.
" لآفته غبراء "
يقول الأديب: وديع العبيدي
[ إن ثمة نزعة قرمطية شائعة في جانب غير يسير من الأدب العراقي ، نزعة التمرد ومخالفة المألوف واستفزاز النظام ، لمجرد الاستفزاز والمخالفة وربما الصيت والشهرة وترميم جرح داخلي ، ظهرت بوادرها المبكرة مع قيام الدولة العربية الكبرى في بغداد التي فتحت أبوابها على مصاريعها لموجات الغرباء من كل الألوان ولكل الأغراض ، فتراجعت القيم والتقاليد العريقة وتعرضت لمنافسة ومناوأة في صورة صراعات سياسية وثقافية واجتماعية بين هويات دخيلة وأصيلة ، كانت الأولى تسخر من الثانية وتتهمها بمساوئ النظام ، مشرعة لنفسها إشاعة الفوضى والتمرد في القول والفعل ، وفي قولة
الحسن ابن هانئ المتمردة على التقليد الشعري العربي:
{ قل لمن يبكي على رسم درس.. واقفا ما ضر لو كان جلس! }. مثال زاخر بالسخرية والزراية ، اعتبره ادونيس من مظاهر التجديد المبكرة في الشعر العربي. فالقرمطية اصطلاحا هنا، لم تولد داخل البيت العربي ولا من قبل أهليه ، ولم تعرف في الشام ولا مصر ولا الحجاز، ولكنها ظهرت في الأطراف الحادة ، مشكلة غزوا داخليا
[ لغة، دين، تقاليد ] وثورة مضادة وجدت فضاءها في مرونة بني العباس ، ثم استفحلت بعد غزو المغول للتحول إلى طرز وسياقات ثقافية واجتماعية سائدة في القرن العشرين ، على أنها ما زالت تتخذ الأطراف موطنا ومباءة ، ولعل هذا أحد أصول التصاق الشعر بالعراق ، لسهولة اختراقه نظما وتقليدا وتكرارا مجانيا يتقمص أفكار وصورا وانفعالات جاهزة ومستعارة ، تفتقد ديناميكية النمو والتطور الطبيعي وبلوغ نتائج وتحقيق منافع نفسية وثقافية للمجتمع والأمة
].
,