منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - مقهى النقد ..
الموضوع: مقهى النقد ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2009, 01:54 AM   #6
أحمد الحسون
( شاعر وناقد )

الصورة الرمزية أحمد الحسون

 






 

 مواضيع العضو
 

معدل تقييم المستوى: 16

أحمد الحسون غير متواجد حاليا

افتراضي


أختي حنان ، أخوتي الأعضاء والقراء اسمحوا لي أن أقدم رأيي بكل تواضع واحترام تام لخصوصيتكم الفكرية أياً كانت.

من المؤكد أن المدارس الأدبية أربعة لا خامس لها ، وفيما عدا ذلك هي تيارات فكرية دخلت الأدب وأضافت له الكثير ، السوريالية اعتمدت على مقولة فرويد أن الإنسان نائم بالدرجة الأولى، لذلك رأوا الإبداع في خلق حالة من الهذيان قد لا يعرفونها هم وذلك رداً على الواقع الذي رأوا فيه أنه عدو للإنسان والحرية بسبب تلك الحروب ، بل إن بيان السوريالية قام على أنقاض الحرب العالمية الثانية ، بعذما أشاعوا نوعاً من الفوضى في كل مظاهر الحياة ، وتعددت لوحاتهم الغريبة كأن يرسم أحدهم لوحة فنية بواسطة تحريك ذنب الحمار بعد أن يلوثه بالألوان ، إلى فتاة جميلة تلبس الحذاء العسكري أو وردة أوراقها من رصاص ، وسلفادور دالي زعيم السريالية في هذا الاتجاه.
ما أريد قوله أن النص الواحد قد ينتمي لعدة مدارس في المعنى الاصطلاحي ، بل إن النقد تجاوز هذه القيود وبات يذكرها على سبيل الذكرى لتاريخ الدب ومقومات نشوء المدارس.
مثلاً لو قرأنا قصيدة لجبران:

أعطني الناي وغني فالغنى لحن الخلود
إلى آخر القصيدة ، سنراها شكلاً هي تنتمي للمدرسة الاتباعية الكلاسيكية ، ولغة للمدرسة الرمزية ، وعاطفة للمدرسة الرومانسية ،
حتى شعراء الإحياء والبعث الذين تمسكوا بالنهج القديم سنرى في أغلب نصوصهم الطبيعة البكر والعاطفة الجامحة ، مثل خليل مطران وقصيدته المساء ، وبدوي الجبل الكلاسيكي الرومانسي ، إن المعركة بين المذاهب الأدبية وليدة الحركة أو الثورة الصناعية في أوربا والقيم المستجدة على أرض الواقع ، فنشأ ما يسمى بوي جمالي جديد وتصعدت الحاجات الدرامية بعد انهيار الإقطاع المتحجر ونصوصه التي تردد ( لا جديد تحت الشمس ) فترى النص لا يملك أي مشاعر بل ممنوع أن يثير العواطف خشية على مصالح الإقطاعية التي نراها اليوم بلبوس جديد ومتعدد ، لذا أنا أرفض أن نعطي للنص أي هوية كي لا ندخل بسجالات لاطائل منها ، إن النص الأدبي لا يملك إلا هوية واحدة هي الإبداع ، أما مدارسنا الأدبية فهي ذكرى للتحول الأدبي فقط ، وقد تتوزع في نص واحد المدارس والتيارات ، ولوعدنا للعصر العباسي سنجد أن النقاد سموا بشار وأبي نواس وأبي تمام بالمجددين رغم أنهم نهجوا نهج الشكل الهرمي التقليدي ، لكنهم خرجوا بالصور من المحسوس إلى المجرد ، وتعددت إيحاءاتهم ، فهل نسميهم كلاسيكيين أم رومانسيين؟
أخوتي الأدباء إن التيارات النقدية التالية لنزاع المدارس الأربعة قد نشأت بعدما تشيّأ الإنسان ، وجاء بعض العرب الذين كان لهم حظ من معايشة سجالات الغرب بحقيبة مليئة بالتيارات في زمن لا يوجد فيه حتى مصنع آلي واحد في الوطن العربي ، فإذا الغربي ندد بالآلة وقهرها للإنسان وأعني المذهب الوجودي ، بالله عليكم في تلك الأزمان من أين لنا بالمعامل ، نحن حتى الآن لم تنخل عن الفأس والمجرفة في أغلب البلدان العربية ، بل إن في بعض البلدان الكبيرة قرى لم يصل لهم التيار الكهربائي ، إذاً نحن بحاجة لوجودية من نوع مختلف ، ودادائية ( سريالية ) مختلفة أيضاً وذلك أجدى بنا من الغوص في سجالات تاريخية.
يا أخوتي حتى المناهج النقدية لم تستقر على حالها كل يوم في جديد وأجمل الدراسات للنصوص هي التي تتطرق له من كل الجوانب ، فهل نتهجم على الدارس لأنه لم يلتزم منهجاً واحداً؟
سأقول شيئاً آخرَ : هنا في هذا المنتدى أرى إبداعاً كثيراً لا ينتمي للشكل التقليدي ، بل يجمع الحداثة بالاتباع ، وداخله من الرموز الشيء الكثير ، وينبض بالشفافية والرومانسية من كل الجوانب ، لكننا لا ننسبه إلا لهوية الإبداع الخالص

أنا اعرف أن الأخت حنان تسوق الموضوع من باب العرض لتاريخية المدارس الأدبية ، لكن موضوعها الشيق الممتع حرضني لقول ما بجعبتي خشية أن يكون هنالك من يحاول أن يخيط عباءة إبداعه من خيط واحد ، وحتى لوحاول فإنه سيخفق لأنه دون أن يشعر ولطاقة الإبداع فيه ما يحرضه على تلوين إبداعه بألوان عديدة ، وأحب أن أقول أن التيارات الأدبية ( الفكرية ) من وجودية وبرناسية وسريالية ونظرية الفن للفن ... الخ هذه ليست نهاية التيارات الأدبية ، بل إن الأدب اليوم مليء بالتيارات الفكرية ابتداءاً من الوصولية إلى الليبرالية والعلمانية وغير ذلك ، وكل يوم لنا قطاف جديد ، والدارسون يعملون على رصد تلك التيارات والتأريخ لها.

أنا اشكر الفاضلة صاحبة الموضوع على جهدها وعلى تحريضها قلمي أن يقول ما بحوزته.


مني مزيد الحب والتقدير ومنكم جميعاً مزيد العطاء المتجدد.

ودمتم

 


التعديل الأخير تم بواسطة قايـد الحربي ; 03-23-2009 الساعة 06:03 PM.

أحمد الحسون غير متصل   رد مع اقتباس