منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ..!
الموضوع: ..!
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-2011, 03:18 AM   #6
فيصل الرحيّل
( كاتب )

الصورة الرمزية فيصل الرحيّل

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

فيصل الرحيّل لديه هالة مذهلة حولفيصل الرحيّل لديه هالة مذهلة حول

افتراضي دَرْوِيْشُ الْقَصِيْدَة ..!




























نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة








.

.

.

.




محمود درويش لا يحتاج إلى جواز سفر ..!
كتبه .. // فيصل الرحيّل - رحمه الله -


يقول الأديب الايرلندي روبرت جريفز « إن لعملية الكتابة قوة دافعة تسمى الصوت وإن هذا الصوت من الناحية الفنية لا يكون ضمن عملية تبدأ في رحلة الكتابة من بدايتها حتى نهايتها فحسب، وإنما هوضمن كل جزء من مهارات عملية الكتابة، وإذا نحن أنكرنا هذا الصوت فإننا نقدم عملية الكتابة كنشاط ميكانيكي خالٍ من نبض الحياة « إن الأديب أوالشاعر دائما ما يبدأ الهرولة في مجال الكتابة في محيط ضيق جدا يدور فيه حول دائرة الأنا أوالبعد الذاتي وهي تعد البُعد الأول للعملية الإبداعية الأدبية والتي يفجر من خلالها طاقاته ويبوح مكنوناته رغبةً منه في تأصيل الذات واثبات الكفاءة والجدارة ، ومن ثم ينضج أدبياً وفكرياً أكثر فتتولد في داخله رغبة في الهرولة بمساحة أكبر ، مساحة تمنحه حرية التحليق أكثر من ذي قبل فتجده يحلق في فلك البُعد القومي أوما يسمى دائرة النحن ليتحدث عن جميع ما يدور في خلجاته تجاه مجتمعه ويثير العديد من القضايا والمواقف ويرى أنه لسان الحق المتحدث عن ظلم البقية ، وبالتأكيد أن الانتقال إلى هذه الدائرة تحتم على المبدع أن يقدم أفضل ما لديه ويجود بأنفس درره فسقف المتابعة بالنسبة له أصبح شاسعا ودائرة الأضواء ازدادت توهجا على ما ينهل به مورده من أدب وفن فنجده يعمل جاهدا على تأصيل ما يسمى ثقافة البناء والمحافظة على الصورة الجميلة التي تكونت ملامحها على مر السنين إلى جانب العمل على نموها وتقدمها فيصبح أكثر عمقا وخبرة لينتقل إلى ما يدعى بالبُعد الإبداعي الثالث ألا وهوالبُعد الإنساني فتجده يدور في فلك غيره ويتحدث عن قضايا وهموم الجميع ويشعُر بما يشعرون به فهو لا يتحدث عن هموم بلده فقط لأنه يشعر في داخله بالإنتماء إلى جميع البلدان فجميع الأوطان هي وطنه وجميع اللغات هي لغته ، وهذا البُعد الإنساني يفتقده العديد لما فيه من عمق وتمكن على الصعيدين الأدبي والفكري ، ولكي تتضح الصورة للجميع سأحاول جاهدا تجسيد أبعاد العملية الإبداعية بأمثلة على أرض الواقع ، ولن أجد أفضل وأجمل ممن غيّب الموت جسده وأبقى روحه المفعمة بالحب لتحيا في قلوب العديد، كيف لا وهوعاشق فلسطين «محمود درويش» رحمه الله.

يمتلك «محمود درويش» موهبة شعرية فذة ومذهلة ورؤية فلسفية تنسج لنا أبجدية من نوع مغاير مكثفة بالصور والدلالات الجمالية، لذا سأحاول أن استعرض مراحل أبعاد العملية الإبداعية لدى «محمود درويش» بصورة بسيطة وواضحة للعيان وستكون البداية مع البُعد الذاتي أوالأنا الذي ستتضح لنا ملامحه من خلال هذه المقتطفات الجميلة من بعض قصائده:






«1»
وأنا البلاد وقد أتت
وتقمصتني
وأنا الذهاب المستمر إلى البلاد







«2»
وأنا، وإن كُنْتُ الأخيرَ،
وجدْتُ ما يكفي من الكلماتِ...
كلُّ قصيدةٍ رسمٌ
سأرسم للسـنونو الآن خارطةَ الربيعِ
وللمُشاة على الرصيف الزيزفون
وللنساء اللازوردْ...
وأنا، سيحمِلُني الطريقُ
وسوف أحملُهُ على كتفي





ما أروع هذه الأنا لدى هذا الدرويش وكأنه يقول للعالم أجمع أنه هوالمرجع الأصلي لك شيء ومن عنده تبدأ الحياة ومن الحياة هويبدأ وكأنه والبلاد صهرا في بوتقةٍ واحدة فهوينطلق منها وهي تنطلق منه، سنلاحظ أن محمود درويش يجد في البعد الذاتي عالم شاسع ورحب يحلق به كيفما شاء لكن الظروف التي تواجد بها الكاتب تزامنا مع احتلال بلده أجبرته طوعا أن ينزع رداء الذات الأنا ويرتدي الذات القومية «النحن» أي يخرج من البعد الذاتي وينطلق إلى البعد القومي الوطني وإليكم بعض المقتطفات التي توضح البعد الوطني في نصوصه:




«3»
ايها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار ومنا لحمنا
منكم دبابة اخرى ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص وانصرفوا
وعلينا نحن ان نحرس ورد الشهداء
وعلينا نحن ان نحيا كما نحن نشاء






«4»
لأجملِ ضفةٍ أمشي
فلا تحزنْ على قدمي
منَ الأشواكْ
إن خطايَ مثلَ الشمسِ
لا تقوى بدونِ دمي!
تعالوا يا رفاقَ القيدِ والأحزانِ
كي نمشي
لأجملِ ضفّةٍ نمشي
فلنْ نُقهرْ
ولن نخسرْ
سوى النعشِ





لقد حمل محمود درويش على عاتقه القضية الفلسطينية وكرس كل جهده وشعره في خدمة قضية بلده وتحريرها من العدوان فلقد كان يحلم باستغلال فلسطين فقط لاغير، فجعل من شعره وسيلة يعبر بها ويخوض من خلالها مسائل مصيرية تتعلق به وبشعبه فلم يكن يحمل حقدا أوكرها أوتعصبا تجاه اليهود فلا تنسوا أنه كان يعشق فتاة يهودية تدعى «ريتا» إنما كان يرفض هذا الإحتلال وهذا الظلم الواقع على وطنه، ومن يتعمق بنصوص محمود درويش يرى لوحةً تعج بالتفاصيل المذهلة والرائعة. أما بالنسبة للبعد الثالث ألا وهوالبعد الإنساني فلقد قدم نموذجا من خلال قصائده ومنها قصيدة «جواز السفر» وقصيدة «أمي» التي تكاد لا تضاهي أبدا، فالنص لم يكن لأمه فقط إنما كان لجميع الأمهات في شتى بقاع الأرض كان موجهً إلى كل أم في هذا الكون، إليكم :





«5»
يا سادتي! يا سادتي الأنبياء
لا تسألوا الأشجار عن اسمها
لا تسألوا الوديان عن أُمها
من جبهتي ينشق سيف الضياء
ومن يدي ينبع ماء النهر
كل قلوب الناس... جنسيتي
فلتسقطوا عني جواز السفر!




فعلاً فهو في قلوب جميع الناس، فجميع الأوطان وطنٌ له وجميع البلدان بلده وكل القلوب مآوى له يرقد بها آمناً مطمئناً،فهومن حلق بنا عشقا وطربا وحزناً وفرحاً، عزيزي القارئ الحديث عن محمود درويش بحرٌ لا ضفاف له فخير ما أنهي به هذا الحديث هو:





«6»
أحنّ إلى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسة أمي
وتكبر في الطفولة
يوما على صدر يوم
وأعشق عمري لأني
إذا متّ أخجل من دمع أمي!



*
نُشِرَ في جريدة ( الصباح ) الكويتية .. ملف مقامات .. 16 / أبريل / 2010 م .
http://www.alsabahpress.com/SPress/A...UTJVSWRFAY.pdf

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة






 

التوقيع


faisalalraheil@.
.
تمهل أيها الفأس إن نصفك شجرة

فيصل الرحيّل غير متصل   رد مع اقتباس