[بلقيس الرشيدي]

...
..

غَصَّة فِي حَنجَرةِ السُّكُونِ
تَبعَثُ مِن فَمِ الصَّمتِ الرَّمَاد !

صَوتُ الأمَاكِن مَازَالَ يُحدِّثُها سِرًّا
تسمَعُهُ وكَأنَّهُ لِلمَرَّة الأولى يَتحدَّث يَحمِلُ مَلامِحَ الرَّاحِلين
يَأتُونَ سَرِيعًا لِيسكُنُوا أَطيَافَ العَابِرِين وكَأنَّهُم لَم يَبرَحُوهَا يَومًا !
هَائِمَة فِي دَاخِلِهَا الأٌنثَى نَائِمَة بَاتت لا تَعي ثَورَة الأشيَاء
تَعَدَّدَت العَواصِف وَلَم تُيقظها الرِّياح !
أصبَحَت خَاوِية مِن عرُوشِ الحَنِين
هَارِبة مِن مَوجِ الشَّوقِ اللَّعِين تعُودُ بخُطاهَا لِلوراء
لَوقعِ صَوت ماضٍ يَئِنُ من سِنين !
مَنْ تكُونُ تِلْكَ الصَّمَّاءُ الَّتي أَقْفَلتْ أُذُنيها عَن سَماعِ
ماورَاءِ هَسهَسَتِ الهَمسِ وحنِينِ الأمس !
تِلكَ البَكمَاء الَّتِي فضَّلت الأدبَ صَوتًا للتَعب !
ذَاك العَطش الَّذِي كانَ يَسكُنُ شَفتيهَا
والَّذي أنسَاها نَشْوَةَ الإرتِواء !

بِربِّكَ حرِّرنِي من صَوتِك !
من انتظاري الضَّائِع بك .
مِن مارِد عُزلَتِي
من جُمُودِك !
أَكُنتُ أنا الهَائِمَةُ بِكَ دُونَك !
أَكُنتُ أَشرَبُ الوَهمَ
وأُقَارِعُ انكِسَاراَتِي !


هاأنا ذَا فَوقَ سَحَائِبُ الظَّلامِ أَعْتَلِي !
أَمشِي دُونَ سُقُوطٍ .
دُونَ صَوت !