لست سوى امرأة
امرأة
أجمع النقيضين في بوتقةٍ واحدة
وياسمينةٍ واحدة
وأعتصر كل غرابةٍ عرفتها البشرية في كأسٍ من الرحيق الابيض
قليله مُسكر
كثيره مُقتر,
أقدمه شراباً لنديمي
في عشائيَ الساحر...
انا امرأة عرفت المستحيل
وعرفت المُمكن واللامُمكن
وعرفت المُحتمل واللامُحتمل
عاصرتُ الامس واليوم والغد
في نهارٍ واحد
وادركتُ العصر الحجري والمعدني واللاهوتي واللامركزي
في ليلةٍ واحدة
حتى رسمتُ تاريخاً ماادركهُ أحد
وغدوتُ معلماً ماطاله زَبَدْ
وصرتُ وشماً في صدر كل قريةٍ او هجرةٍ او بلدْ
انا الحبُّ والكره
والتوقُ والطوق
انا العقدُ المسحور, في عنق ستِّ البحور
انا الخاتمُ الحاكم
والصولجانُ الآثم
والقيدُ الثقيل في قدمِ كلِّ عبد ٍناقم..
خاطبتُ البخور
ورشوت حراس الجسور
رسَّمْتُ القصور, ابتدعتُ حدوداً على سطح القمر
وأزلتُ خطوطاً من وجهِ بعضِ البشر
أهديتهم من مُقلتي شمعة
لففتها بشريط ٍحريري تحفُّهُ بسمة
وفي ختامي, حطّموا خلفي ألفَ أيقونةٍ وجَرَّة
في بادىء العمر كنتُ كوزيت
فقتلتُ سالومي وسفحتُ دماء هيروديا
وروزيتْ
تشبثّتُ بأنجي , وارتديتُ أليسارَ وشاحاً ملكياً
ومن ثم على كبدي
انثنيتْ
كنتُ وهماً وحزناً وغماً
وصرت وهماً وحِكمةً وظناًّ
يكتب بقلمٍ
أنينهُ , عسلٌ وعلقمٌ وزيت...
انا امرأة صبحها سعيد
وظهرها شريد
ومساؤها بعيدٌ بعيدْ
في الظل ِّ, قيظُها شديد
في الطل ِّ, طلعُها نضيد
وفي الليلِ , بأسها ويأسها شديد ..شديد
أبكي على الامس , وأنوح على اليوم
وأنعي وفاة الغد بغير احساس أو ضمير
وأجاهر بالثناء , وأقدّس الأمل والوفاء
وأحتضن دميتي كل ليلة
وعلى وجهي ابتسامة رضى
وقبول ٍ
وضياء...
انا امرأة
تختصر جميع الاحاسيس
جسداً وروحاً , وبعضاً من كواليس
أختبىء فيها حين تشتد في معاركي
حمى الوطيس
ثم أظهرُ كالفيروزِ في سماءِ الكونِ
لامعة ً
فأصهرُ النجوم َمن حولي
وأحطّم أصنامَ ابليس ,
ليعانقني نقاء ُالزُهرة وزُحل وأحتضن
برفقٍ
حكايا وحوادثَ ادريس
انا امرأةٌ ميادةُ الخصرِ , غيداءُ الملامح
والمعاني والمقاييس
على جبيني خُيلاء الأخيلية
وعلى ثغري بارقُ عبلةَ والعامرية
وفي رصيدها , روحي
ثروة قارون
و أوناسيس
ثوبي ساترٌ باهر
يلملم أنوثتي بسحرٍ ظاهر
أما ذيله الموشح بلآلىء النعمان
ومجوهرات ثُريا
فيفوق ببريقه , دربَ التبَّانة
وأوزيس
فأنا لوحدي
امرأة
جمعت في حجرها
كل النواقيس ,
ودقَّت بطُهرٍ
للأماسي الراحلة في عمق ِ
النواميس
غنَّتْ ترانيم َ الهوى
والعشق ِ المحروم
والحبِّ المستحيل
ثم مسحتْ على رأس المتعبين
بيد ٍ من حرير , وبنسمةٍ دمشقية
فرَّت من تشرين
انا امرأة,
لعبت بها الأماني
واحتالت عليها الاهازيجُ والأغاني
فاقتصَّتْ بقهر ٍ من جميعِ المعاني
وشكَّلتْ لوحةً سيريالية من فسيفساء جمعَتْهُ من بقايا عمرٍ
تكسّر كالبللور
على صخورٍ لاترحم
وغربةٍ لاتندم , وحياء لايكفّ عنها ولو
أصرَّتْ
وغباءً يحتضنها ولو من حضنهِ
فرَّتْ
ماأصعبَ أن تنحني لسلطانه
وتوقع على وثيقة اعتماده
وتكون أول من على حكمهِ
يُبايع
وأنتَ اليهِ مُقيّد بسرابلَ من حديدٍ وفولاذ
فلايخرج منك الا صديدٌ في صديد...!!
*****
فإن كنت تهواني لاعليك
وإن كنت تمقتني
أيضا لاعليك
فماعاد يعنيني إلا تلك البسمة القاطنة في مدائنِ عينيك
منها أستمدُّ قوتي
وفيها أعتمدُ
عليك.....
من قديمي 