منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - بُرونْز
الموضوع: بُرونْز
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-29-2020, 06:45 AM   #16
عَلاَمَ
( هُدوء )

الصورة الرمزية عَلاَمَ

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 50467

عَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


*



في موسكو1971/4/27م
يكتب محمد إلى فيصل ..




العمل السينمائي الأول الذي طلبه المعلم "الماستر" تالانكين منا؛ وفقًا للمنهج الخاص بمعهد موسكو يشترط أن تروي حدثًا لا يتطلب الحوار. وأن يكون الحدث واقعي ويحصل في الأماكن الطبيعة فقط (أي ليس داخل الأستُديو). وأن يكون متصلًا مع شروط الحياة والعيش في البلد الذي ينتمي له الطالب. بالأمس شعرت وأنا في قاعة العرض بعد انتهاء الفلم الذي شاهدناه؛ أن شاشة السينما هي أكثر الأشياء حساسية وقدرة؛ وهي أدق المرايا في الكشف عن الذات الحقيقية والخفية لصانع الصورة. فقد يستطيع المبدع أن يختفي وراء الكلمات؛ لكنه لن يكون قادرًا على الاختباء وراء الصورة التي صنعها.

حين عدت من سوريا حاملًا الصور التي صورتها هناك للفلم الذي أريد تحقيقه الآن، بدا لي أن هذا "الرشز" (المواد المصورة) يتضمن كل شيء لتحقيق الفلم. وحين شاهدت المواد المصورة لأفلام الطلبة الآخرين بدا لي أنها تفتقد للكثير مما يمكن له أن يحقق تلك الأفلام التي طمحوا لتحقيقها.

بالأمس عرضنا الأفلام بشكلها الأخير. لا أعرف لماذا خرجتُ بعد العرض وأنا أشعر بصفعة على وجهي!… فقد بدا لي أنهم قد حققوا ما كنت أعتقد أنه ناقصًا؛ وأنجزوا أشياء جيدة وجميلة. وأني ما كنت أعتقد أنه بلا نقصان كان ناقصًا.

ليس هذا تقييم، وليس المقصود الجودة أو السوء؛ بل القراءة لما ترى؛ والاستقبال بلا خيال. فاستيقظت في الليل وكتبت في دفتري: "مشكلة فلمي كونه قصة مصورة".

يبدو لي أنه لا بد لي من طلاق بيني وبين القصة الأدبية. ورؤية العالم ببصرية محضة. السينما يجب أن تولد في داخلي من جديد على أنقاض فلمي الأول.

بدت لي هذه الكلمات التي كتبتها بكل نزقها، يجب أن تشكل مسارًا وجدانيًّا يعتلج في داخلي منذ فترة. ربما أكون بهذا قد وضعت أصبعي على المشكلة الأساسية في داخلي.

وأنا إذ أتناول هذه التجربة الأولى بصرامة، فلأني أحس أنه يجب الاستعداد للتجربة الثانية خلال الأيام القليلة القادمة. ربما للمعلم (تالانكين) رأي آخر. فقد عمد دائمًا وبصورة غير مباشرة على تشجيعي على الكتابة، ودائمًا كان يصف ما أقدِّمه له من نصوص أنها أدب بصري. كما لا يمكنني أن أنسى أستاذي العجوز (فيلونوف) مدرس المونتاج الذي عمل مع (إيزنشتاين) وكان شريكًا لـ(كوليشوف) مكتشف المونتاج في السينما. فبعد أن شاهد المواد المصورة في سوريا لفلمي هذا؛ خرج من صالة العرض ودمعة على طرف عينيه؛ وقال لي: فاحت لدي رائحة الواقعية الجديدة الإيطالية! وقد كان لعرض فلمي "حلم مدينة صغيرة" قبل أيام في القاعة الكبرى للمعهد على جمهور واسع من الطلبة والأساتذة؛ أن ذقت ولأول مرة طعم شيء جديد هو صوت الأكف بالتصفيق.


 

عَلاَمَ غير متصل   رد مع اقتباس