منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - [ زوجي العزيز أنتَ طالق !! ]
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-07-2008, 01:43 PM   #1
د. منال عبدالرحمن
( كاتبة )

افتراضي زوجي العزيز أنتَ طالق !!


على غير عادة الأصوات النسائية المطالبة برفع الظلم عن المرأة , ارتفعَ صوتٌ ما في عقليَ الباطن حاملاً بيدهِ رايةً بيضاء ممهورةً بختمِ بحثٍ طويلٍ طويل , قادَ الفكرَ حيثُ يُزرعُ العنفُ و يُحصَدُ الشّتات .

الرّجل بقوّته الجسديّة , و تركيبه الفيزيولوجي و النفسي المختلف عن المرأة و المتّسم بالقوة , يوحي لنا بأنّ لهُ دور البطولةِ دائماً في قضايا العنف بأشكاله في المجتمع , بينما تُظهر الحقائقُ أموراً أخرى ..

ففي أحد الدّراساتِ ارتفعَ معدّل جرائم قتل الزّوجات لأزواجهنّ في السّنوات الأخيرة بشكلٍ كبير , كما ارتفعَ معدّل الرّجال الّذين يتعرّضون للضّرب من قبل زوجاتهم , حتى أنّ احد الرّجال في احدى الدّول العربية قامَ بتأسيس جمعيّة لحماية الأزواج من العنف الأسري !!

و بالطّبع فإنّ جرائم القتل الّتي تقوم بها النّساء تنطوي في الغالب كما لاحظت على قصّة مأساوية تنتهي بهذا الشّكل الرّهيب و لكنّها في أحايين كثيرة ناتجة عن غضب و تسرّع و تهوّر و تأصّل للعنف داخل الرّوح .

أمّا حالات الضّرب أو العنف الجسدي الّتي تحصل بينَ الازواج و تكون فيها المراة هي المعتدية , فقد أثبتت أنّ زمان " سي السّيد " الّذي يدخل البيت ساخطاً و يخرج متبرّماً و " لا يعجبه العجب " انتهى و ابتدأ زمنٌ جديد قد يفاجئنا في المستقبل القريب بعجائب قد لا تصدّقها الأعين .

ما أستغربهُ حقّاً سكوت بعض الرّجال عن العنف الجسدي ضدّهم , و محاولة تجاوزه أو في أحسن الأحوال محاولة التّفاهم مع الزّوجة و اقناعها بضرورةِ احترام العلاقة .

و ليسَ المُطالب هنا طبعاً ردّ العنف بعنف , و لكن على الأقل عدم السّكوت عن هذا الأمر , فالزّوجات اللواتي يتعرّضنَّ للعنف الجسديّ من أزواجهنّ - و ما أكثرهن - قد يصمتنَ خوفاً من شبح الطّلاق الّذي يهدّد حياتهن و وضعهنّ في مجتمع لا زال يتشبّثُ بأسماله البالية , أمّا أن يسكت الرّجل عن ذلك , فهذا ما لا أجد لهُ مبررا إلا و أقول ربّما الضّعف النّفسي للرّجل و انعدام ثقته بنفسه و برجولته و لا علاقة لهذا بحبّه لزوجته كما يجري على لسان البعض .


الأمر الآخر الّذي أودّ التّطرق إليه , هو العنف النّفسي ضدّ الرّجل و لهذا العنف أشكال كثيرة و غريبة بذات الوقت و قد لا يخطر ببالنا أنّها قد تنتمي فعلاً لأشكال العنف ..

بدءاً من ايهام الرّجل بأنّه يجب أن يتغلّب على مشاعره و يحافظ على صورتِهِ الشّديدة المتحجّرة أمام الجميع و الّتي أرى أنّها من حالات العنف و الكبت النّفسي للرجل المُطالب منذ طفولته بعدم البكاء مثلا !

ثمّ الاغراءات الّتي يتعرّض لها الرّجل -و ما أكثرها اليوم -, و قلّة حيلة غالب الشّباب الّذين يغالبون رغباتهم و يتعرّضونَ بهذه الطّريقة لكبتٍ و عنفٍ نفسيين جديدين .

و نأتي للحياة الزّوجية فالضّغط الّذي تمارسه الزّوجة على الزّوج , بدءاً من مشاكلها مع أهله و محاولة جذب غطاء العلاقة نحو أهلها , مروراً بالمتطلّبات الاجتماعيّة و الاقتصاديّة و الغيرة المبرّرة أحيانا و اللامبررة في كثير من الأحيان , ناهيكَ عن محاولةِ سحبِ كلّ خيوطِ حريّته الشّخصيّة محاولةً منها لاستبقائهِ و شغلِ كلّ جزيئات حياته .

و هذا لا يُبرر بالحب بقدر ما قد أبرّره شخصيّا بانعدام الثقة الاجتماعية بشكل عام , و بتدهور الأحوال الاجتماعية إلى الأسوء دوماً , بحيثُ أصبحَ الحصول على شريكٍ يحمل صفات الشّريك الحقّ من أصعب المهمّات الحياتية , إن لم يكن من أكثرها استحالة .

و في حين تبيّن لي من البحث و الاطلاع أنّ العنف الجسدي ضدّ الرّجال في المجتمع الغربيّ أكبر منه في مجتمعنا العربي , إلا أنّ العنف النّفسي - و هو برأيي أشدّ و أكثر خطورة - منتشرٌ أكثر في مجتمعنا العربي و هذا خاضعٌ حسب وجهة نظري للقيود الاجتماعية و العرفيّة الّتي يرزح مجتمعنا تحتها .


بغضّ النّظر طبعاً عن العُنف المؤدلج الّذي تعرّض لهُ الشّرطي النّاجح غيورغ من زوجته في الفيلم الألماني " الآخر " و الّذي نجحَ في تسليط الضّوء على طريقة ممارسة العنف الجسدي من قبل الزّوجة على الرّجل النّاجح المحبوب الناشط اجتماعياً مع ملاحظة محاولة المخرج تسليط الضّوء على العزلة النّفسية للزوجين عن بعضهما , مما قد يكون له الدّور الأساسي في حدوث هذا الشّرخ الكبير في العلاقة .



و بعيداً عن انتشارِ مسألةِ العصمةِ بيدِ الزّوجة , فإنّ انقلاب الأدوار باتَ وشيكاً بشكلٍ مثيرٍ للقلق , مما قد يجعلنا نسمعُ في القريب العاجل زوجات يصرّحنّ بـ ِ " زوجي العزيز أنتَ طالق , طالق , طالق !!! "

 

التوقيع

و للحريّةِ الحمراءِ بابٌ
بكلِّ يدٍ مضرّجةٍ يُدَقُّ


التعديل الأخير تم بواسطة د. منال عبدالرحمن ; 07-07-2008 الساعة 01:51 PM.

د. منال عبدالرحمن غير متصل   رد مع اقتباس