منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - رواية(في غياب..حيث ترقد الذكريات..لا تموت)
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-01-2019, 08:21 AM   #10
ميساء محمد
( ثبات )

افتراضي الفصل الأول-الباب الثاني:


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



تحت سماء لندن،وجد أخيراً سُلوته،لم يُفْلحْ سحر البحيرة المليئة بالبجع في إخراجه من نوبة ذكرياته،وكعادته،يبحث عن منفذٍ يفرّ عبره من محاجر الذكريات،يتمنّى لو أنّ لذكرياته أجنحةً فتهاجر عنه كما تفعل أسراب الطيور،لو أنّ العهد يتجدّد فيتحرّر من لعنتها،يراها تتسلّق رمشه لتصرخ في مقلتيه،يراها في حلّه وترحاله،في صحوه ومنامه،مهلاً مهلاً ،هل قلتُ حقّا في منامه؟!!فهو يتسوّل النّوم لعينيه كلّما رمى رأسه على وسادته،يراها أعلى السقف وفي محيط جدران غرفته الأربعة،يقلّب رأسه يمنةً ويسرة.

يتساءل..كيف أصبح قاسياً هكذا؟يغضب من أتفه سبب،بل يغضب بلا أيّ سبب،لم يعهد نفسه قاسي القلب هكذا،ثمّة خيبة.. أفقدته بهجة الحياة في روحه،سلبت منه هدوءه وطمأنينته،كان يفترض أن تُقوّيه لكنّها قتلته،انفضّ الجميع من حوله مؤخّراً ،وبقي وحيداً تحت وطأة الوجع،يكاد يجزم أنّ قلبه سقط حيث أقلعت رحلته،وبودّه لو يصرخ لكنّه تراجع عن ذلك مستدركاً أنّه بين جمعٍ غفيرٍ من الناس،تنهّد،وعاد ليتنهّد بعمق،يريد أن يتقيّأ الوجع الذي يجثم على صدره.

يرى أنّ السعادة وشاية التّعساء ليكون بمقدورهم، الحصول على حياةٍ أفضل،يتحسّس قلبه وجعٌ ما ينغزه،شيءٌ ما عالقٌ بين صرخته وأنينه،شيءٌ أشبه بلعنة ذكرى وذنب..
تمنى لو أنه يبكي ،علّ الدموع عندما تغسل عينيه تغسل قلبه كذلك،إذ أنّ رائحة الذكريات مازالت تلتصق به،تألم قلبه،وبلا وعي أغمض عينيه،لكأنّ الذكرى تجسّدت صور أصحابها وتماثلت أمامه،بذات المكان،وذات الزمان،وذات الشعور،هيفاء..التي أَحبَّها كثيرا ،أَحبَّها بصدق،أَحبّها بعمق كما لو أنّها روحه التي تسكن جسده ،تجلّت أمامه،بأول ابتسامةٍ شهدها منها،يوم أن طرق باب منزلها هدف الاطمئنان على والدها، محاولا إخفاء رغبته العارمة في رؤيتها،ذلك اليوم كانت هيفاء تنتظر قدوم صديقتها ندى،طُرق الباب ففتحته على مصراعيه قائلةً بحماس: أهلا ندى ،ثمّ غطّت فمها بيديها لتكتم ما تبقّى من كلمات،وقف متسمّراً ينظر إليها،شهقت وأغلقت الباب بقوّة ..يضحك الآن،ضحكة قصيرة انتهتْ بدمعة،أسدل قبعته على وجهه وأطرق مغادرا البحيرة.

 

التوقيع

على الغرباء أن يبقوا غرباء وإلّا تصرّفنا..

https://mobile.twitter.com/Mais___aa


https://t.me/March009

ميساء محمد غير متصل   رد مع اقتباس