كشفت المقابلات التي أجرتها تحقيقات الصحف المصرية مع جيران الأديب الكبير وسكان عمارته والعمارات المجاورة.. أنه لم يكن منعزلا عنهم في يوم من الأيام, وأنه كان دائم السؤال عن جيرانه والبوابين وحراس العمارة, وقد ارتبط الجيران بالأديب الكبير والسيدة زوجته وأجمعوا علي انسانيته العالية وتواضعه الشديد ومشاركته لهم في أفراحهم وأحزانهم ومساعدة المحتاجين ماديا ومعنويا.
في البداية تحدث المحاسب حامد أحمد ـ65 سنة ـ وقد بدت عليه ملامح الحزن الشديد فقال: أنا أسكن في الطابق الثالث بنفس العمارة التي يقيم بها الأستاذ نجيب منذ أربعين عاما وهي نفس المدة التي حضر فيها الأديب الي هذه العمارة, وانه كانت تربطه به صلة صداقة وحب وهذا الحال كان مع جميع سكان العمارة, وأضاف أن الكاتب الكبير كان حتي آخر يوم في حياته يعامل الجميع معاملة طيبة.
أما الجار الآخر للأديب وهو المهندس أشرف موسي, فقد أكد أنه كانت تربطه صداقة بالأديب الكبير عقب اقامته بالعمارة في الحادث الذي تعرض له الأديب عام94, وهي محاولة الاغتيال الآثمة التي تعرض لها ومنذ هذا الحادث وهو ارتبط به وبطفليه الصغيرين وهما بيتر وملاك وكان دائم السؤال عنهما, كما انه كان يقوم بمداعبتهما واحضار الوجبات لهما, وكذلك السيدة زوجته كانت تقوم بمداعبة الطفلين وكانت أسرة الأديب تتعامل مع سكان العمارة بالحب والعطاء وكأنهم أسرة واحدة, أما عبده حسين وهو بواب العمارة المجاورة لعمارة الأديب الراحل, فقال إنه يعرفه منذ زمن بعيد وانه كان يعامله معاملة حسنة وانه كان يخرج في الصباح لعمل تمرين المشي بصفة يومية إلا أنه بعد حادث الاغتيال امتنع عن هوايته المفضلة وهي المشي في الصباح وانه كان يعطف عليه ويعطيه الأموال ويساعده عندما يحتاج, فإنه كان دائما يعطف علي الفقراء والمحتاجين.
الحارس الخاص
أما رمضان محمود وهو الحارس المكلف بتأمين مقر اقامة الأديب الكبير فبدأ يروي قصته بأنه منذ4 سنوات تم تعيينه من قبل وزارة الداخلية لتأمين مقر اقامة الأديب بمنطقة العجوزة, وانه كان سعيدا لأنه يعمل في خدمة الأديب العالمي الكبير وكان فخورا بعمله معه, لأنه الحاصل علي نوبل والذي رفع رأس مصر عالية بل والعرب جميعا, وأكد أنه كان يتردد عليه كبار رجال الدولة والأدباء العرب والمصريون بصفة يومية.
وتقول هدية السيد محمود عاملة بالعقار منذ أكثر من30 عاما: أعرف الفقيد جيدا من خلال التعامل معه ومع أسرته وابنتيه وكنت ألاحظ خروجه يوميا في ساعة الفجر أو الصباح الباكر يتجول ويسير تجاه كوبري6 اكتوبر, ولكن هذه العادة تغيرت بعد تعرضه لمحاولة اغتياله فلم يواظب بعدها علي الخروج في مواعيد مبكرة أو ثابتة.
وأضافت أنه كان رجل احسان, ففي رمضان كان يعطينا وفقراء المنطقة وجبات كاملة مغلفة ويوزع لحوم الذبائح في المواسم والأعياد.
أما سيد سنوسي وهو بواب عمارة نجيب محفوظ, فيؤكد أن الفقيد ترك فراغا كبيرا في العمارة حيث كان يزوره نجوم المجتمع ومنهم يوسف القعيد والأبنودي ومحمد سلماوي وقبلهم الفنان الراحل أحمد مظهر, وأضاف أن آخر مرة رآه فيها كانت منذ شهر قبل مرضه الأخير.
وتضيف هاجر خالد طالبة بالثانوية العامة واحدي جاراته: انني أحببت نجيب محفوظ من خلال كتبه وأفلامه وقرأت له معظم مؤلفاته ورواياته والتي أحب منها الثلاثية واللص والكلاب وميرامار والكرنك. ويضيف أسامة محمد محمود بأحد المحلات بأسفل العقار: كنت أري الفقيد قبل محاولة اغتياله صباحا كل يوم في طريقه الي فندق شهر زاد لتناول مشروب الصباح, وكان يسلم علينا في ذهابه وعودته وهو مثال للأخلاق العالية والتواضع, وقد تابعت معظم كتاباته من خلال الأفلام الشهيرة بالتليفزيون, وفي الفترة الأخيرة عندما علمنا بمرضه الشديد كنا ندعو له بالشفاء.
ويضيف رضا المصري من جيران الفقيد نجيب محفوظ, بأنه لن يعوض مهما قلنا لأنه نموذج متميز في العالم, وهو مفتاح خير لمصر وسمعتها, فقد عالج في كتاباته مشكلات الشباب والمجتمع خاصة الفقراء وصور حالات المجتمع في مرحلة غير مسجلة لا تاريخيا ولا ثقافيا, خاصة الحرافيش الذين يعيشون في أدني مستوي اجتماعي والفتوات الذين كانوا يسيطرون علي المناطق الشعبية أنذاك..
رحمك الله يا نجيب
وأسكنك فسيح جناته إن لله وإنا إليه راجعون