منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - طريقٌ يُشبِهُ ذاكِرتي .. !
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-11-2011, 02:45 PM   #1
نبيل الفيفي
( يسمعُهُ الله )

الصورة الرمزية نبيل الفيفي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

نبيل الفيفي غير متواجد حاليا

افتراضي طريقٌ يُشبِهُ ذاكِرتي .. !


لأنّه لم يُنصِفكِ القلمُ بحرفٍ عدل .. و لم أورّطه معكِ لخوفي عليهِ من : أنوثتكِ / براءتك , دلالكِ / غُنجَكِ ... غمّازتَيْكِ , مِن ابسَطِ أشيائكِ .. قد كان لزاماً عليّ أن أسكبني في إنائكِ حُباً , حاجةً .. رغبةَ قلمٍ جامِح أرادَ أن يَكتُبَكِ سطراً لا يُمحيه فراقٌ و لا تفصِلُ بينَ كلماتهِ نُقاطٌ قالها قلبي و لا تُسمع ..
حبيبتي ! دعيني أقطِفُ لكِ ما تدلّى مِن ثمرِ ذاكرتي الآنَ - و أنا أخِطّ من عينيك كحلا - عن أوّلِ لقاءٍ لنا , و كَيْفَ كنتِ تلهثينَ في قدرٍ وُضعتي فيه رُغمَاً عن أنفِ صباحاتِك التي تظفّرينها بشرائِطكِ البيضاء ! و منذُ أن تقابلَتْ عينانا ! و قفتِ دونَ حراكٍ و ظلّكِ يُقصّرُ المسافةَ بيننا و أنا أزيدُ طولاً إلى اللهِ و أدعو : أن هبها لي و أطفئ ظمأ عيني بها ,
اشش !
اششش !
قبلَ أن تمتدّ يدكِ الصّغيرة على ثمرةِ لم يَحِن قطفها سأجيبكِ عمّا يدورُ بِخُلدِك !
- أنثايْ ؟! , مَن تدهَسه عربةُ الوقتِ كُلّ يومٍ .. يثورُ مِن عجلاتها غُبارُ غُربةٍ و نَفيْ .. يستنشقهُ قبلَ أن ينامْ , قبلَ أن يموتْ ؛
و لأنّ اللهَ يُحبّهُ ! يُرسِلُ إليهِ امرأةً في نومِه تُداريهِ و تُحسِنُ مقابلتَهُ إلى أن يُصبِحَ العصفور و يعلِن عن بدايةِ يومٍ جديد من حُنجرتِه .. أيْ أنّي التقَيتُكِ في زمنٍ غير هذا الزّمن و في مكانٍ غيرَ هذا المكان .. -
يا قِبلتي ! جِئتني مِن أقصى مُدنِ الحاجةِ شعثاءَ غبراءْ , حافيَةً مِنَ السّعادة , مُرتَديَةً جِلبابَ التّيهِ , يبينُ على عَينَيِكِ أثرُ الشّرودِ , يبينُ علَيْكِ أثر التّعبِ , و جِئتُكِ مِن قُرى الفقر و الانتظارِ , مِن قُرىً يَزرَعُ فلاّحوها سنابِلَ الصّبرِ , و يبنونَ ذوا كرهم مِن طين , تلكَ التي عبَرتني مِنذُ أن أسندتُ ظهري على جدار جدّي مُنتظِراً يدَ رأفةٍ تتعرّق بيدي ؛ لتجعلني ألهو معَ أطفالٍ سكنوني .. أمزّق سجّادة الشّمس التي افترَشَت صدرَ الفتى الفَتِيْ ؛ حُلمي أنّ أمّي ستعودُ مِن الحقلِ مُبكّراً ..
ورغم كُلّ هذا الخوفْ الذي سكنني و الذي استطعتِ أن تُخفيه بيننا -حيثُ أنّكِ أنثى تستطيعُ إخفاء كٌل العواطفِ في عَينها اليمنى
-
طرقتُ بابَ قلبكِ فجاوبتني متسائِلة ..؟! :
مَنِ الطّارِق !
و دونَ علمٍ منّي أو رُبّما كنتُ الأشدّ علماً بما أنا عليهِ في تلكَ اللّحظة :
عابِرُ سبيل .. !
لم يتفاجأ عندما سَمِعني عقلي و لَم يوبّخني بل ابتسمتُ كابتِسامتي عندما كنتُ أُدْمي بأظافري الصغيرة وجه الضّحى علّني أجد فيه امرأةً تشبِهُ أمي .. على الرغم ما كنتُ لأهتمّ بها لو أتَتْ – تتشابَهُ ابتِساماتُ الأطفالِ مادامتِ شجرة البراءَةِ تُقيِّئهم - … قطعتي رِجْل شارعٍ سيسيرُ بمحاذات أرصفتي دون توقف , قاطعتي شرودي , مًتجاوِبَةً أو فالأقُل مجاوِبةً و لم أدري لما كانَ جوابكِ حياةً لي رُغمَ موتهِ منذُ أن لامسَ أذني :
.. وماذا تُريد ؟!
بكى شيئٌ فيّ قبلَ أن أجيبكِ يُشبِهُ تشرّدي في الحاناتِ وبين عيونِ مُرتاديها , يُشبِهُ حنينِي لشيءٍ ما ! كنتُ أبعثُ إلَيْهِ رسائلاً لا أدري كَيفَ أبدؤها و لا كَيْف أختِمُهاو لكنّ صدرها مُقلّدٌ بـ : فتاتِ ليلٍ , وحدةٍ , و كثيرُ كثير مَرَضْ , تٌشبِهُ أنانيّتي الآن و أنا أتذكّر أبي بينما ذاكِرتي تقفُ في وجهِي مكتوفة اليدين , مقطّبة الحاجبين و تزمّ شفتَيها و كأنّها تقولُ : لن أُسقِطهُ بينَ يدَيْكِ الملوّثتين .. ! و بينَ معمعةِ تلكَ العواطِفِ التي طفتْ على عقلي فترة طويلة و على عَيني فتراتٍ أطول ... تشجّع طفلٌ بداخلي قد علّمتهُ الأزقّة معنى الأرواحِ و أشباهِها , علّمتهُ جُدرانُ الحزن كَيْفَ أنّ ظِلّ الرّغيفِ تأكلُهُ يدُ الجوع و تكفيه عن ذل السؤال ! .. فقالَ بصَوتٍ تَسكنهُ بحّةٌ بِطولِ مئذنةٍ و عرض محرابها :
.. فقط أريد الإنسانية !
فبكى ,
بكيتِ ,
ثم أبكيتماني ..
اممم !
أتعلمينَ يا فتاتي ! كيفَ هي أحضانُ الطّرقات التي تجمعُ مُشرّدَيْنِ أتى الخوفُ مِن الحاجةِ و عدَمِ الحصولِ على قوتِ إنسانيّةٍ يسدّ حاجتهُما ؟, و الخوفُ مِنَ الانتظار و قطاراتِهِ التي تعبُرهما مخلّفةً فيهما ابتساماتٍ صفراء مُعلّقةٍ على وجهِ أملٍ ميّت ! : سيأتي غداً , قطارُنا سيأتي غداً و هما يدفِنان فيهما ألفَ صرخةٍ تنفي مجيئه ..؟!
يشبِهُ يا صغيرتي قبراً فيهِ شيءٌ ما اجتمعَ عليه حبيبَين لم يبلُغا سنّ العشق و القبّارُ ينتَظِرُ بلوغه ليأخذَهُ على أقرَبِ قبرٍ فارِغْ و يحثي على وجهِهِ التّراب أو رُبما تُشبِهُ أطفالَ حَيٍّ تجمّعوا ببراءتِهِم تحتَ سماءٍ قد ألبسها الوقتُ خوذة فولاذيّة و قلّدتْ صدرها بدبّاباتٍ عسكريّة تُهديهم كُلّ ساعةٍ باروداً و دماً مِن رصاص .
















رُبمـا !

 

نبيل الفيفي غير متصل   رد مع اقتباس