منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - المقالات اليومية
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-09-2006, 08:02 PM   #18
فهد عافت
( شاعر وكاتب )

الصورة الرمزية فهد عافت

 






 

 مواضيع العضو
 
0 المقالات اليومية
0 حي المنازل
0 حي المنازل

معدل تقييم المستوى: 0

فهد عافت غير متواجد حاليا

افتراضي


الصبر في كرة القدم

الكتاب الذي أجادت فرنسا قراءته هو : الصبر ، لكنها اليوم تلتقي البلد المؤلف للكتاب نفسه ! ، فإيطاليا هي من قدمت لكرة القدم هذه الفضيلة على أنها طريقة لعب ، وأمام ( 72000 ) ألف متفرج ، في ملعب برلين الأولمبي ، وأكثر من مليار إنسان أمام شاشات التلفزيون ، يطلق الشاعرالأرجنتيني (هوراسيوإليزوندو) بعد ساعات صافرة بدء القصيدة ، ويظل نيستا هو أهم الأسماء التي لن تمارس الركض في هذا النهائي الكبير للإصابة ، لكن الطليان فيما يبدو قد تعودوا على إصابات نيستا قبل المواجهات الحاسمة ، وهم في الحقيقة ليسوا بحاجة ملحّة له ، فقد تمكنوا من هزيمة ألمانيا وقبلها أوكرانيا وأستراليا دونه ، ولم يدخل مرماهم أي هدف منذ غيابه ، أما في حضوره فقد ولج هدف وحيد الشباك الإيطالية ، لكنها كانت نيران صديقة ، الأمر الذي يدل على صلابة ومتانة الدفاعات الإيطالية ، وهو أمر على أهميته إلا أن لا علاقة كبيرة لمدربهم الداهية (م-ليبي) به ، فالطليان لا يفهمون كيف يمكن لأحد أن يلعب كرة القدم دون دفاعات صارمة ، ويبدو أن تأثير ( ليبي ) يأخذ شكله الواضح في هذه النزعة الهجومية غير المسبوقة ربما للمنتخب الإيطالي ، وتتجلى أهميته بأبهى صورها في قدرة هذا المدرب الرائعة على إحداث تغييرات تكتيكية فاعلة عن طريق البدلاء على الخط ، ورغم أن المنتخب الإيطالي يضم سبعة لاعبين من ال(23) لاعبا اللذين تم اختيارهم كأفضل لاعبي هذا المونديال ، إلا أن شكوكا ــ ليست بالكبيرة ــ تحوم حول أحقيتها بالوصول إلى النهائي الكبير ، ذلك أن الطليان لم يلتقوا بمنتخب ضخم ومؤهل ، إلا في مواجهتهم مع ألمانيا ، وإن كانوا قد التقوا مع التشيك سابقا ، فقد واجهوها وهي في مأزق حقيقي ، يشبه المأزق الفرنسي مع الدنمرك في 2002 ، بمعنى أن التشيك قد بدأوا المباراة وهم مهزومون سلفا ، رغم الحسابات التي تقول بغير ذلك ، غير أن المستبشرين بتوتي وديلبييرو ورفاقهما يؤكدون أن إقصاء الألمان من البطولة ، بعرض مشرف وكبير ، في مباراة على أرضها وأمام جمهورها وفي الملعب الذي شهد انتصاراتها قرابة قرن كامل لم تهزم فيه قبل مواجهة الطليان لها في نصف النهائي الكبير ، إنما هو أكبر دلالة على قوة الفريق وأحقيته بلعب النهائي وربما كسبه أيضا ، خاصة وأن مفاتيح لعب المنتخب الفرنسي واضحة ، ويمكن اختصارها بزيدان وفييرا وتييري هنري ، فمهما بدا رييبيري نشطا وحيويا في حركته ، إلا أنه لن يكون من الحكمة الإتكاء عليه من قبل ( دومينيك ) لفعل الكثير ، فالمباريات الكبيرة لا تنتهي بمجهودات شبابية قليلة الخبرة ، واسألوا رونالدو 1998 ، كما بإمكانكم الإستفادة من طيش روني ، وأحزان كريستانورونالدو البرتغال ، فالأولى طازجة ، والثانية ساخنة لا تزال ، لكن فرنسا ليست بهذه السهولة ، وإذا كانت مفاتيح لعبها واضحة ، فإن هذا لا يعني أبدا أنها يسيرة على من يريد شلّ حركتها ، فتييري هنري ليس لاعبا عاديا أبدا ، وقد أثبت بالفعل أنه قادر بمفرده على إرباك أقوى الخطوط الدفاعية ، وهو يمتلك من برودة الأعصاب ما يسمح لمهاراته بالإنطلاق في أي وقت وبالكيفية التي يشتهي هو فقط ، ويظل زين الدين زيدان لاعبا من كواكب أخرى ، وقد فعل الكثير ليطبع هذه البطولة بطابعه ، ونجح إلى حد الآن في كسب رهانات عدّها البعض مستحيلة ، وهو يعرف جيدا طرق اللعب الإيطالية ، فقد كان نجم السيدة العجوز لسنوات ، أما فييرا فهو وإن كان يقل عن زيدان مهارة وسحرا ، إلا أنه يتساوى معه أهمية ، بل هو يزيد عليه في عدد المرات التي حصل فيها كل منهما على جائزة أفضل لاعب في مباريات هذا المونديال ، وبشكل أو بآخر يمكن القول أن الحرس القديم في المنتخب الفرنسي قد انتفض انتفاضة العمر في هذا المونديال ، فقد كسب كل من زيدان وميكللي وتورام جائزة أفضل لاعب في المباراة مرة واحدة لكل منهم ، بينما فاز بها فييرا لمرتين ، لكن هذه الجائزة غير مهمة بالمرة اليوم ، فهذه ليست مباراة استعراضية ، ولعل مع دومينيك كل الحق حين لمح وصرح بأنه من الخطأ لعبها على أنها احتفالية اعتزال لزين الدين زيدان ، لكن دومينيك بلا حلول كثيرة فيما لو لم يهتم أحد بكلامه ، فهو لا يمتلك بدلاء أكثر كفاءة ، والأهم أنه لا يمتلك أي خطة بديلة ، من أي نوع ، فحتى تغييراته كانت بالكربون ، ولم يكن في أي منها يبحث عن تغير وضع غير ملائم ، بل يمكن اعتبارها غير مجدية حتى ، وذلك بعكس كل تغيرات ( ليبي ) التي أثبت من خلالها قدرته على قلب الطاولة متى شاء وبطرائق مبتكرة

 

فهد عافت غير متصل