منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ألقابٌ مغبونة
الموضوع: ألقابٌ مغبونة
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2014, 12:38 AM   #1
رَوْنَقْ
( كاتبة ومصممة )

الصورة الرمزية رَوْنَقْ

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 20

رَوْنَقْ لديها الكثير لنكون فخورينرَوْنَقْ لديها الكثير لنكون فخورينرَوْنَقْ لديها الكثير لنكون فخورينرَوْنَقْ لديها الكثير لنكون فخورينرَوْنَقْ لديها الكثير لنكون فخورينرَوْنَقْ لديها الكثير لنكون فخورينرَوْنَقْ لديها الكثير لنكون فخورينرَوْنَقْ لديها الكثير لنكون فخورين

Exclamation ألقابٌ مغبونة






|

يقول بن قتيبة رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه ( أدبُ الكاتب ) :

* أمّا بعد حَمْدِ الله بجميع محامده ؛ والثناء عليه بما هو أهله ؛
والصلاة على رسوله المصطفى وآله فإني رأيت أكثر أهل زماننا هذا
عن سبيل الأدب ناكبين ، ومن اسمه متطيرين ، ولأهله كارهين أمّا
الناشئ منهم فراغبٌ عن التعليم ، والشّادي تاركٌ للازدياد ، والمتأدب
في عنفوان الشباب ناسٍ أو متناسٍ ، ليدخل في جملة المجدودين ويخرج
عن جملة المحدودين فالعلماء مغمورون ، وبكرّة الجهل مقموعون ؛ حين
خوى نجم الخير ، وكسدت سوق البِرِّ ، وبارت بضائع أهله ، وصار العلم
عاراً على صاحبه ، والفضل نقصاً ، و أموال الملوك وقفاً على شهوات
النفوس ، والجاه الذي هو زكاة الشرف يباع بيع الخَلَقِ ، وآضت المروءات
في زخارف النَّجْد و تشييد البنيان ، ولذات النفوس في اصطفاق المزاهر
ومعاطاة الندمان ؛ ونُبذت الصنائع ، وجُهِل قدر المعروف ، وماتت
الخواطر ، وسقطت همم النفوس ، و زهد في لسان الصدق و عَقْدِ
الملكوت فأبعد غايات كاتبنا في كتاباته أن يكون حسن الخط قويم الحروف
و أعلى منازل أديبنا أن يقول من الشعر أبياتاً في مدح قَيْنَة أو وصف كأس
و أرفع درجات لطيفنا أن يطالع شيئاً من تقويم الكواكب ، و ينظر في شيئ
من القضاء و حدِّ المنطق ثم يعترض على كتاب الله عزّ وجل بالطعن ؛ و
هو لا يعرف معناه ؛ وعلى حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم بالتكذيب
وهو لا يدري مَن نقله ، قد رضي عوضاً من الله تعالى ومما عنده بأن يقال :
( فلانٌ لطيف ) و ( فلانٌ دقيق النظر ) يذهب إلى أن لُطْف النظر قد
أخرجه عن جملة الناس وبلغ به علمُ ما جهلوه ؛ فهو يدعوهم الرِّعاع
والغُثاء و الغُثْر ، وهو لعمر الله بهذه الصفات أَوْلى وهي به أَلْيَق لأنه جهل
و ظنّ أنه قد علم ؛ فهاتان جهالتان ، ولأنّ هؤلاء جهلوا وعلموا أنهم
يجهلون ... ..... الخ


* فإنّي رأيتُ كثير من كُتّاب أهل زماننا كسائر أهله قد استطابوا الدَّعَة
و استوطؤوا مركب العجز و أعفوا أنفسهم من كد النظر و قلوبهم من تعب التفكر
حينَ نالوا الدّرك بغير سبب وبلغوا البِغْيَة بغير آلة ؛ ولعمري كان ذاك فأين همّة النفس ؟
و أين الأنفة من مجانسة البهائم ؟ و أيّ موقف أخزى لصاحبه من موقف رجل من الكتاب
اصطفاه بعض الخلفاء لنفسه و ارتضاه لسرّه فقرأ عليه يوماً كتاباً و في الكتاب :
( و مطرنا مطراً كثر عنه الكلأ ) . فقال له الخليفة ممتحناً له : و ما الكلأ ؟ فتردد في الجواب
و تعثّر لسانه ، ثم قال لا أدري ، فقال : سَلْ عنه
.

* و ليست كتبنا هذه لمن لم يتعلق من الإنسانية إلا بالجسم و من الكتابة إلا بالإسم
و لم يتقدم من الأداة إلا بالقلم و الدواة ولكنها لمن شدا شيئاً من الإعراب : فعرف الصدر
و المصدر و الحال و الظرف وشيئاً من التصاريف و الأبنية و انقلاب الياء عن الواو و الألف عن
الياء و أشباه ذلك .


* و لابد له مع كتبنا هذه من النظر في الأشكال لمساحة الأرضين ...... ....... ........ الخ
و كانت العجم تقول : من لم يكن عالماً بإجراء المياه و حفر فرض المشارب و ردم المهاوي
و مجاري الأيام في الزيادة و النقص و دوران الشمس و مطالع النجوم و حال القمر في
استهلاله و أفعاله و وزن الموازين و ذرع المثلث و المربع و المختلف الزوايا و نصب القناطر
و الجسور و الدوالي و النواعير على المياه و حال أدوات الصنّاع و دقائق الحساب
كان ناقصاً في حال كتاباته .

* و لابد له مع ذلك من النظر في جمل الفقه و معرفة أصوله ...... ....... ........ الخ
* و لابد له مع ذلك من دراسة أخبار الناس و تحفّظ عيون الحديث ليدخلها في تضاعيف
سطوره متمثلا إذا كتب و يصل بها كلامه إذا حاور .


* و نحن نستحب لمن قبل عنّا و ائتم بكتبنا أن يؤدب نفسه قبل أن يؤدب لسانه
و يهذب أخلاقه قبل أن يهذب ألفاظه و يصون مروءته عن دناءة الغيبة و صناعته عن شين الكذب
و يجانب قبل مجانبته اللحن وخطل القول شنيع الكلام و رفث المزح .

* وَ نستحبُّ له أن يَدَع في كلامه التّقْعِير وَ التَّقْعِيب ؛ كقول يحيى بن يعمر لرجل خاصمته
امرأته [ عنده ] : ( أَأَنْ سَأَلَتْكَ ثمن شَكْرَها وَ شَبْرِك ؛ أنشأت تَطُلّها و تَضْهَلُهَا ) و
كقول عيسى بن عمر ، و يوسف بن عمر بن هبيرة يضربه بالسياط :
( والله إن كانت إلاّ أُثَيَّاباً في أُسَيْفَاطٍ قَبَضَها عَشَّارُوك ) .
فهذا و أشباهه كان يُستثقل و الأدب غَضٌّ والزمان زمان ؛ و أهله يتحلون فيه بالفصاحة ؛
ويتنافسون في العلم ، و يروْنه تِلْوَ المقدار في درك ما يطلبون وبلوغ ما يؤمّلون ؛ فكيف
به اليوم مع انقلاب الحال ، وقد قال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : ( أبغضكم إليّ
الثرثارون المتفيهقون المتشدقون ) .

* ونستحبُّ له إن استطاع أَنْ يَعْدِل بكلامه عن الجهة التي تُلْزمه مستثقل الإعراب ،
ليسلم من الّلحن وقباحة التَّقعير ...... ... ..... الخ


* ونستحبُّ له أيضاً أن يُنَزِّل ألفاظه في كتبه فيجعلها على قدر الكَاتِب والمكتوب إليه ؛
و أن لايعطي خسيس الناس رفيع الكلام ، ولا رفيع الناس وضيع الكلام ؛ فإني رأيت الكُتّاب
قد تركوا تفقُّد هذا من أنفسهم ؛ و خلّطوا فيه ، فليس يُفرقون بين مَنْ يُكتب إليه
( فَرَأيك في كذا ) وبين مَنْ يُكتب إليه : ( فإن رأيتَ كذا )
و ( رأيك ) إنما يُكتب بها إلى الأكِفّاء و المساوين ؛ لا يجوز أن يُكتب بها إلى
الرؤساء و الأستاذين لأنّ فيها معنى الأمر و لذلك نُصِبت . ....... ..... الخ

* هذا منتهى القول فيما نختاره للكاتب ؛ فمن تكاملت له هذه الأدوات ؛
و أمدّه الله بآداب النّفس _ من العفاف و الحِلْم و الصبر ؛ والتواضع للحق ؛
وسكون الطائر ؛ وخفض الجناح _ فهذا المتناهي في الفضل ، العالي في
ذُرَى المجد ، الحاوي قَصَبَ السبق ؛ الفائز بخير الدّارين إن شاء الله تعالى .

________________________________________
باختصار شديد :
إذا كانت تلك المقتطفات في الأعلى هي بعضٌ مما يتزوّد به الكاتب ليصبح كاتباً
فكيف و على حين غرة في زماننا هذا صار الكل ( كاتباً ؛ أديباً ؛ شاعراً ؛ روائياً .. الخ ) ؟!!
و الكل تلك التي أعنيها هي لفيفٌ يزداد باطرادٍ عجيب و مخيف
زحفٌ محسوبٌ على [ ألقاب ] هي أبعد ما يكون عمّن لا يجيد التفريق بين موضع
الـ ( ض ) من الـ ( ظ ) ؛ و عمّن لا يعرف مواطن كتابة الهمزة ؛ و عمّن لا يدرك التاء
المربوطة من الهاء المربوطة ؛ إلى غير ذلك من الأخطاء الإملائية ؛ ناهيك عن الأخطاء النحوية و اللغوية
؛ هذا غير الفظاعات الأخلاقية التي تمس الدين و الأعراف و الأخلاق عند البعض من الكل و ليس الكل حتماً .
ألا يعتبر منح الألقاب لمن هو ليس لها أهلٌ فوضى عارمة تحيف بالكتابة و الأدب و تهوي بها إلى مكانٍ سحيق ؟
ألا يستحق الأمر وقفة صادقة و جادة ؟
ما رأيكم في ظاهرة المنح هذه ؛ و التصفيق و كيل المديح على عواهنه دون تبصّر أو قاعدة ؟
و أخيراً .. ..
عذراً لمن ( أزعجته ؛ أزعجتها ) صراحتي
فمقالي صرخة قلم غيور يؤثر أن تُسمى الأمور بمسمياتها الحقيقية
بعيداً كل البعد عن المجاملات المنبثقة من العلاقات الإنسانية
فللأخيرة محلها و قدرها و مكانتها في النفس و لكن الأولى كلمة حق تقال و إن لم ترق للبعض .
_ مع خالص وُدي _

 

رَوْنَقْ غير متصل   رد مع اقتباس