منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - رمـادُ إِمــرأة !!
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-04-2018, 08:37 AM   #1
سعيد مصبح الغافري
( شاعر وكاتب )

الصورة الرمزية سعيد مصبح الغافري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2406

سعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي رمـادُ إِمــرأة !!


رمـادُ إِمــرأة !!

قصة قصيرة بقلم/ سعيد مصبح الغافري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
@ وراءَ كـل ألـمٍ عظيمٍ ألـمٌ أعـظـم !!

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


عشت حياتي ذات اللون الأصفر محرومة من كل حب .. لا قبل زواجي عرفت الحب ، ولا بعد زواجي بذاك الأحمق البليد المشاعر عرفت الحب أو الدفء ، وعلى النحو الذي تستشعره الروح ويستدفئه القلب وتنتظره طقات الوقت مترافقة مع اللهفة وظمأ الانتظار !!
يبدو أن الحظ العاثر لازمني ؛ فحتى ذلك الانسان الذي رأيته لأول مرة وبلمحة سريعة في بيت صديقتي التي هي أخته و خفق له القلب دون أن ألتقيه أو أسمع صوته خطفه الموت بشكل عاجل في حادث سير في نفس اليوم الذي أمَّـلـت قلبي كثيرا أن ألتقيه وأتعرف عليه فيه ولو بحديث عـابر بـريء مقتضب الكلمات و البسمات !!
وكان ختام هذا الحرمان الممتد بدرب العمر مرضا بالسرطان ، قَـبِـلَ هذا الوحش الآتي متسللا خفية والمتستر بخبث مخالبه أن يستوطن جسدي ، ممتصا بمحبة عنيفة وعـشـق وحشي غريب كل خلاياه ونسيجه ، في عناق طويل طويل ، لا يضجر ولا يتعب ولا تهدأ نوبات جنونه ومتاعب آلام إبره وأدويته ليل نهار*!!*
لأول مرة بحياتي أعيش حبا شبقيا نهما من طرف واحد لا يشبع من جسدي أبدأ !!
إذن جدتي التي توفيت العام الماضي كانت على حق حين قالت يوما وبحكمة عميقة مصقولة بتجربة المرض والألم معا :
- حتى الأمراض تعشق ولها في العشق طرائقها !!
في عصريات قـهـوتـنـا المصبوبة في فناجـيـن ثـرثـرتـنـا وفـراغـنا اليومي الشـاسـع ذي اللون الواحد ؛ كنت أغـار كثيرا من صديقاتي وهن يروين لنا قصصهن في الحب ، و*(*أسماء ) أكثر من تشدني قصصها ، وهي تقول كاشفة لنا وبجرأة وقحة عن سر وجهها المتورد شبابا وسعادة وراحة وصحة وعافية ، رغم أن عمرها قاب قوسين من الستين*:*
ـــ*بالليل زوجي الرومانسي جدا في رحلة مباهجه معي ، ذاك الليل الحالم ، المحاط بغيوم الموسيقى الناعمة اللمسات كأصابعه الحنونة المضمخة بالعشق .. عجيب أمر هذا الحب ؛ فهو الشيء الوحيد الذي كلما سقط جمره الملتهب في نهر الأنوثة لم ينطفىء أبدا بل يزداد أوارا*!!
كنت أسمع قصص صديقتي ( أسماء ) هذه فتعبرني رعشة حزن وأنا اتحسس بحسرة صحراء جسدي القاحلة الملفوفة بكفن العتمة والبؤس ، وأخيرا بذاك السرطان العاشق الذي لا أعرف كيف ومن أين أتى ومتى كان كل هذا .. أين تراه رآني لأول مرة ؟! وماذا شده في كي يعشقني كل هذا العشق ويركض خلفي بكل هذا اللهاث والجنون الضافر ؟!
زوجي منذ عرفته فصل باهت لا يتغير كباقي الفصول ، اتأمله بحنق مخنوق وقد أعطاني ظهر قفاه المتصنم .. هو ذا في نومه ؛ أشبه بجيفة نافقة .. نائم بكل شخيره المزعج .. لسنين ظللت لا ألقى منه إلا ذاك القيء الشبقي الأهوج .. وأنا فـمٍ حزين صامت وعينين تعودت أن أغمضهما فـوراً ، لا شـوقـا منتظرا لقرب بل هـربا من مرآه المقرف ولـسـع شـنـبه القاسي الناتىء الشعيرات ولهاث كهولته التي فقدت شبابها و عنفوانها الأخضر ، لا شيء قابلني من ليله الأبله المتصنن إلا أبجدية الثلج والحجر والرائحة الكريهة الممزوجة بملح نهار كامل قضاه تحت عرق الشمس دون طشة ماء ولو عابرة يتصدق بها على جسده*!!*
إلى أن يئست منه الى الحد الذي جعلني معه لا أشعر بأي شيء ولا أشم أي شيء ولا أشتاق لأي شيء .. وصلت إلى مرحلة الانطفاء التام بعد أن فقدت كل شيء : صحتي . شبابي . أحلامي .. إمرأة ميتة أنا ، تتمدد على نعش بارد لـرجل شرقي أنـانـي جاهل و أغبر بحجم مقبرة*!!*
آه لو يعرف زوجي إلى أي دمار أوصل عمري بعد هذه السنين العجاف التي عشتها ومازلت أعيشها في غياهب صقيع مشاعره إلى أن صرت كما ترون ؛ شبحا أصفر ، ذهب منه كل بريقه وسحره ووهجه ، ولا ينتظر إلا ساعته الأخيرة تدق على باب رحيله الحزين الصامت*!!
أطالعني في مرآة فجيعتي ؛ كائن شاحب هزيل ، ناتىء العظام ، و من دون ملامح إلا ملامح الموت .. مجرد قطعة صدئة معطوبة وباردة وبلا أي حرارة سوى إحساس الثلج الذي يلفني بكفنه الأبيض كميتة فقدت حتى رغبتها في الحب ولو لدقيقة مع رجل .. جسدي ضامر في ليل انزواءات النحيب الصامت يبكي ألما وحسرة*..
جسدي ميت ، والأكثر موتا فيه تلك الصورة المفزعة التي تحولت فيها أخيرا إلى رماد داكن ، منثور على صفحة متاعبي اليومية وحزني ومرضي ، ذاك العاشق الأول والأخير الذي اعترض طريق حياتي ، ولازمني كمفارقة قدرية ساخرة أجبرتني أن أرضخ لحقيقة وجود هذا الكائن المُميت في جسدي وفي هذه البقية الباقية لي من الحياة .. إن كان ثمة حياة !!*
تأخر الحب بمسافات بعيدة ، حتى نسي المرور بقطاره على محطة عمري ولن أنتظره أكثر مما انتظرته .. لـن أنتظره ؛ فـلـن يأتي .. لـن يأتي أبداً*!!
بقلمي / سعيد مصبح الغافري*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

التوقيع

خذوا كل ما تقدسون ..
واتركوا لي فقط ثـالـوثـي المقدس :
وطن .. وفيروز .. وكتابة .

سعيد مصبح الغافري غير متصل   رد مع اقتباس