منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - وفي الجهل مزيد من قول.
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-06-2010, 01:45 PM   #1
منى العبدلي
( كاتبة )

افتراضي وفي الجهل مزيد من قول.


ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا

الجهل الذي أراده الشاعر هنا هو الجهل ضد الحلم وليس الجهل ضد العلم .
وهو ليس بالجهل الذي قال عنه أبن سيناء : ( إياك وفطانةٌ بتراء.)
فهو يشير إلى أن الإنسان لا يجب أن يقع في منطقة عائمة فلا هو الفطن التام أو الجاهل التام
ولا يعتقد بأنه يعرف فيما هو لا يعرف , وتلك هي من أعظم مصائب الإنسانية على الإطلاق.
والجهل هوّة مظلمة في حياة الإنسان
إذ أنه السمة التي تُنسب له دونا عن بقية المخلوقات لأنه الوحيد منها الذي له ميزة التعلم وقابليته
فلا الجدار يمكن أن يقال عنه جاهل ولا الحجر أو الشجر
ولأن الإنسان مٌمكن من الانتباه إلى علمه وجهله فيعلم بأنه يعلم ويعلم بأنه لا يعلم فيسعى إما إلى نفي جهله بالتعلم أو إلى طمس عقله بالمزيد من الجهالة والحماقة.

والجهل جهلان ..
بسيط حين يكون الإنسان جاهلا بأمر ما ويعرف بجهله هذا
ومركب حين يكون جاهلا لأمر ما لكنه غير عارف بجهله ومنكر له فيصبح في جهلين وظلمتين .

والجهل ايضا نقيض المعرفة وهو لا ينفيها لكنه يؤمن بكيفية واحدة ويعرض عما سواها لأنه يرى أنه من فئة العلماء والعارفين جازما بما يعتقده
رغم أنه اعتقاد غائب كليا عن تصوره أو أنه لا يراه إلا من جهة واحدة مظلمة.
وكثير من الأتباع والمريدين يقعون في مثل هذا الجهل حين تطبع قلوبهم على محبة مفكر أو عالم أو سياسي دون فهم أو يقين ويسعون للذود عنه وعن فكره في وجه كل مناقض أو معارض.

ومثل الجاهل من يعتقد برأي رغم ما فيه من مفسدة لامتلاء قلبه به فعمّي على بصره وبصيرته عن ما فيه من فساد .
ويزيد في عماه كثرة المتهافتين والمتبنين لرأيه على جهالة من ضعاف النفوس ومرضى القلوب وهذا قد تمكن منه الجهل التام , فيسعى للدفاع عن جهله لأنه جلب له مكانة بين الناس وجلب له خلقا كثيرا ممن هم على شاكلته فأصبح من المكابرين والمعاندين لمن خالفه الرأي .

والجهل درب مفضية إلى الضرر على صاحبها ومن تبعه لأنه يتحول من عقل فعال إلى منفعل متلقي يكرر ما يسمعه دون وعي أو إدراك لماهيته بلا فكر أو تيقن ويعمد بما هو فيه من ضياع رأي إلى تجهيل من يدخل معه في نقاش أو جدال مسفها ومتسلطا ومعطلا للفكر المخالف والذي يفضح جهله وسؤ تبريره وضيق عقله.

 

منى العبدلي غير متصل   رد مع اقتباس