*Ventolin
لا أدري ما الذي جعلني أتأخر في تلك الليلة...
كان يوماً متعِباً و كانت أقدامي كالمكرونة المسلوقة تماماً..
دخلتُ المنزل بهدوء كي لا أوقظ ساكنيه..
سمعتُ همهمات غريبة..
و سواد يستمر بالتماوج الغريب..
بدأ تنفسي يعلو و أنا أضع يدي على مفتاح النور..
فانتشر النور و رأيتهما ..
- أهذا أنت يا أبي؟
- آمنة؟ هلا بابنتي الأثيرة.. لم أركِ كان المكان مظلماً..!
- فتيحة...!
- لا أدري لم هي هنا..
-الخادمة ! مرة أخرى يا أبي!
دارت الأرض بي..
استندتُ على الجدار و تنفسي يقل شيئاً فشيئاً.. نعم أنا أتعرض لنوبة ربو..بدأت أصارع لأسحب النفس و أرجعه.. جلستُ على الأرض أمسكت صدري بيد و الأخرى أفرغتُ حقيبة يدي.. أخرجت الجهاز البلاستيكي.. فتحته.. رفعت رأسي وضعته بين شفتيّ و استنشقتُ البخار و أنا أحاول الهدوء كي لا يصيبني الهلع..
مع ازدياد نبضات قلبي.. لم يتحسن تنفسي.. استلقيتُ على الرخام البارد بكامل أناقتي و دموعي تتساقط في أذني.. عاجزة عن الحياة..
- اللعنة!
نعم هذا أبي.. يضعني في حجرة و يحرك الهواء حولي بعلبة مناديل يمسك يدي يضغط عليها و يقبلها..
- هل أستدعي الإسعاف ؟
أهز رأسي يمنة و يسرة و أتمتم بصوت ضعيف: أنا بخير ..
(فتيحة) تزيل الكعب العالي.. تستمر بالنظر لأبي بجزع.. تفتح أزرار قميصي.. و تركض للمطبخ..
أبدأ بالسعال المستمر.. طلباً للهواء.. لا زالت دموعي تتساقط بلا إرادة مني.. و أنا أشعر بانحسار الهواء ببطء من جسدي..
- تباً.. لقد ازرقت شفتاها...
حملني بين ذراعيه راكضاً للسيارة.. كنت أغيب عن الوعي و أعود لبرهة لأغيب مرة أخرى.. أسمع أبي يلعن و يسب نفسه وهو يوقظني و يهزني.. أحاول أن أفتح جفني.. لكنهما ثقيلان جداً..
- الحمدلله على سلامتك يا آمنة..
- الله يسلمك دكتور..
- أنتِ لا تستمعين لنصائحي يا بنت..
- ( ضحكت) أقسم أنني أسمعك و لقد خففت من العطور و لم أعد أذهب للحدائق و أبتعد عن الغبار قدر الإمكان.
- سأبقيكِ هنا حتى يعود معدل الاكسجين في جسمك طبيعياً..
- شكراً دكتور..
كان أبي يحارب دموعه.. و يسألني عن حالي..
ابتسمت و أشحتُ عنه.. وضعتُ قناع الاكسجين البلاستيكي على وجهي.. لا أريد أن أنظر إلى أبي الآن.. شعوري مختلط بين حبي له و التقزز من ملاحقته للخدم..
طوال عمري و أنا ألاحظ هذه الخصلة فيه.. لكنني لم أخبر أمي يوماً..و لن أفعل.. سيتحطم قلبها.. و ستطلب الطلاق.. هززتُ رأسي و أنا أحاول الهدوء.. الانفعال يزيد وضعي سوءاً..
- اذهب لأمي و دعني هنا يا أبي..
- لن أتركك.. كيـ..
- مقاطعة: أرجوك يا أبي دعني لوحدي وجودك يزيد ألمي..
- طيب..
سمعتُ خطواته الثقيلة و هو يوصي الممرضات علي..
هدأت و سكنت خلجاتي و انتفاضاتي.. بدأ مفعول الدواء.. و رحتُ في سبات عميق..
ــــــــــــــ
* موسع للقصبات الهوائية