منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - هاهي القبلُ تزورنا عبرَ الكلمات المُعطرّة
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-18-2014, 04:40 PM   #1
علي آل علي
( كاتب )

الصورة الرمزية علي آل علي

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 22

علي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعة

افتراضي هاهي القبلُ تزورنا عبرَ الكلمات المُعطرة


هل كانت تلك لحظة، تلكَ التي قرأتُ فيها رونقك، كلماتٌ كالورد المتناثر على سفح رؤاي الغامضُ المبصرُ، هيَ الأنفاسُ المغادرة إليكِ، من حفنة تربة الأرضِ التي مشى عليها حلمك الملائكي يوماً، أنتِ الوحيدةُ التي بعثرت تقلبات الهوى بداخلي، ليبقى هواكِ الوحيدُ المتأملُ، قدمتني للنورِ جناحاً واحداً، وأنتِ الجناحُ الآخرُ الذي حلقتُ به إلى فراديس الحياة الجامحة، بدأنا من نهاية ما كُنَّا عليه، إلى نهاية ما كانَت البداية مذ عهدٍ قديم عتيد، هيَ النظراتُ الأولى، منذُ ذاك الملتقى أحسسنا بأننا لنا، كلينا لنا، كلينا عصرٌ واحد لا بد أن يكون مِداداً للعصور الأخرى.

هاهي القبلُ تزورنا عبرَ الكلمات المُعطّرة، بسطرٍ واحد قيل فيه هذا هوَ العشقُ المُدان، تلكَ الظروف التي جمعتنا بعد نيفٍ من زمان، كانت أوراقنا فيما مضى تتساقطُ فيه قتلى لا مُعبّرَ لها، لا يأبهُ لها إلا قراءتنا لها بين ردهة ساعة وأيام، أنتِ الوحيدةُ وقتذاك تقرئين، وأنا الوحيد الذي أقرأُ لي، تبادلنا القراءات كأننا نقرأُ لنا، فكانت العلاماتُ تتجلى، حتى قلتُ لكِ إنّي أحببتكِ، كنتُ وجلاً وكنتِ الإجابة التي أنتظرها في سنوات ساعات الانتظار، جاءني ضميرك يحمل الإجابة فقلتِ لي: آهٍ لقد قُلتها أيها اليتيمُ الذي كنتُ له أبا وأمًّا، أجل، أجل، كنتُ الوليد الجديد بعد سقطات الولادة الأولى، سلامٌ عليكَ أيها المولد، وسلامٌ عليك أيها النهرُ الذي حملتني إليها، لتحملني يداكِ وأنا الرضيع الذي أرْضعْتهِ بأنفاسكِ الفريدةُ من نوعها، كانت عينايَ كوردتين تنتظرُ من يمتصُّ رحيقها، وكنتِ أنتِ لها.

ها أنتِ هنا، بعد فرضيات الابتعاد الفادحةُ الأخطاء، تُقدمين أطباق التهاني لموطني الجديد والذي رحلتُ إليه مؤخراً، إنَّ الموطن الجديد يُدعى "فرقد الأحلام" حيثُ الصحبة الجديدة الذين احتواهم قلبي واحداً واحدا، لا يأنف هذا القلب من أحاديثهم التي تُشعرني بأنني بين أهل لم تلدهم أمهات سابقات لي، ومع ذلك كنتِ الوليدة من أمّة الخلافة، ميراثٌ لها، ورثتهُ أنا دوناً عن غيري.

عذراً لكِ، أنا الذي يتلعثمُ في كلماتي حينَ سردها، ليسَ بالإمكانِ سردها وطناً واحداً، لأنّك أنشودة وطن هاجرتُ إليه، لا أدري أينَ أنا! أمسكتِ بيدي وتألقتِ حين أوضحتِ معالم المكان، قلتِ لي أنظر إلى الشجر، وتلك السماء التي تُمطره بقطرات ماءٍ للحياة المتشبثة بي، والهاربُ لها، في حضرة حدائقكِ هيَ، والورد شعبك المختار، يُهديني روائح العطور بشتى أنواعهِ، احتفاءً بي، وإعجاباً ليدينا التي تحتضنُ بعضها، وقبلاتُ المطرِ تجعلني كالريف، يخلو من عناق الأصوات الكاظمةُ غيظها، هوَ أنا الريف إذن، وأنتِ الطبيعةُ التي يتميّزُ بها، الفلاح كقصيدةِ عشقٍ يزرعُ أرضنا من سنابل الشعرِ وأقحوان الملاذ الذي يجمعنا، إنَّ الأوصاف هنا تخضع كالأسرى، وما هم بأسرى، بل إيمانٌ مُطلق بنا، كإيمانِ النهار بالشمس، وإيمان الليل بالبدر، والقمرِ، والهلال، كإيمان السمواتِ والأراضي بأنَّ الله صانع كل شيء، وهوَ الخالقُ لنا.



 

علي آل علي غير متصل   رد مع اقتباس