لمْ تْكن تِلك فاصِلة التي تُوضع بين ، اسمي واسمه ، بلْ كانت ضَوء أخضر ، لسكب المزيد ،
وإيذانًا بِتَحويل مجّرى الحوار مِن : أنا وَأنتَ ، إلى نحن أو بتعبير أدّق ، أنا ؛
ولاشيء غَير ، أنـــا !
...
يا أنا :
سَيستَعْجِلون الفهم كَعادتِهم ، وسَيقولون إنَّ الفاصِلة فرّقتْ بينهما ،
يَتَهامَسِون ، يُضمِرون الشّماتة ، وَيُظهِرون التّعاطف ، يَطّرحون استفسارات ، لا مَكان لها ولا زمان ،
وَتَعجز الأبجدية عن إشّباع فضولهم !
.....
مَع كلِ خَفْقة قَلب ، كان يتجدّد الوعد منّك ، بالمزيدِ مِنَ الوفاءِ ، المَزِيد مِنَ الصّبر وَالمَزيد مِنَ الاهتمام .
تِلك اللحظات الماطرة حَمِلتْ ليَّ الكثير ممّا لمْ ترسمه مُخيلتي مِنَ الجمال ! .
ماكنتُ أعرفُ السّير دونكَ ، لا أجيده ...
دائمًا أختبئ خَلف جِلبابكَ مِن عُيون الغًرباء الغَرِيبة جدًا ( التي توّحي بالخوفِ والحذر ) ..
تَحْمِل مِظلّتي لتَحميني مِنَ مطرٍ ، أعشقه !
تَعترض طُفولتي بأن : دَعني ، وَدَعْهُ يُغرقني ، فالبسمات وَكل الأفراح تَهطل ُمَعَهُ .
تَتَراجع بخطوةٍ حَنون ، لتهبني سعادة تَجلبها ليَّ الَمواسم فَقط !
ياأنا : لاشيء يُحرّك قَلمي سِواكَ ، لاأحدَ يلهمه غير طيفكَ ،
كل الكَلمات تَنْتظر مُرورك َ وكل المعاني مِنْ نَبعكَ أسّقيها !
تُراقِب خُطواتي ، بِذات القدر الذي تُراقب بهِ الحَركات التي أضعُها على حُروفي ،
وَدرجة غَضَبكَ مِنَ الشدّة ، التي في غيرِ مَوضِعها ،
بنفس درجة غَضبكِ مِنْ تَعليق جَريء " لأحدهم " أو نظرة تُصَوّبُ نَحْوي ..!
وأنا ، أنا اليَمامُة البريّة التي عَشِقَتْ الحُريّة ، تَدْخُل قَفَصك طواعِية ، تَمضي نَحوه دون شعور ، وتَدخله ، لتنتظر قيدّه الذي تُحبّ !
لنْ أستغرب ماحَصَل ، فالحياة تَهِبنا شَخصًا يَتَجسّد فِيها ، مِثلما الموت يَهبنا شَخصًا يَتَجسّد فيه !!
لمْ أستَغرب ،
إنّها هَدايا القَدر !
هبّني لحظة مِن عُمر الزمِن ، المجنّون بالسّرعة
أسْكبكَ نثرًا ، ثم انتَظِرني دهرًا ، لأتعلّم الشّعر
لأنّظمكَ قَصِيدة ، لا تَموت .
كم مِنْ حَضارات مَرّت ، لكن زَمَنَ حَضارتِكَ ، لم ْ أعرفه ، توًا بَدَأتُ فَصّلي الأوّل فيهِ .
مُعلّمي أنتَ يا أنا ، تُخفيكَ عَن الآخرين كَلماتي ،وتظهركَ آهاتي ..
وأنت !
أنت الصّامت البعيد دائمًا
أبعد مِنَ القمَر عَنّي ، وَأقرب إليَّ من أنفاسي َّ ...!
دَعْنّي لِمرّة واحدة ،
أهْمِسُ للماريّن باسمكَ ،
وأصّدح بهِ ،
حَتى لو غيّبنا القدر ،
تُخبِرِهم عنّكَ كَلِماتي ..
وإن سألوا مَن يَكون ؟!
أجيبهم :
إنّه آخِر أنفاسي
إنّهٌ أخْي
وَالفَواصِل لا تَفْصل ، أنا عَن أنا
بَل ، تَجْعَلهما كَيانًا واحدًا مُتَمازِجًا ..
يَعْشَق الحرف ..
يَقْتَفي أثر السَلف ..
يَتَرَنَم بالحُبّ
وَيَكتُب المَساء
حِكايَة لا تَذبل !
لنعلّم الأجيّال بَعْدنا
أنّنا
نَغَيب لكن لانَنسى
فَهَلْ عَرفتَ الحُبَّ يا أنا ؟!
