منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - خطِيئَة ذَاتُ رِدَاءِ أبْيَض
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-05-2014, 03:39 PM   #2
الحسناء
( كاتبة )

افتراضي



فُتِح البَاب على مِصْرَاعيْهِ والمُمرَضِان يجرّان السرِير المُتَحَرّك الذِي بِهِ عِصَام
فَتَقَدّم إبْرَاهِيم مُسْرِعًا ليَرَاه لكِنّهم أبْعَدُوه عنْهُ ثُمَّ أدخلُوه لغرْفَة العِنَايَة المُرَكّزَة وأُغْلِقُوا البَاب ..
وبقِي حائِرًا يُرِيد معرِفة حَالتِهِ ومانوعُ الحادِثَة التِّي تعرّض لهَا..
ومَاهِي إلّا لحظات خرَج الطبِيب وعلَامة التعَب بَادِيَة عليْهِ
فتقدّم مِنه إبِرَاهِيم بلهْفَة وسَأله ..فطلب منْهُ أن يَتجَلّد بالصَبَر
وقَال:سَنَنتَظِر سَاعات أخرَى لِنتَأكّد من نجَاح العملِيَة
بدَت علَامات الفزَع علَيْهِ فرتّب الطَبِيب على كتفِه وغَادر ..
..
وبقِي مع مخيلَاتِه التِي مَسّها القُنُوط ..
وبِخُطى متَاثقِلَة أتجه نحو بَابِ الخرُوج ورَكِب سيَارتَه ورَجع لِلبيْتِ
.
فسَالتْهُ أمّهُ بِنظَرَاتِهَا ،، فَأخبرَها أنّه فِي غرْفة الإنعاش تحت الرعاية الخَاصَة
فأنتابها البُكاء وردّدت بصَوتِ مخنُوق لَا تقُل أنّ إبْنِي عِصَام سيَمُوت..
أقترَب مِنهَا وشَدّ على يديْها وقَال لَا تخَافِي سيَكون بِخيَر إطمئِنِّي..ورَدّدهَا بخوفِ سيَكُون بِخيَر..
نظَرت إليْه أمّه وعيْناهَا إمتلَأت بالعَبْرَة وقَالت مَالذِي جَرَى له ..!!
قَال : لَا أعلم عَن تفَاصِيل الحَادِثَة ..
..
،
،
أرتجَفَ جَسَدُهُ وكَأنّ صَاعِقَة أصَابتْهُ فدنَا منه المُمرِّض الذِي بِجانِبِه وأخذَ يُتابِع حرَكَاتُه
وهو يُحرِّك سبَابَة أصبُعِه اليُمنَى ويقُول كلَام غيرَ مفهوم وبلسَان بطِيء الحرَكة ثُمّ غَاب عنِ الوَعْيِ
فخرَج المُمرّض مُسْرِعًا متجِها لطبِيبِه المعَالِج
فأخذ يفحصُ نبَضَات قلبِه ويرَى فِي عيْنيهِ ..
وقَال مَازَال تحتَ تأثير المخدِّر سَيفِيق حوالِي سَاعة
..
،
،
يَالِمتغَيّرَات الأيَام ويَالِسُلطَة الوسْواسِ الخنَّاسِ على النُفُوسِ، يُبْعِدُ ويُفرِّق والهَلَاك مِنهُ يَجُوس
يَا الله ألطُف بِنَا ولَا تُسَلِّمْنَا لِمَنْ يُغيِّر القُلوب ويبعَث فِيهَا الشُرُور
يارَب تعلَم أنِّي أتَخَذْته ولَدًا لأكسِب الأَجْرَ وأنجِيه من المكَارِه والظنُون
يَارَب أرفَع عنه الضُرّ وأرْجع لبدَنِه العَافِيَة وردَّ له الحيَاة ..
وأعِد لهُ الرُشْدَ والثَبَات فهُو ولَدُ طيِّب وخَيِّر..
ثُمّ أجْهشَتْ فِي البُكَاء وهِي مَاتزَال جالِسَة عَلَى سِجادةِ الصَلاة..
سمِعهَا إبْرَاهِيم ورَدَّد أمِين ..وأتخَذ مكَانًا بِجانِبِهَا والدمْعُ من عيْنيْهِ يفِيض ..
قَالت له:لَا تخَف يَا بٌنَي سيَعُودُ لنَا أخُوكَ عِصَام
قَالَ متَسَائِلًا ..متأكّدة أمّاه
قبّلَتْ جبِينَه وقَالت : ثِق بالله فرحمَتُه وَاسِعَة
..
فِي صباحِ البَاكِر أتجَهَا للمُسْتشْفَى مع الحِيرَة والخوْفِ و الشَوقِ لرُؤْيتِهِ
لم يجدَاه فِي الغُرفة الذِي كَان فِيهَا، فتوجّهَا الَى الإسْتعلَامَات لِمعْرِفة مكَانه
وجدَا المِصْعد مشْغُول فصَعِدَا الدُرْج بِخُطى سَرِيعة وهُما يبحثَانِ عن رَقَم غُرْفتِهِ
فلم يستدلُّوا ويهتدُو لمكَانِه وبلَغ مِنهُما التعَب والخوْف
وفِي غمْرَة البحْث وجَد إبْرَاهِيم غرفتَه فِي آخِر الرِوَاق..
ندَاها بصوتٍ عالِي وأتجهَت نحوَهُ مهرْوِلَة..
فدخلَا إليْهِ وعِندمَا رأتْهُ بمنظرِهِ الذِي يَبْعَث بالشَفقَة ردّدَت بقلبِ الأمّ الحَانِيَة إبْنِي كيْفَ أنتَ..؟
فأرتجَف قَلْبَهُ حِين سَمِعَ صَوتَهَا الذِي حرّكَ الأمَل فِي نفْسِه وأرتسَمت إبْتِسَامة على محيَاهُ
نظَر إليْها ثُمّ أسْتطرَدَهُ الحزْن وطَأطَأ رأسَه حيَاءًا وتَلَعْثَم لِسَانَهُ عنِ الحدِيث وأغْروْرَقت عيْنَاه بالدُمُوعِ
ونظَرَ اليْهَا نظْرَة التشَفُّع يُطَالِب بالصُفْحِ والتَوبَة النَصُوح مِن الخطِيئَة التِي لوّثَت حَبْل الوِدّ الذِي بيْنهُمَا
وفِي غمْرَةِ هواجِسِه راَى رِدَاءًا أبْيَض يَبْسُطُ النُورَ ويُعِيدُ الصَفَاءَ لِقلبِهِ ..
.
دَنَا مِنْهُ إبْراهِيم وقَال الحَمْدُلله عَلى سَلَامتِك يَارَجُل لم نذُق طَعمَ الرَاحة لمُصَابِك
فقَال بِنبْرَةِ نَدَم : الحمدُلله على كلِّ حَال هَذَا إمتِحَان مِن الله
ونَظَر إليْهَا بإنكِسَار وخُنُوعْ يَسْتجْدِي مِنْهَا الغُفْرَان
..
فتيَقّنَت أنّ تَرْبِيتهَا ورِعَايَتهَا له لَمْ تذْهَب هبَاء...
فأنفَلق الأمل مسْتَبْشِرًا بِـ أسَارِير الرِضَا ..لِـ يَحْضُنَ القُلُوب بِـ التوَادٍّ


بِقَلَم الحَسْنَاء
2014/10/30

 

التوقيع

الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب



الحسناء غير متصل   رد مع اقتباس