منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - وليس لـِ منتهى .. ذنبٌ .. !
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-27-2012, 01:10 AM   #1
فيصل الرحيّل
( كاتب )

الصورة الرمزية فيصل الرحيّل

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

فيصل الرحيّل لديه هالة مذهلة حولفيصل الرحيّل لديه هالة مذهلة حول

Exclamation وليس لـِ منتهى .. ذنبٌ .. !










.

.

.

.

.




[ وليس لـِ منتهى .. ذنبٌ .. ! ]
كتبه / فيصل الرحيّل - رحمه الله -





وافتح للحزن شباك أحلامي
واكتبني .. تعب نخله
تصب اعذوقها هامات مكسوره
والقاني ..
وجه غابه
تعراها الألم والخوف
وصوت الريح تصرخ بي
سفر وغياب.. توشح بي
ويدخلني الحزن أبواب
ووجه الليل يفرح بي

وتمشيني
مشاوير الفقد غربه
جدار أغبر من النسيان
غريب يلبس
ثياب الذل يتلعثم
يحاول إنه يتكلم
تغص به كل كلماته
يصب الماي
فوق الجرح يتألم
ويلبسني الوجع عتمه
ثوب أسود .. تسربل بي

أنا اشذنبي
سوى إني
رسمت الناس بإحساسي
عصافير .. وشجر .. وغيوم
أنا شذنبي
إذا لونت أوجاعي ..
صدى ضحكه .. مرتبكه
وكان الحزن في روحي
دموع اطفال
ترسمني على الجدران
كذا ألوان .. وتلعب بي

أنا اش سويت يا ربي
وهذا الحزن يسكني
عيون ايتام
من كم عام
أربيها .. وتكبر بي

وارسمني
على شباك أحلامي
وطن أفراح
والقاني
رصيف .. وشارع .. ومنفى
شبح فانوس في غرفه
صرير أبواب
بكتها بيوت مهجوره
أشخبطني كذا صوره
أكتبني وأمسحني
أنام .. أصحى..
نهار وليل ..
ألاقي دمعتي جنبي

أنا اش ذنبي
إذا الأبيض كتبني أو تلون بي
أنا اش ذنبي
إذا صوتي تعرى بي
إذا صمتي لبسني أو تغطى بي
إذا همي توشح بي
وداريته
كثر ما زاد حبيته
بغفرني واسامح كل أخطائي
بكتبني ..
على جدار الوجع غابه من النسيان
واسامحني .. إذا كان الوفا ذنبي ..





في هذه الحياة نعيش الكثير من المواقف والتجارب التي تجعلنا نتسائل عن الذنب الذي ارتكبناه ليحدث لنا ما حدث .. وفي معظم الأحيان لا نجد إجابات لتساؤلاتنا .. لكن ماذا لو حاولنا البحث عن ذنوب غيرنا .. هل سيختلف الأمر معنا نوعا ما .. هل سنعثر على تلك الذنوب كوننا خارج دائرة الضغط والقلق والتوتر المحيطة بالسائل .. وهل التعرف على ذنوب غيرنا .. قد يمكننا من التعرف على ذنوبنا مع مرور الوقت .. لا أعلم .. ربما .. فالتجربة خير برهان .. لذلك في الأيام القليلة الماضية .. انعكفت على نص // أنا شذنبي .. للكاتبة الأنيقة // منتهى القريش .. لعل ذنبها يقودني إلى معرفة ذنبي .. والذنب هنا مرتبط بالنص لا الكاتبة .. ففي ظل نظرية موت المؤلف وما يتعلق بها .. يمكننا أن ندرك جيداً الفرق بين ( أنا الكاتبة ) التي تختلف تماما عن ( أنا المبدعة ) فيها .. ويجدر بنا الإشارة إلى أن موت المؤلف في جميع الأحوال لا يعني بتاتا تهميش الكاتب واقصاءه عن نتاجه الإبداعي .. فالعلاقة بين النص وكاتبه علاقة مشيمية يصعب فصلها .. لكننا نحاول جاهدين من خلال موت المؤلف تسليط الضوء على النص كونه النتاج الإبداعي النهائي .. دون أن نزج بالكاتب في المنتصف ونجعله عرضة للنقد .. وعرضة لانتهاك حرمة حياته الخاصة واسقاطها على النص باعتباره تجربة شخصية عايشها قبيل كتابته للنص سواء كان الناقد يقصد ذلك أم لا .. ففصل الكاتب عن النص فيه حفظ لخصوصيته .. إلى جانب جعل النص أكثر خلودا .. متخلصين من قيد التاريخية التي قد تقضي على النص عن طريق جعله صالحا لفترة زمنية محددة ينتهي بانتهائها .. هكذا نكون قد حققنا موت المؤلف بنجاح .. ومنحنا النص نظرة مستقبلية أشمل في الأفكار وأزخر في المشاعر متجاوزين بذلك الجميع المرسل والمرسل إليه والقارئ .

سنبدأ مع العتبة الأولى في النص ألا وهي العنوان " أنا شذنبي " يكاد يجمع معظم النقاد على أن العنوان نص آخر .. أو نص مواز للنص الأصلي .. بنيته مستقلة تماما بكل ما فيها من دلالات .. تحقق الهدف المطلوب منها حينما تتسبب بنوع من القراءة غير المباشرة للنص من قبل القارئ بمجرد قراءته للعنوان .. فمتى ما تم ذلك .. نجحت عملية تخطي هذه البنية ذهنياً وتجاوزها للحواجز والحدود .. محققة الانصهار في بوتقة النص .. متضافرة معه للخروج بدلالات وايحاءات انتاجية تخصهما كوحدة موضوعية متجانسة .. العنوان الاستفهامي في النص جاء بمثابة بوابة للقارئ يلج من خلالها للهرولة بين السطور في سبيل تحقيق اللذة الفهمية في استقراء واستنطاق ما في الأفق من توقعات من خلال العنوان كي يشعر بأنه طرف فعال وهام شارك وساهم في كتابة النص .. محققا ذلك الحس المشترك الذي تحدث عنه بعض النقاد الناتج من عملية التأويل المشتركة بين كل من القارئ والمبدع .

عملية تكرار " أنا شذنبي " أكثر من مرة وفي أماكن مختلفة من النص كان سببا رئيسا في اشعال فتيل التساؤلات داخل نفس القارئ .. عن ماهية الذنب الذي اقترفته الكاتبة .. وساعد في ذلك التوجيه الاستفهامي في الخطاب لذات مجهولة نوعا ما لعدم توافر مرجعية دالة عليها .. ومن هنا نجد أن الكاتبة قامت بخداع القارئ دون أن يشعر .. فجعلته يبحث ويفتش عن الطرف الآخر الذي يتم توجيه الاستفهام إليه .. فالقارئ لن يشعر بالراحة ما لم يعثر على ذلك الآخر كي يحقق المشاركة في كتابة وصناعة النص .. إلا أن من يتعمق قليلا في ذلك الاستفهام .. سيجد أن الكاتبة هنا لا تخاطب أحداً .. بل تخاطب نفسها .. إلى جانب كونها لا تنشد إجابةً من وراء ذلك السؤال .. إنما مجرد عملية تضييق للمساحة على الذات واقصاءها بخلق ذات أخرى مشاركة .. لمنح الكاتبة مساحة رحبة للتعبير .. لرسم مشهد غاية في الجمال والإبداع .

النص جاء جميلاً زاخراً بالصور الجمالية والفنية بقدر ما فيه من ألم وحزن .. فهو مبني في الأساس على ثيم المعاناة والألم .. المتمثلة بالحزن والهم .. ونجد ذلك من خلال تكرار مفردة ( الحزن ) لأكثر من مرة .. إلى جانب كون النص قائم على كثافة وزخم الاستعارة المكنية في معظم صوره .. وعلى سبيل المثال لا الحصر ( وافتح للحزن شباك أحلامي ) حيث نلاحظ هنا براعة الاستعارة المكنية في تشبيه الحلم بالبيت .. وحذف المشبه به واستخدام الشباك للدلالة عليه موحيا بتفشي الحزن وتمكنه من كل شيء .. ويتكرر الأسلوب عينه في جملة ( اكتبني تعب نخله ) وهكذا بامكاننا أن نسقط ذلك على عدد كبير من الصور التي زخر بها النص .. إلى جانب المزج المميز الذي قامت به الكاتبة بين كل من الأمور النفسية التي تتمثل في الجانب المعنوي وحواسها المختلفة المتمثلة في الجانب المادي .. ونلحظ ذلك في ارتباط مفردة ( التلوين ) مع مفردة ( الأوجاع ) وكذلك مفردة ( الضحكة ) إلى جانب مفردة ( الارتباك ) .

من خلال فتح شباك الأحلام .. للحزن .. تكون الكاتبة قد استبدلت الحالة المألوفة التي يعيشها القارئ والتي تراود ذهنه .. في مشهد شباك الأحلام .. والذي غالبا ما يكون ايجابيا يعكس التفاؤل وتحقيق الأحلام .. إلى حالة استثنائية تختص بها .. فالشباك فتح للحزن .. لما آلت إليه الحالة النفسية والوجدانية للكاتبة .. فالنظرة للحالة ليست سوى نظرة تعكس ما في داخل الكاتبة من أحزان والالام ( اكتبني .. تعب نخلة ) صورة جميلة جداً .. فيها استدعاء لرمز تاريخي تمثل في ( النخلة ) وهو رمز يحتل مكانة مميزة في أدبنا العربي .. لما له من دلالات عدة أبرزها العطاء والشموخ والجود .. ومن هنا نلحظ أثر البيئة على الكاتبة .. فالكاتبة منتهى القريش ولدت وترعرت في مدينة صفوى السعودية حيث يعد النخيل من أبرز الملامح التي تشتهر بها مدينة صفوى .. لذلك تشبه نفسها بتعب النخلة .. فلقد عايشت الكاتبة هذا الرمز سنوات عديدة ودخل في تكوين ثقافتها وكبر معها فهي تعلم جيدا ما الذي تعانيه النخلة من تعب على مر السنين سواء في تقدمها بالعمر أو في اهمال الناس لها في الحاضر وعزوفهم عن زراعتها رغم ما قدمته لهم في السابق حينما كانت تمثل جزءا من المحيط كما لو أنها فرد من الأسرة إلى جانب كونها مصدر للرزق , استخدام صوت الريح .. في وضعية الصراخ .. قد يكون اشارة إلى الشجار أو الصدام أو الاختلاف في الحياة الشعورية .. وربط الريح بالصراخ بتلك الصورة الفنية له دلالة جلية وواضحة في نفس وذهن الكاتبة وكذلك ينطبق الأمر على الغياب الذي يتوشح بها والليل الذي يفرح بها حاملا إليها ظلمته ووحشته وكآبته .

قدمت الكاتبة مفارقة جميلة بين مشهدين في النص .. المشهد الأول حمل بين جنباته مفردات كـ ( العصافير / الشجر / الغيوم / الرسم / التلوين / الضحكة / الأطفال ) .. في حين أن المشهد الثاني عبرت عنه بمفردات مختلفة كـ ( رصيف / شارع / منفى / شبح / بكاء ) فشتان ما بين المشهد الأول والمشهد الثاني .. ففي هذه المفارقة ايحاءات ودلالات فارقة وواضحة على ما كانت تمثله الكاتبة من براءة وجمال ورقي في نظرتها والواقع الذي اصطدمت به على الضفة الأخرى ..استخدام الكاتبة للزمن المضارع في بداية النص للتعبير عن حالتها النفسية والوجدانية .. دلالة واضحة على فاعلية التدويم والاستمرارية والتجدد للحالة النفسية التي تعيشها الكاتبة بصورة مستمرة ومتكررة في أزمنة شبه معلومة وواضحة الملامح والمعالم صاحبها في المقابل أمكنة تكاد تكون ضبابية ومجهولة .. الحشد الواضح للمتضادات من قبل الكاتبة وتوظفيها بشكل ملحوظ في النص ( أنام و أصحى .. الأبيض والأسود .. أكتبني وأمسحني ..... إلخ ) عملت على اضفاء شيء من المتعة واللذة الذهنية لدى القارئ .. من خلال تلك العلاقة المنسجمة التي تعبر عن مراحل وأوقات وحالات مختلفة .. فكل فعل يقابله فعل منعكس من الكاتبة وإن بدا للقارئ أن مصدر الفعل ذات واحدة فقط .. ومن يتتبع المسيرة الشعرية الحافلة للكاتبة سيجد أن غالبية نصوصها تمتاز وتزخر بمثل هذه المتضادات الفنية .. ومن خلال التقابل ما بين بعض الكلمات في النص يبرز لنا وبشكل واضح التضادية في الأحداث .. كما أنه يرسم لنا جانبين مختلفين تماماً .. الجانب الأولى وهو جانب إيجابي يتمثل في كل من ( اكتبني / أنام / نهار ) والذي يحمل معه إلينا دلالات وايحاءات عدة كالحضور والحياة والبياض .. في حين أن الجانب الآخر المقابل له وهو جانب سلبي يتمثل في كل من ( امسحني / أصحى / ليل ) يوحي لنا بالغياب والموت والسواد .. ويتضح لنا من خلال هذين الجانبين إضافة إلى النص بمجمله .. تلك الكثافة التي استخدمتها الكاتبة في اسناد الضمير إلى الذات .. والالتصاق الشديد بالأنا العائدة إلى الكاتبة كما لو أنها أصبحت تعيش لوحدها فلم تعد بحاجة إلى الآخر .. فهي باتت تمثل كل شيء .. وهذا انعكاس لما في القلب وتبيان للأثر النفسي سواء على مستوى النبرة التوترية في النص أو مستوى الإلتصاق بالأنا والتأكيد على تلك الرغبة في منح نفسها الملكية الكاملة في القيام بدورها دون أن تمنح الآخر الأحقية أو تسمح لأحد بالمشاركة في ذلك .. ويتجلى لنا ذلك في الطريقة التي استخدمتها الكاتبة في انهاء النص .. عن طريق مسامحة نفسها في الذنب الوحيد الذي اقترفته في حياته ألا وهو ذنب الوفاء .. ولم أجد وصفاً مناسبا للحالة التي تعيشها الكاتبة إلا في نص / عتاب من القبر .. للأنيق / فاروق جويدة .. حينما قال ... :

( أما أنا /
فأعيش وحدي في السماء /
فيها الوفاء /
والأرض تفتقد الوفاء )

فالكاتبة تعيش ملتصقة بذاتها كما لو كانت تعيش لوحدها في عالم آخر أو سماء في حين أن الآخر وما يرتبط به يعيش في مكانٍ بعيد .. ذلك المكان الذي ارتكبت فيه ما تسميه ذنبها .. وفي نهاية المطاف أقول للكاتبة الأنيقة / منتهى القريش .. للكتابة ذنب أيتها الشرقية .. وأنتِ مذنبة بجدارة .. أمام العلن .. !



# نقش ... :
تتبَاهَى بالفُسْتانِ الذي يَحمِلُ رائِحة عبَقِ عشِيقهَا .. في حِين أنّ الأخرَيات يستعرضن فسَاتينَ العيدِ الجديدة .. !


# نُشِرَ في جريدة الصباح الكويتية .. ملف مقامات أدبية .. يوليو 2012 ..!
http://www.alsabahpress.com/Archive/...IMYWOPXOWK.pdf

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




 

التوقيع


faisalalraheil@.
.
تمهل أيها الفأس إن نصفك شجرة

فيصل الرحيّل غير متصل   رد مع اقتباس