منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - (( في اغــتياب مدينة )) دعوة للمشاركة ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2010, 01:33 PM   #24
صالح الحريري
( وريث الحرف )

الصورة الرمزية صالح الحريري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 3565

صالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي لذاكرتك الأمان يــ نهلة :)


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهله محمد مشاهدة المشاركة
على عكس أغلب المدن ,














لها في الصمت نفسٌ طويل جداً مما يضمن لها هيبة تامة ..
تحتفظ بك في محفظتها المتواضعة كورقة , وعليك أن تصمت كي لاتنتبه لك الشوارع والبقالات الصغيرة جداً والباعة المتجولون والهاربون من الشمس.. ... ..
صغيرةٌ كنتُ يوم دخلتها بحبةِ موز , يوم كانت الثقة شعرة هدب بين البشر والقردة .
سعى أبي جاهداً لذاك الطريق المُقلق لنكتشف معاً سرّ مدينة تأهلك لمدينةٍ أخرى وتقبل أن تكون مدخلاً متهالكاً لجمالها.
المبهر في نظري كطفلة حينذاك , ذلك العدد المهول للأنفاق , حيث تمزق صراخي في مراوحها , ودُهست أصداؤه بالعجلات وأنا معلقة في النافذة , أفرح على اللاشيء ..
سيارة حمراء من نوع متوسط العمر ,
حقائب , وزحام , فوضاي ,
وعينا أبي التي تراقبني في المرآة الأمامية وأنا أجلس في المقعد الخلفيّ كي أحظى بفرصة ضَمّهِ من خلف المقعد -بيدين قصيرتين جداً - وأقبله .
قبلةٌ على الشعر ومرةٌ على " الغترة " ومرة على الكتف وأخرى على الأذن , حتى ضاع الطريق في القُبل و استقبلنا الضباب ..
معطفي هناك كان صديقي الأول , ووصية أبي الدافئة , تنبيهات أمي الملازمة لظلي ..

على ربوة, وبعد خطوة واحدة, اكتشفت أن للحديث فيها شكل دخان, إنها المرة الأولى التي يبهرني فيها شكل الكلام ..
كسرتُ عود شجرة صمغية قريبة , و افتعلت تدخيناً وشروداً ..
كنتُ في الغالب أتلمس في داخلي أنثى لم تسمح لها الفرصة أن تستطيل ..
لكني هناك تحديداً كَبُرتُ بسرعةٍ هائلة ..
شعرتُ بي أختار شخصي , و أميز كينونتي دون عوائق ..
إلا أن الخوف الذي لازمني مطولاً كَبُر هناك أيضاً وأعادني لضفائري ..
لم تكن لتسعفني ذراع أبي وتذبه عني بشكلٍ كامل , لأنه كان يختار النوم فيها بعيداً عن نفث التكييف .
أنا التي اعتدت صوته لترقيع الأصوات غير المبررة ..الأصوات التي تقول عنها أمي " مسرى الليل يابنتي " ..
على ذارعه وفي أحضان أمي_ أحياناً _ كنتُ أعدُّ كم عجلةٍ مرت بقلقي بدلاً من الخراف .
فالشارع لم يترك لي خياراً آخر , ولم يتح لي فرصة الإستمتاع بصوتٍ غير أصوات الذهاب والإياب والأنفاس .. وكأنني حُصرت بين اتجاهين يعاكسهما الصمت ويطحنني ..

الساعة الثامنة كانت شرارة العقدة الأولى ,
حيث أني ببداهة الصغار أدركت أنها الساعة التي تذبل فيها أضواء السيارات , وتنام المحلات , ويخلد الضجيج البسيط إلى سريره ..
عرفتُ تلقائياً أنها الساعة التي يبدأ منها السّبات , وأنّ في ذلك زمنٌ طويلٌ مطليٌّ بالسواد , ينفث دخاناً يمنعك من استقراء ظلك ..

في الشرفة كنتُ أعلق ظلي كل ليلةٍ على الكلام وأخرج لذراعِ أبي كي أقاوم هيبة " الباحة " , المدينة التي لا أذكرها إلا وأقشعرّ ..
هي مدينتي ....
سيدة الضباب
سيدة قصائد الطرق الجبلي ..
عروساً تمشي على استحياء بحضرة المطر ...
كطفلة تحمل بين ذراعيها هدايا الفتنة وضحكة الغيم ...!
في غابة " رغدان " تجد أشجار العرعر كنساء يمارسنا الغناء بصوت البرد ...!
وعلى قمم جبال السراة يأتيك صوت " شيخ الشموخ " يعلن في مسامع السكون تراتيل الكرم ..!
في أزقتها الضيّقة حكايات جدّي .. رائحة ريحان جدتي .. وأشياء قديمة ما زلت اذكرها برغم كبر سني ..!
هناك بتلك الأنفاق يــ نهلة تفاصيل لحكايات التحدي ..روايات القصص القديمة " لأهل تهامة " ومعاناة الجبال ..!!


ها هي مدينتي ..
بهذا العام تضم على صدرها ...
أطفال الغيث وتباشير الهدوء ورقصات السيف ..!
تداعب بأوديتها أطفال المطر لتراهم بمشهد عجيب ..
حين يمارسون الركض من ضفة إلى الضفة الأخرى ..!

الباحة ..
سرّ طبيعي ..
ربيعٌ لكل فصول المدن ..
أنشودة المطر " لأحمد مطر " ...
مضاءة بمشكاة عصى " الطفيل الدوسي " ...
عبقة بعلم رقيق القلب صاحب الهرّة " أبي هريرة ..
ما زالت تزورها دعوة النبوة " الهم أهدي دوسا " لتنجب من صلبها دعاة للإيمان ...!


الباحة ...
سيدة العتمة البيضاء " الضباب "
حين يأتيها الشتاء تبدو كل الأشياء في خشوع ...
الناس والأنفاس .. المناظر والانظار .. الفوضى والسكون ...


الباحة ..
أي حديث عنها يــ نهلة ...
سيجعلني أغني ثم أغني ثم أغني ..
ولن ينتهي الغناء وفي الحفل عروس المطر ..!


نهلة محمد ..
غيمة فكرتك ...
أمطرت غيثاً سحا غدقا ..
وعلى ذاكرتك الأمان ودعوات أمي ...!نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


شكرا كصوت المطر في مسامع الامتنان يــ نهلة ...!

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


التعديل الأخير تم بواسطة صالح الحريري ; 08-31-2010 الساعة 02:16 PM.

صالح الحريري غير متصل   رد مع اقتباس