منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - من أنتم ؟!
الموضوع: من أنتم ؟!
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-04-2013, 08:54 AM   #1
منى سيف
عضو أبعاد أدبية

الصورة الرمزية منى سيف

 






 

 مواضيع العضو
 
0 بيت الموت
0 999
0 رهبة
0 بائع كلام

معدل تقييم المستوى: 0

منى سيف غير متواجد حاليا

افتراضي من أنتم ؟!


سكنت همسات طلاب العلوم السياسية والعلاقات الدولية بقول العميد
"عاد لطفي ، عاد " !!
التفت الطلبة لبعضهم توحدت همساتهم
"من لطفي " ؟!
طرق العميد على الطاولة ثلاثا ..
" إحم إحم ، لطفي هو ابن هذا الوطن ، عائد إليكم من بلاد الفرنجة بعد حصوله على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون في الشؤون الدولية "
دوت همسات الطلبة من جديد ، وتمازجت ولم يستجمع العميد منها شيء ، عاود الطرق على الطاولة وقال " حق لكم الفخر، فقد اختاركم أنتم بالتحديد،أتمنى منكم تقدير هذا الأمر " قالها وانصرف عنهم
بدأ الجميع يحاول وضع تصور للدكتور لطفي ، شكله ، تعامله .وكان حديثهم وشغلهم الشاغل، ورغم عددهم الأربعين إلا أن الصور والأوصاف لم تتفق . فكل منهم وضع تصور خاص به،وبقوا يرقبون الساعة التي تطأ فيها قدمه عتبة الجامعة .
كان يوما أعد له العدة، زينت جنبات الكلية بالشرائط الملونة وفرشت الأرضية بالسجاد الأحمر وذكت رائحة الزهر . وكان العميد قد اعتلى المنصة قابضا أوراق الترحيب به .
وصل لطفي وكانت الأعين ترصد نزوله من السيارة الفارهة التي استأجرت لاستقباله .
ما إن وضع قدمه حتى شع ضوء الكاميرات ،وصفق العميد وتلاه الطلبة . انتصبت قامت الدكتور لطفي حرص على توزيع نظرة متساوية للجميع . تأمل الطلبة تقاسيه وفصلوها ، سمرة مشربة بحمرة ، عين غائرة ، صلعة تعكس ضوء الشمس ، طول فارع وجسد متناسق . مشى على السجاد بتأنٍ .
انتبه العميد إلى موقعه الخطأ ، ركض إليه مصافحا بقوة وحفاوة وسار به إلى كرسيه .وعاد للمنصة وتلى عليه خطبته مرحبا به ، معربا عن فرحته بمقدمه .
تتابعت فقرات الترحيب،من قصائد وكلمة ممثل الطلبة ومسرحية صامتة تمثل واقع سياسي .
أسدل ستار الحفل ،وهمس الدكتور لطفي للعميد برغبته في عقد اجتماع منفرد مع طلبته . أفرغت القاعة من العميد وأتباعه وبقي لطفي مع الطلبة .
ساد الصمت بداية على المشهد،كان لطفي مربعا يديه وينظر إليهم نظرات باردة . وبقوا هم ينتظروا اللحظة التي يحرك فيها شفتيه ناطقا .
ملأ لطفي رأته بالهواء، وزع نظراته بالتساوي وقال " كنت في بلد الحرية " وصمت .
اكتفى الطلبة بالالتفات لبعضهم
استطرد د.لطفي" بلد يؤمن بحرية الرأي والتعبير، وقد تشربت فكرهم الديمقراطي،وسيكون هذا الفكر أساس التعامل بيننا "
لم يستوعب الطلبة مراد الدكتور لطفي بعد وبقي الصمت مخيم عليهم .وقد أدرك هو ذلك واستأنف قائلا "أي ملاحظة تخصني ولا ترضيكم فبادروا بها بلا خجل أو خوف وثقوا أني لكم أذن مصغية، وأتقبل وجهات النظر المخالفة برحابة صدر "
استغرب الطلاب كلامه لكن الذوق حتم عليهم التصفيق تلك اللحظة. سعد الدكتور بردة فعلهم وأحس أن رسالته وصلت .
مر الأسبوع الأول على الدكتور والطلبة وهو لم يحدثهم عن شيء في المنهاج،إنما كان يمجد في ساعات المحاضرة أسلوب الغرب وحضارتهم ومساحات الحرية، ويسرد تاريخه العظيم في جامعة السوربون.كما أعرب انتقاده الشديد للعرب وتكبيل صناع القرار للحريات والعجز المطبق على البعض وورعهم من التعبير عن آرائهم

هذا ما أثار امتعاض الطلبة،وقوبل اعتراضهم مع العميد على أسلوبه بالصد واتهمهم بالتجني على نابغة الجامعة .
قبل أن تطوى صفحة الأسبوع الأول على مقدم الدكتور لطفي ، طلب من الطلبة إخراج ورقة وقلم وقال " حدثتكم كثيرا على الرأي وحرية التعبير عنه وها أنا ذا أفتح لكم الباب للتطبيق الفعلي، اكتبوا ما شئتم عني وثقوا أن رأيكم محل تقدير، هيا اكتبوا على أوراق الحرية وقولوا ما بدا لكم "
تردد الطلبة بداية، لكنهم وجدوا أنه السبيل الوحيد لإبداء ملاحظاتهم حوله . كتبوا على الساعات التي مرت وضيعت في حشو لا طائل منه،عن كثرة تمجيده لنفسه وهو أمر لا يعود بالنفع إليهم، عن جموده بالكرسي وقلة حركته،عن افتخاره بالغرب وتقليله شأن العرب.
بعد ساعة ، أتاهم لطفي مكفهر الوجه عاقد الحاجبين،رمى أوراق الحرية وداسها بقدميه ،وزمجر "تبا لكم، لا تستحقون تلك المساحة التي منحت لكم ، كيف تجرئون على التطاول عليّ ، أنا الدكتور لطفي حاصل على الشهادة من أرقى الجامعات،تأتون أنتم وتنتقدوني!
أنا فوق حرية التعبير، أنا خط أحمر ، أنا منطقة يحظر الاقتراب منها ، من أنتم لتنتقدوني ؟ من أنتم؟؟!"

 

منى سيف غير متصل   رد مع اقتباس