منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - شِعْـرُ التَّفـْــعـِيْلَةِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-20-2011, 12:27 AM   #1
عبدالإله المالك
إشراف عام

افتراضي شِعْـرُ التَّفـْــعـِيْلَةِ


شِعْـرُ التَّفـْــعـِيْلَةِ

وهناكَ من اطلقَ عليهِ الشعرَ الحُرّ، ولكن الأنسب هو تسميتهُ: شِعر التّفعيلةِ.

والمقصودُ بهِ أنهُ الشعرَ الذي يضع التفعيلة ضابطاً له ويشتمل على وزن واحد من موازين البحور الصافية، وتفعيلاتها المتكررة وللتسهيل والتذكرة هي: البحر الكامل والبحر الوافر (مجزوء) والبحر الرمل والبحر الهزج والبحر الرجز والبحر المتقارب والبحر المتدارك . ويمتاز هذا النوع من الشعر بعدم الالتزام بعدد التفعيلات في السطر الشعري، فربما يتكون السطر الشعري الأول من تفعيلةٍ واحدةٍ ويكون السطر الذي يليهِ مُكوناً من عدد تسع تفعيلات وذلك حسب المعنى المراد الاتيان به من قبل الشاعر وأيضاً اسقاطاتِ نَفَسَهِ الشّعري وكل موجةٍ من موجات عاطفته.

وفي ضوء هذا فإن النص الشعري لا يلغي الوزن أو القافية وإنما يقدم مفهوما جديدا لهما، فالسطر الشعري » سواء أطال أم قصر ما زال خاضعا للتنسيق الجزئي للأصوات والحركات المتمثل في التفعيلة، أما عدد هذه التفعيلات في كل سطر فغير محدد وغير خاضع لنظام معين ثابت .

إنّ شعرَ التفعيلةِ على الرغم من اختلافه عن شعر الشطرين (العمود) فإنهما يتماثلان في الموسقي الشعرية، وإنهما جميعاً لا يخرجان عن أصول عروضية معروفة، ولذلك أكدت نازك الملائكة: "أن شعرنا الجديد مستمدٌ من عروض الخليل بن أحمد قائمٌ على أساسهِ، غايةَ ما في الأمر أن حركة شعر التفعيلة استعانت ببعض تفاصيل العروض القديم على إحداث تجديد يساعد الشاعر المعاصر على حرية التعبير وإطالة العبارة وتقصيرها بحسب مقتضى الحال إن نازك الملائكة لا تنبذ شعر الشطرين ولا تهدف الى القضاء على أوزان الخليل وإنما ترمي الى أن تبدع أسلوباً جديداً توقفه الى جوار الأسلوب القديم وتستعين به على بعض موضوعات العصر المعقدة

يقول عزالدين اسماعيل: "أن الشعر الجديد لم يلغ الوزن ولا القافية، لكنه أباح لنفسه ... أن يدخل تعديلاً جوهرياً عليهما لكي يحقق بهما الشاعر من نفسه وذبذبات مشاعره وأعصابه ما لم يكن الإطار القديم يسعف على تحقيقه . فلم يعد الشاعر حين يكتب القصيدة الجديدة يرتبط بشكل معين ثابت للبيت ذي الشطرين وذي التفعيلات المتساوية العدد والمتوازنة في هذين الشطرين، وكذلك لم يتقيد في نهاية الأبيات بالروي المتكرر أو المنوع على نظام ثا "بت

وهناك من كتب عليه في البحور المركبة: البحر السريع والبحر البسيط والبحر الخفيف. وهناك من كتب على تفعيلات جديدة ليست من تفعيلات الخليل، مثل: فعلت، مفاعلت، مستف، مست، مس، الخ (رغم عدم نجاحها لضعف تداخل بنيانها الموسيقي الداخلي وعدم توافق ترانيم أجراسها فيما بين الأسطر وفي داخل السطر نفسه).

وكذلك قد لا يلتزم الشاعر بالرّوي (القافية) إنما ينوع في الروي -إن رغب- حسب الحالة الشعرية. وهنالك من الشعراء من لا يستخدم الرّويّ مطلقاً داخل القصيدة الواحدة، وهذا يضعف قبول الحالة الشعرية لدن المتلقى.

ويقوم هذا النوع من الشعر على وحدة التفعيلة الموزونة بحسب ِ دائرةِ الخليل العَرُوْضيَّةِ، وبحسب ِ استعمالات العرب لها، ومن أشهر من كتب عليه: نازك الملائكة وهي من بدأت هذا النوع في بغداد في قصيدتها "الكوليرا" وهو الوباء الذي اجتاح مصر آنذاك في العام 1947 م، وبدر شاكر السَّيَّاب وآخرون. وموطنه (شعر التفعيلة) العراق ومنها انتشر في كل أنحاء العالم العربي. وقد بدات الملائكة في كتابة الشعر الحر في فترة زمنية مقاربة جدا للشاعر بدر شاكر السياب وزميلين لهما هما الشاعران شاذل طاقه وعبد الوهاب البياتي، وهؤلاء الأربعة سجلوا في اللوائح بوصفهم روّاد الشعر الحديث في العراق والعالم العربي.


أمثلة ٌ على شعر التفعيلة ِ وأبياته:

من أبياتِ نازك الملائكة قصيدة "الكوليرا" (من البحر المتدارك: فعلن) :

سكَن الليلُ
أصغ ِ إلى وَقـْع ِ صَدَى الأنَّاتْ
في عُمْـق الظلمةِ تحتَ الصمتِ على الأمواتْ



ولبدر السّيََّاب(من البحر الرجز: مستفعلن مستفعلن) :

عيناكِ غابة نخل ٍ ساعةَ السحر
أو شرفتان ِ راحَ ينأى عنهما القمر

ولصلاح عبدالصبور(من البحر الرجز) :

في الفجر ِ يا صديقتي تولد نفسي من جديد
كلّ صبح ٍ احتفي بعيدها السعيد

ولمحمد ولد الطالب (من البحر الكامل):

الأَرضُ تُوغِلُ في المساءِ وفي ظلال ِ العابرينَ ظلالهَا
مُنداحة ً في اللاَّزوردِ وفي مرايا الأرخبيل ِ حَملتُهَا وشْمَاً على كتفي
ومنْ بدءِ الخليقةِ كاهِليْ ما أنَّ تحتَ العبءِ والإرهاق ِ

وقولي فيه (من البحر المتقارب) :

تـَـــــرُوْمُ الـْــقـَــصـَــــــائِــــــــدُ رَاحَــــــــكَ مُــــــــنـْـــــــــــدَاحَـــــــــــة ً ..
وَيَــــــــنـْــــــثـَـــــالُ مِـــــــنـْـهـَــا رَحِــــــيْــــقٌ لِـــعَـــبْــــقـَـــــــرَ ثــَــــرّ ٌ ..
كَــــمَــــا عـَـــــادَ مُـــــــوْســــــى إلـى أمِّـــــــــــــه ِ لِــلـْــــــــــــــرَضَــــــاع ِ


وقولي فيه (من البحر الكامل) :

آمَنـْـتُ بالأشْوَاق ِ فِيْ عَيْـنَيْـكِ حتَّى أَزْهَرَتْ
وَوَقـفـْتُ في أَرْجَائِهَا مُتوَشِّـحَاً ..
بـِالطـَّـلـْـح ِ وَالصَّـفـْـصَاف ِ وَالزَّيْـتـُوْن ِ



وَيُسْتحسَنُ أَنْ يُمَرِّنَ الشّاعرَ نفسهُ على الشعر ِ العمودي أولاً، ومن ثمَّ يجربُ نفسهُ في شعر ِ التفعيلةِ. وإنْ كانَ لا فرقَ بينهما من الناحيةِ الشّعريةِ لأنَّ العبرة َ أولاً وأخيراً هي في الابداع. وهذا النوع من الشعر ِ أصبح شائعاً ومُنتشراً بين الشعراءِ وله قبولهُ بين النقادِ والقرَّاءِ على حد ٍّ سواءٍ.

مع أعذب تحياتي: عبدالإله المالك

ثَبْتُ المَرَاجِع :

- قضايا الشعر الحديث، لنازك الملائكة، طبعة دار العلم الملايين.
- الارشاد الشافي على متن الكافي في علمي العروض والقوافي، لمحمد الدمنهوري، ط 2، 1377 هـ،
- ميزان الذهب في صناعة شعر العرب. لأحمد الهاشمي، المكتبة العصرية، بيروت، 1432 هـ، 2011
- الكافي في علم العروض والقوافي، لمؤلفه د/غالب الشاويش، مكتبة الرشد ط3، 1424 هـ
- فن التقطيع الشعري والقافية، د. صفاء خلوصي، مكتبة المثنى، بغداد، ط5، 1977 م.
- النبع الصافي في العروض والقوافي، د/ناجي عبدالعال حجازي، مكتبة الرشد، 1427 هـ

 

التوقيع

دعوةٌ لزيارةِ بُحُورِ الشِّعرِ الفصيحِ وتبيانِ عروضِهَا في أبعادِ عَرُوْضِيَّة.. للدخول عبر هذا الرابط:

http://www.ab33ad.com/vb/forumdispla...aysprune=&f=29


غَـنَّـيْـتُ بِالسِّـفْـرِ المُـخَـبَّأ مَرَّةً

فكَأنَّنِيْ تَحْتَ القرَارِ مَـحَـارَةٌ..

وَأنَا المُـضَـمَّـخُ بِالْوُعُوْدِ وَعِطرِهَا ..

مُــتَـنَاثِـرٌ مِـثلَ الحُــطَامِ ببَحْرِهَا..

وَمُــسَافِرٌ فِيْ فُـلْـكِـهَا المَـشْـحُـوْنِ
@abdulilahmalik

عبدالإله المالك غير متصل   رد مع اقتباس