الفقد لا يكسرك من الوهلة الأولى..
صدمة الفقد تظل معك إلى أبد الآبدين..
وجعها حي ينتفض كل حين..
و أنت.. ؟
ما أنت؟
يتجمهر البشر حولك في أول الأيام..
يحضنون جسدك الواهن المرتجف..
و لا يَصِلون لقلبك المفجوع..
و أنت تهذي بكلام متلاطم غير مفهوم..
ثم يهزون رأسهم.. كأنهم يفهمون ما تخوض!
و يسبرون ضعفك بلحظة...
و يتركونك أسوء حالاً مما كنت!
ثم يبدأ الفقد الأليم..
ترى من تحبهم يجلسون في ذات المكان..
تشعر أنفاسهم..
و تشم رائحتهم المميزة..
تبتسم إذ أن كل ما مرّ مجرد حلم..
و تستفيق من خيالاتك بهزة من أحدهم..
- أنتِ بخير.؟
- نعم.. نعم.. أنا بخير..
و تفطن أن عقلك الآثم كي يحافظ على صحته..
يلعب معك لعبة الحنين اللعينة..
و يتركك نصف ميت.. نصف حي.. و الفقد من بعيد يلوح لك.. يهمس.. أنا هنا..!
و تستمر أنت في عالم الفقد الأزلي.. هذا العطر يذكرك .. و هذا الكرسي يذكرك.. و القمر يذكرك.. حتى مساحيق التجميل تذكرك.. و أنت بين هذا و ذاك.. تنتظر أن تنسى.. و لا تفعل.. تنتظر أن تجن.. و لا تفعل.. تنتظر أن تحلم.. و لا تفعل أنت فقط كشارب الخمر المأفون.. تستمر في الترنح.. و السقوط.. ثم الترنح و السقوط.. ثم الترنح و السقوط.. نحو الهاوية...!