..
وهي أول من دعى لقيام نظام عالمي جديد ..
كانت تنظر بعين أحادية إلى المستقبل القريب وتحاول أن تضيئ للعالم شمعة على الطريق..
كان هذا هو الحل السحري لكل الخلافات والمشاحنات على المستوى الدولي والفردي ..
حمل خالد رأس الفضائي بكلتا يديه وأخذ يدور بها حول حطام الطبق الطائر.. كأنما
يؤدي رقصة ما أو دور مسرحي بلا جمهور.. ظل يردد :
ـأنا دون كيشوت ..نجلاء دون كيشوت.. والدها دون كيشوت..
عبد الصمد دون كيشوت..كلنا دون كيشوووووووووووووت.
ثم توقف فجأة.. ورفع عينين حمراوين كالدم تجاه القمر..
الإيذاء..لابد أن يؤذي أحدهم .. لابد أن يدفع أحدهم الثمن .. وليكونن الثمن غالياً جداً
***
المائدة المستديرة التي يتداعى عليها الأكلة دائماً..
ومن خلفهم شعار الأمم المتحدة ..إنهم يناقشون أخر مستجدات الوضع مع الغزاة الفضائيين..
إنهم منهمكون وبشدة في حل مشكلات العالم كما هو واضح للعميان.. جمعية بر وتقوى
على مستوى عالي..
- نأسف على المقاطعة يا سادة ..
اضطربت النخبة الأممية وقفز بعضهم من على مقعده ..والبعض نزل تحت المائدة
المستديرة وأطل برأسه من فوقها في حذر وترقب
- كيف دخلتم هنا ..؟
- إنهم يرتدون بزة ناقل الجزيئات ...
- أين الأمن ..؟
كان خالد ورفاقه يحاصرون أركان القاعة .. كانوا جميعاً من قيادات المقاومة
المميزين لذا كان الجميع يرتدي زي ناقل الجزئيات.. قال خالد وهو يشير إلى الزي
الذي يرتديه :
- لا داعي للانزعاج يا سادة ..هذه البزة مرخصة حصلنا عليها مع نوط للواجب
والشرف من أمنا المتحدة..
- كيف سمحتم لأنفسكم باستعمال تلك التقنية في اختراق مقر الأمم المتحدة ..؟
- لدينا أخبار سارة لا يسعنا معها مراعاة البروتوكول ..
وجاب ببصره في وجوههم وهو يردف في حزم :
- فاليوم سيتم تحرير الأرض من نير الغزاة ..
أطل الحذر من البعض .. وعدل البعض من وضع ربطة عنقه.. ازدرد البعض لعابه
بصوت مسموع .. والبعض الأخر انشغل بالنظر لقدميه وقد اكتشف أن لديه حذاء جميل..
لكن خالد تجاهل ذلك كله وقال بنبرة ساخرة:
- لنشرب سوياً نخب يوم الاستقلال.
وفرد كفه اليمنى ليتدلى منها جسم كروى أسود مزود بصمام أمان
معلق بإبهامه .. وكذا حذا كل رفاقه حذوه .. كانت في يد كل منهم قنبلة يدوية قاموا
جميعاً بنزع صمامها في آن واحد.. وأكمل خالد :
- هذه القنبلة هي فخر الصناعة المحلية..
وقبل أن يستوعب أحدهم الموقف ألقى خالد ورفاقه قنابلهم اليدوية ناحية المائدة المستديرة..
بعدها تلاشت جزيئاتهم من القاعة ..
وحينما سبحت جزيئات خالد في الفضاء الرحب، كانت أمنيته أن يمكثوا في جمع
أشلائهم حتى تقوم الساعة ..

***

البعض قد يتساءل أين ذهب خالد ؟
لا أحد سوى خالد نفسه يمكنه الجواب على ذلك السؤال ..
يمكنك أن تتخيله يسبح في نهر السين أو يتسلق جبال الهيمالايا ..
أو يلهوا مع الدببة وسط ثلوج القطب الشمالي ..
يمكنك أن تتخيله جالسا يصطاد السمك من فوق كورنيش النيل ..أو يمكنك أن
تطمح عالياً فتتخيله قد تزوج أخيراً من نجلاء.. يمكنك أن تتخيله كما تشاء ..
كل ذلك لا يهم ..
المهم الآن أن الشمس قد عادت تشرق من جديد باعثة في الأرض الدفء والأمل..
بعد أن صار العالم أفضل بدون غزاة..

***

تمت بحمد الله

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس