منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ما تبقى من أوراق محمد الوطبان
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-11-2009, 07:22 PM   #5
خالد صالح الحربي

شاعر و كاتب

مؤسس

عضو مجلس الإدارة

الصورة الرمزية خالد صالح الحربي

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 50601

خالد صالح الحربي لديها سمعة وراء السمعةخالد صالح الحربي لديها سمعة وراء السمعةخالد صالح الحربي لديها سمعة وراء السمعةخالد صالح الحربي لديها سمعة وراء السمعةخالد صالح الحربي لديها سمعة وراء السمعةخالد صالح الحربي لديها سمعة وراء السمعةخالد صالح الحربي لديها سمعة وراء السمعةخالد صالح الحربي لديها سمعة وراء السمعةخالد صالح الحربي لديها سمعة وراء السمعةخالد صالح الحربي لديها سمعة وراء السمعةخالد صالح الحربي لديها سمعة وراء السمعة

Post


الورقة رقم " 4 "




بالصدفة ، كانت إحدى القوافل تمر من هنا ، من هذا المكان .

وبالصدفة ، كانت معهم امرأة تحتضر .. وماتت في هذا المكان .
وبالصدفة ، تم اختيار هذا التل الصغير ، لتدفن بجانبه ، ويصبح علامة لقبرها .
كان اسم المرأة " رفحا " .
لاحقاً ، صار اسم التل الصغير " رفحا " .
مع مرور الوقت ، صار كل ما حول التل " رفحا " .

* بالصدفة !.. بالصدفة !.. بالصدفة !
تريد وبلغة شاعرية مثيرة ، ورغم أنف التاريخ ، أن تصنع تاريخا ً لجغرافيا مهملة .

ـ رأيك لا يهمني .. هل أستطيع أن أكمل ؟
* تفضّل .

في وقت ما ، صار هذا المكان الذي لم يكن سوى نقطة صغيرة في صحراء شاسعة ولاسعة ، مكانا ً مفضلا ً لبعض القبائل ، تمره في مصيفها ومشتاها ، وفي رحلات بحثها عن الماء والكلأ .

هنا تقاتل البدو على بئر ماء .
ومن هنا مرّت قوافل تجار " العقيلات " قادمة من قلب " نجد " في طريقها إلى " بغداد " و " الشام " .
ومن هنا مرّ الفرسان ، والشعراء ، والغزاة .
ومن هنا مرّ " الحسين " و " المتنبي " عليهما السلام !!

* هههاي .. أضحكتني !..
" عليهما السلام " إذا ً ؟
الآن بدأت تفهم اللعبة . أولاد وبنات الرواية الجديدة في السعودية ليسوا أفضل منك . هكذا تستطيع أن تستفز تياراً عريضاً ليبدأ بمهاجمتك، فأنت تعلم أن الحسين محل اتفاق ومحبة عند السنة والشيعة . وكما تعرف فالهجوم على أي عمل كتابي هو أفضل الوسائل للترويج له ..
برافو .. برافووو ..


وهنا ، وعلى أطراف " رفحاء " ترى " بركة زبيدة " هذا المشروع الذي أنشأته زوجــة الخليفــة العباسـي " هارون الرشيد " لسقاية الحجاج الذاهبين إلى مكة والقادمين منها.
ومن هنا أيضا ، مرّت هذه الأفعى المعدنية العملاقة ، ذيلها في الخليج العربي ورأسها في البحر المتوسط !

في منتصف القرن الماضي ، وتحديدا ً في عام 1948م ، وبأمر من الملك عبدالعزيز آل سعود ، قررت شركة " أرامكو " أن تمد أطول خط أنابيب " التابلاين " لضخ النفط ونقله من مصادره في المنطقة الشرقية على الخليج العربي، من " بقيق " تحديداً حتى " حيفا " الفلسطينية على ساحل البحر الأبيض المتوسط . وأتت الاحداث السياسية لتغيّر مساره إلى سواحل " صيدا " اللبنانية ، لتنقله الناقلات العملاقة من هناك إلى مستهلكيه في العالم الغربي .

بالصدفة ، يمر هذا الخط العملاق بـ " رفحاء " .
ويقرر المسؤولين في شركة " أرامكو " وضع محطات ضخ وصيانة لخط الأنابيب كل ثلاثمائة كيلومتر .. وبالصدفة تكون المحطة اللاحقة في " رفحاء " . وليست وحدها " رفحاء " فهناك في الجانب السعودي خمس مضخات :
النعيرية ـ القيصومة ـ رفحاء ـ عرعر ( وكانت تسمى : محافظة خط الأنابيب ) ـ وآخر محطة : طريف . ولابد لهذه المحطات من مهندسين وعمال ، وأمن لحمايتهم وحماية المحطة . ومستشفى صغير لعلاجهم ، ومعدات حديثة لاستخراج الماء الصالح للشرب من باطن الأرض.

وهكذا أتت الوجوه الغريبة من كافة المناطق والجهات ، يحملون أسماء عائلات وقبائل لا يعرفها أحد . هناك من أتوا كعمال في الشركة ، وهناك من أتى مع " الإمارة " ، وهناك من استوطن في هذا المكان الذي صار آمنا ً ، وهناك العائلات التي أتت من " القصيم " وما جاورها إلى هذه البلدة – التي بدأت تنمو – بحثا ً عن الرزق والتجارة .

تغيّر المشهد كثيراً : صارت هنالك بعض بيوت الطين بجانب الكثير من الخيام وبيوت الشعر . وفي وسط البلدة أنشئ أول مسجد ، وحول هذا المسجد تشكلت نواة سوق " رفحاء " من بعض الدكاكين الصغيرة . أما في الجهة اليسرى فكانت هناك " الوقفة " وهي سوق الغنم والإبل وصار البدو يأتون إليها من كافة الجهات المحيطة بـ " رفحاء " لشراء وبيع المواشي .. ويحدث أن يباع فيها ما هو أبعد من هذا !

أما " أرامكو " فبناؤها مختلف ، وحديث ، وتحيط به الأشجار وسياجٌ حديدي يمنع غير العاملين فيها من الدخول إليه . ينظر البدو إلى هذا المبنى بذهول وإعجاب ..وهم لا يعرفون منه شيئاً باستثناء المستشفى !.
صار في " رفحاء " مركز إمارة وشرطة وسجن .. ولاحقا ً – بعد سنوات – مدرسة ابتدائية يديرها شاب حجازي اسمه " أنور عبد القادر فلمبان " !

ولـ " رفحاء " حديّن .. حد قديم رُسم قبلها ، ويجعلها عراقية . وحد رُسم بعدها ، ويجعلها سعودية . ولا تدري هل كان هذا صدفة أيضاً ، أم أنه مهارة السياسي ، أم خطأ في رسومات الجغرافيين .

بهذا الشكل نشأت " رفحاء " الحديثة .
كأنها صدفة تاريخية جعلت الزمن ينتبه إليها ، ويقف عندها قليلا ً ..
أو كأن " رفحاء " ليست سوى خطأ مطبعي في وثيقة سياسية !

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

خالد صالح الحربي متصل الآن   رد مع اقتباس