منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ][ بـِــرْوَازٌ مـَـشــرُوْخٌ ][
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-14-2017, 08:37 PM   #1
فهد سارح القرني
( كاتب )

افتراضي ][ بـِــرْوَازٌ مـَـشــرُوْخٌ ][


][ بـِــرْوَازٌ مـَـشــرُوْخٌ ][
مقالة هذا الصباح لن أكتبها بشكل رتيب ، أو إعتيادي ، بل سأرمي نفسي على الورق
و أنفجر مليون قطعة ، و كلمة بسبب مشهد إلتقطته من رسالة وصلت لي عبر أثير البريد الإلكتروني على شاكلة
بريد وارد من المملكة العربية السعودية و بالتحديد مدينة جدة ، هذا المشهد لم يمهلني الكثير لممارسة طقوسي
الصباحية المعتادة ، تركت صندوق الجرائد ، و فنجان قهوة البندق ، و هاتفي النقال ، و أخذت أبلل عيني مرة ، ثم أخرى
بنص تلك الرسالة ، و أكرر التساؤل : متى تبدأ الإنسانية و متى تنتهي بالإنسان ؟!! .. و فكرت مرارا بين المتابعة ، أو
الإحجام ، و التراجع عن هذه المقالة ، أمل المحافظة على ضبط الإنفعالات العاطفية و الوجدانية تجاه مثل هذه القصة
الحقيقية ذات الأبظال الحقيقيين .
تعود القصة لأكثر من عامين قبل تأريخ إدراج الرسالة ، لفتاة عشرينية نشأت ، و ترعرت ، و فطمت بالساحل الغربي
للحالمة جدة ، تزوجت عن طريق خطبة تقليدية كما هو متعارف عليه بالشارع ، أو المجتمع السعودي ، شريك حياتها
الذهبي كان رجلا متعلما يبحث عن إكمال دراسته لدى جهة تعليمية مرموقة هناك في مانهاتن في البعد القاصي عن البلد
الأم للزوجين ، هذا لم يكن مشكلة فعواطف الفتاة حديثة السن كانت تشرع صدرها برحابة قبل الأفق نحو البقعة الدراسية
التي يقصدها فار أحلامها ، فكانت عواطفها حين تسيل ينبت النعناع ، و العسجد ، و تغرد الطيور ، الأمور ظلت طبيعية
حتى رزق الزوجين بابنهما الأول فكان يجعل للمكان معنى ، و مبنى ، و مغزى ، و للزمان رحيق ، بل كان ياسمينة
السكينة المغروسة فيه جباه الزوجين تقيهما شر طوفان الأيام .
كان هذا الحب ناضجا كالعشب ، كانت كلماتها في أذنه نسمة تربة الزهر ، و النرجس ، و عبق الخزامى ، بينما كان يحنو
عليها كنخلة تحنو على بحر ، و كانو معًا ورق الزيتون النقي ، فجأة و دونما سابق إنذار تحولت كل هذه اللوحة السريالية
إلى [ آلة حاسبة ] ، أو عقد إرتباط يساوم الطرف الأول فيه الطرف الثاني على ( ثمرة العلاقة ) و نتائج الإرتباط ( الطفل )
، كانت تتحدث بقلب ( مشروخ ) أطرته أسلاك النار ، بكلماتٍ موجزة كأنها [ تصاريح الدمع ] ، و ( جمل الإغماء ) .
و كأنها توجه إستفهامًا للحياة ، كيف للإنسان في مدة وجيزة كهاته ، و بلا أية مقدمات أو مسببات أن يتحول من
( نبتة تواضع ) ، إلى [ بيدر غرور ] ؟!! ، و هل الإنسان حقا يمتلك هذه القدرة الرهيبة الجبارة ، أن يغير من سلوكه
ليعامل زوجتته بـ ( فوقية ) تفوق قامته ، و يحدثها بصوت أقوى من حنجرته ، و ينتهي بذلك الأمر بالزوجة لأن تصبح
( مشكلة مدنية ) بعد أن كانت [ استثمارًا عائليًا ] ، و كيف تسقط مزهرية الحنان هكذا من على طاولة المحبة دون أي
أسباب تذكر ، ليتحول هذا الحب من إيقاع النافورة المائية ، إلى الشلال المندفع بأضرار تفوق المتوقع ، و المعقول ، نعم
إن أرادت القضاء فالمحاكم مفتوحة ، و العدالة قائمة ، و لكن كيف لها أن تواجه شخصًا لديه خريطة كاملة لكل الثقوب
الموجودة بها ، فبدلا من أن يرتقها بـ [ كبسولات المحبة و الثقة ] ، يشبعها بالرصاص ، و يتبل شقوقها بفصوص الثوم ،
و الملح ، و الخل ، و يرمي بها في ماء النار ، مما يجعلني أكرر التساؤل أبحث عن لثم من زعفران الجواب : متى تبدأ
الإنسانية ، و متى تنتهي بالإنسان
؟!! ، البعض يمد جسور الياسمين في القلب ، و آخرون يزرعون أشجارا معمرة من
الليمون لتحتل كامل القلب و لا تكتفي .
فهد القرني - 12 نوفمبر 2017

 

فهد سارح القرني غير متصل   رد مع اقتباس