منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - !! المقهورة ]] رواية [[ !!
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-2007, 12:39 PM   #20
الوجه الأليم
( كاتبة )

افتراضي


بسمه الهادي






الحلقة الخامسة

اشعر بتعب ٍ كبير ,, نهضت بتثاقل ,, فلقد نمت متأخرا ً .. !
لا ابتغي الحضور للمدرسة اليوم ..
لكن .. تذكرت أمر الاختبار .. ! وتذكرت ذلك المقرر البغيض ,, والاستاذة التي تجعل المقرر أكثر بغضا ً ,, !



.
.


دخلت الفصل وتبدو ملامحي مختلفة ,, وهذا مالم تعتده زميلاتي .. قلق يبدو واضحا ً .. هي المرة الأولى ,, الجميع يناظرني باستغراب ,, وعيناي تفضحاني !


اقتربت فاطمة وبين يديها كتاب ( الريض ) ,, وتردد تلك النظرية مرارا ً .. ثم تناظرني وهي تقول : _ يبدو بأنك لم تنمي ليلة البارحة ؟

" أجل !
" هل كنت تذاكرين للاختبار !؟


في الحقيقة أنا لا أذاكر كثيرا ً ولا اجهد نفسي بذلك ,, ويعرف هذا الجميع ,, ويلومني البعض في كثير من الاحيان .. لكني و ببساطة لا اكترث !


فاطمة تناظرني وهي ترتقب تلك الاجابة على سؤالها ,, وأنا أتثاءب :
_ لا لم أكن اذاكر ,, كنت في حالة من الأرق !


عاودت مسك الكتاب من جديد تستمر في مذاكرتها ,, ولم تحاول التعليق على جملتي الاخيرة ,, يثير استغرابي اهتمامها بدراستها الذي تغير عن الفصل الذي مضى ,, هي مجتهدة لكن ليس كمثل هذا الذي عليه الان ,,

" تذاكرين كثيرا ً ! أنت ترهقين نفسك .

" أنت تعلمين أنه لم يتبق َ الكثير على نهاية العام الدراسي ,, فبعد ثلاثة أسابيع ستبدأ الامتحانات ,, وليس هنالك من مجال لاعادة الاختبارات لذا احاول بقدر المستطاع ان اذاكر جيدا ً ..

" يبدو بأنك تبذلين كامل طاقتك لرفع المعدل وهذا شيء جيد ..


صمتت قليلا ً ثم رفعت ببصرها للأعلى وتقول بشيء من الثقة بالذات ..
_ ليس هذا فحسب !


أخذت مجالا ً قٌدر بثوان ٍ لأفكر في هدف آخر ,, وببساطة فيما بعد سألتها : _ ماذا تعنين ؟

هنا قالتها بغرور وكبرياء :
_ أريد أن يُشار لي بالبنان !



أمرها غريب فاطمة ,, لم تكن كذلك منذ أن عرفتها ,, هي مثلي تماما ً لا تفكر الا في الحفاظ على معدلها ورفعه شيء لا تطمح له إلا نادرا ً .. وأمر الاشارة لها بالبنان يبدو جديدا ً !


لم أكترث حاولت أن اشغل نفسي بأي شيء آخر وتركتها تذاكر علها تحقق مطلبها الذي تطمح له ,, ولكنها للحظة ما جمعت كل ذلك الشتات الذي كنت عليه بقولها :

_ أريد أن أكون عنوانا ً لحديث المدرسات هنا ! أريد أن يتحدث عني الجميع .. ! ويقال إن فاطمة هي الافضل .. كن َ مثلها !



هذا الحديث يذكرني بمريم !! فهو ذاته الحديث الذي يتناقله الكثير عنها ,, وهي محورا ً مهما ً لحديث الكثير من المدرسات .. !!


يبدو بأن فاطمة تطمح لئن تكون مثلها !
شيء جيد !


فقلت لها ببراءة :
_ كمثل مريم إذا ً !


لكن صوتها جاء حادا ً وهي تنفي قولي :
_ لا ليس مثل مريم ! فأنا الافضل !



الكلمة الاخيرة جعلتني اكثر الاهتمام لما قالته ولما ستقوله .. يبدو في الامر تحد ٍ .. !!


" وكيف أنت الافضل ؟؟

" لاني الافضل !!



هي تصر بأنها الافضل ,, وذلك لغريب .. الامر ليس تحد ٍ على مايبدو لي ,, شيء قريب لما يسمى "" الغيرة "" هكذا كنت أرى من حديثها !


كنت ألمح ذلك جيدا ً في عينيها فسألتها :

_ لماذا هذه المقارنة فيما بينكما ؟

_ هي ليست مقارنة يا ليلى .. فأنا وهي مختلفتان !

_ لكنك تتحدثين عن طموحك كما لو تتحدثين عما يحصل معها الان !!


هذه الجملة لم تعجبها فقالت بغضب :

_ لقد سأمنا ذلك الحديث الذي يدور حول مريم ! الا يوجد غيرها ؟؟

_ ولماذا كل هذا الغضب ؟؟

_ لا أبدو غاضبة !!


_ بلى !!




شعرت بأن شيء من الحقد تحمله فاطمة في قلبها لمريم ,, أزعجني ذلك إلى حد كبير ,, أنا أعتز بمعرفتي لفاطمة ,, لم تكن تعرف مثل هذه الامور ,, قد تغيرت فجأة ,, أصبح المتميزون يمثلون لها شيئا سيئا تمقته وليس منطلقا ً للتغيير في أمر ٍ ما !



لقد تغيرت كثيرا ً وكثيرا ً جدا ً .. !! والكثير مما أعرفه قد تغير .. !
لكن لا أجد في نفسي تغيير يذكر ,,
لا أعلم إذا ما كنت سأبقى على ما أنا عليه الان ,, أم خلاف ذلك !




دق الجرس ,, وصوت استاذة ( الرياضة ) يصلني ,, تأمرنا بالنزول للطابور الصباحي ,, أنا لا اشء النزول ,, أبدو مرهقة ,, أختلقت حجة ما للبقاء في الفصل ,, هكذا كنت أبتغي .


لكن المشرفة لم تدع لي مجالا ً للبقاء ,, وعذري لا تراه كفيلا ً في ابقائي في الفصل ,, ! فغادرته رغما عني وعلامات الاستياء قد برزت على ملامحي ..



وقد غيرت كل تلك الملامح مريم !
أجل رأيتها وأنا خارجة ,, شعرت بسعادة لذلك ,, لكنما السعادة سرعان ما تحولت لخيبة أمل ,, !
لم تكترث لرؤياي ,, بل اسرعت نحو الطابور كهروب ٍ واضح ٍ مني !


شعرت بالاسى ! بالحزن ..

مابالها ؟؟ لا اعهدها كذلك من قولها بالامس !


لماذا الفرحة لا تظهر على ملامحها ؟
ولماذا هربت حين لاقتني !



مريم .. صدقوني ستدعوني للجنون هذه الانسانة !






****





لم أكن أتوقع أن يكون الاختبار سهلا ً الى هذا الحد ,, يبدو بأن فاطمة تجيد الشرح ,, أتوقع لها مستقبلا ناجحا ً في مهنة التعليم ,, اتذكر بأنها أخبرتني ذات يوم أنها تحلم بأن تكون " استاذة " .. هو شيء ممتاز ..


أهديتها نظرات شكر وأمتنان على مساعدتها بالامس ,, هي الاخرى انتهت من الاختبار مبكرا ً ,, وهي الاخرى كانت تناظرني بابتسامة شبيهة بالنصر .. !


يبدو لي بأنها في اعتقاد تام بأن لها الفضل في انجازي للاختبار في وقت مبكر ..
مغرورة هذه الفتاة .. !!



اقتربت الاستاذة عند ناحيتي ووقفت قليلا ً بالذات عند طاولتي ,, أخذت الورقة وناظرتها و أخذت تتأمل الاجابة جيدا ً ,, وبين حين وآخر تناظرني بطرف عينها ,, كما لو إنها في استغراب .


كنت في ضيق تام لتلك النظرة ,, التي اعقبتها نظرة لما يحتويه " درجي " .. !
اعتقد ذلك محاولة لتأكيد منع " الغش " أو للتأكد من عدم حدوثه ..


تبا ً لها .. بحق أمقتها .




زميلاتي يناظرني وهن يضحكن .. ولا شعوريا ً وجدت نفسي أضحك .. وهذا ما أثار الاستاذة ,, أود أن أخبركم بأن جميع زميلاتي يمقتن هذه الاستاذة ,, فهي تحبط اجمع محاولاتهن ..


اقتربت ناحيتي وهي تسألني بغضب :
" لماذا تضحكين ؟؟ أضحكينا معك !

في واقع الامر لا أجد داع ٍ حقيقي للضحك ,, فأجبتها " لا شيء !


قلتها بنرة سخرية غير مقصودة ,, فثار جنونها وأمرتني بالخروج من الصف ..!
هذه المرة الاولى ! ومافعلته أنا لا يستدعي كل ذلك .. !


كررت أمرها بعد أن وجدتني في حالة صمت ,, وهي على قرارها باقية بخروجي,, كنت مستاءة الى حد ٍ ما ,, الا أنني وجدتها فرصة للهروب من الحصة ..



كان يتوجب علي المضي إلى المشرفة الاجتماعية الا إني فضلت التجول في أنحاء المدرسة ,,

وصلت الى دورة المياه ,, لابد من غسل وجهي فالنوم لا يزال متربعا على عرش ملامحي ,, وللمرة الثانية رأيتها ,, مريم هذه المرة لن أدعك ترحلين دون حديث منك اسمعه !



" من ؟ مريم ؟


نظرت لي بوجه ٍ مبتسم وحزين ..

" أهلا ً ليلى .


ثم استدارت نحو المرآة تلقي آخر نظرة ,, أخالها ستنصرف ,, لتؤكده بقولها :

" هيا سانصرف الان لا أود أن أتأخر !


تركتها تمضي وفي اللحظة الاخيرة استوقفتها بندائي :


" مريم ؟ هل استطيع الحديث معك ِ .. ؟


حاولت أن تنهي الحديث وتقول بسرعة :
" ليس الان !



وسرعان ما انصرفت ,, بعيدا ً نحو صفها !


لماذا تتجاهلني هذه الانسانة .. ؟؟ في لقائنا بالامس لم تكن مترددة في قولها ,, ولم يكن شعورها مختلط بين السعادة والضيق ,, حتى حين لاقيتها في الحي لم تكن كذلك ,,


أفكار أخذتني للبعيد ,, هل أبدو شيئا ً سيئا ً لتنفر مني ؟؟ أم أن هناك حقيقة تخشى فضحها فتهرب كلما لاقتني ؟

وعادت لتقتحم فكري من جديد .. وتتناظر أمامي كل المشاهد .. وكل الحديث ..

حديث المدرسات عنها ..
مطالبتنا بالاقتداء بها ..
لقاؤنا الاول ..
معرفة منطقة سكنها ..
هروبها مني هذا الصباح ..
وهروبها مني قبل قليل ..
ابتسامتها وحزنها الاخير ..


كل هذا استرجعته بعد ان استندت على الحائط ,, في محاولة مني يائسة الى تخطي الحواجز ,, وإلى معرفة ما تخبأه نافذتها .
أمور كثيرة يستصعب علي حصرها ,, ولكن في مقدمتها .. ما هو السبيل للتقرب لها ..
هي صعبة .. ويبدو بأنها ترفض الغرباء ..



أووه .. هل جننت أنا ؟ أم على وشك الجنون ؟؟
مالي ومريم هذه ؟؟
هي لا تريدني
هي لا تبتغي مصاحبتي
هي لا تود حتى رؤياي ..

ألم استوعب بعد كل هذا ؟؟ ألم أقو َ على تفسير موقفها ؟؟
لماذا امضي وراء حلم ٍ هو لا يبتغيني ؟؟
ولماذا افضل البقاء بين احضانه وهو يرفضني ؟؟




لكن .. لكن .. مريم مختلفة !!


وأعود من جديد لافكاري المجنونة ,, واغرق في بحرها واغوص في أعماق أعماقها ,, لأدرك تماما ً بأن مريم هي مختلفة !


واقنع ذاتي بأن الاحلام تغدو نحو اللا تحقيق ..


أحلام ؟؟ وتحقيق ؟؟ أوه افكار لأول مرة تحلق فوق رأسي ,, وأمور لأول مرة تدور في داخله .. !
ألم أقل لكم بأن مريم هذه جعلتني استعيد وافكر بأمور أخالها غائبة ؟؟ ولم يسبق لي وإن فكرت بها .. هي كذلك حتما ً لكن مابها هذا اليوم ؟؟


وعدت في حيرة قاتلة ,, بين الهروب من طيف مريم ,, وبين اللحاق به ومعرفة خباياه ,, وأحسب الاخير هو ما سأفعله ,, فابتسامتها اللطيفة تدفع أياً يكن للتفكير بها ..




ودق الجرس معلن الفسحة ,,
هو وقت مناسب لاقتحام عالمها من جديد ,, ومعرفة مكنونه أكثر .. فمضيت بخطواتي الخجولة ,, وبتردد يخشى الفشل ,, ويخشى الهروب .



وكمثل المرة الاولى ,, وسط جمع كبير من الزميلات كانت جالسة ,, وهن في سعادة عارمة ,, للحظات لم اشء الاقتراب بل فضلت الرحيل و تركهن في فرحتهن هذه ..


لكن صوت مريم جاءني بلطافته ..


" لــــــــــيلى !



يااااه .. واخيرا ً !





اقتربت اكثر الجميع كان يرقبني خجلت في بادئ الامر فأنا لا أعرفهن ..


" السلام عليكم .


رددن التحية وقالت احداهن ..

" هل تريدين مريم ؟؟


" نعم !


ناظرت مريم وعادت ببصرها نحوي لتقول :

" أو تظنين بأننا سنسمح لك بأخذ مريم كل يوم ؟؟



لم يخجلني حديثها ,, ولم يجعلني أشعر بالاحراج ,, فكانت تتكلم بلطافة ,, أجبتها :


" إذا أمكن .. !



لتؤكد قولها :

" مريم عزيزة على قلوبنا جميعا ً ونأسى على مفارقتها .. !



ابتسمت قليلا ً وكأني ابحث عن ما أود أقوله ,,


" حسنا ً هي معكن بهذا الصف أما أنا فلا !



هذه المرة أجابتني طالبة أخرى :

" أنا لست معها بالصف ,, والفسحة موعد لقائنا الوحيد ..




الجملة الاخيرة اثارت انتباهي .. وبالذات كلمة " الوحيد " هل يعني ذلك بأنها لم تستقبلها في المنزل أو في أي مكان آخر ؟؟




صمت طويلا ً وأنا أفكر ,, ولم أقو َ على الاصغاء إلى حديثهن ,, ففكري مضى نحو شيء ٍ آخر ,, ولأتأكد لما وصلت له ,, سألتها :

" ألم تزوريها بالمنزل ؟؟



الجميع ناظر مريم ,, وملامحها التي تغيرت فجأة ,, يبدو بأني لست الوحيدة !
انتظرت الاجابة ,, لكن لم يجبني أحد ..


ولاخترق صمتهن قلتها :

" لي علم بمنزلها فسأزورها عما قريب !





لم أكن أتوقع أن جملتي تثير اهتمامهن ليقلن بصوت واحد :

" حــــــــــــــــــــــــقا ً ؟؟



تعجبت في بادئ الامر ,, وكنت أراه شيء من التكذيب واخفاء الحقيقة ,, وحاولت معرفتها لاحقاً



~~~~~~~~


فيما بعد هذا اللقاء الجماعي علمت بأن مريم لم تخبر صحبها بعنوان منزلها ,, وعرفت بأنها تمقت الزيارات المنزلية ,, ولم تكشف عن ذلك المقت أبدا ً ,, الكثير كان يحاول أن يعبث في أوراقها الخاصة ويحاول رؤية بطاقتها السكانية للوصول للعنوان ,,


لكنها لم تكن تحبذ ,, قليلات من عرفن العنوان عن طريق ذلك الا إن موقفها السلبي هذا يستدعي رفض الزيارة ,, ليس للاحراج .. بل لحبهن لها ولاحترام رغباتها ..




الجدير بالذكر بأني ومريم وقليلات من الحي ندرس في المدرسة ذاتها ,, فالقرية التي نقطنها لا توجد بها مدرسة ثانوية ,, لذا فنحن ندرس في العاصمة ..




وكان ذلك جيد بالنسبة لمريم ,, لان هذا يدعوها للهروب من واقع هي لا تبتغي أن يعرفه أحد .




هكذا هو الاستنتاج الذي وصلت إليه !





يتبع !





.0
.0

 

التوقيع

.0.
.0.


وحيدةٌ أنا دُونما ذاكرة ,,
أو ربما بذاكرة ..
ذُبل فيها كُل شيء .. ,

الاهل ..
الاصدقاء ..
والوطن !


.0.
.0.

الوجه الأليم غير متصل   رد مع اقتباس