القـــديرة ايـــة ..
الرفــيقة والمحــبة للجميع أبــداً..
الســــلام ..
، عليـك دوماً في مجرياة الحياة ..
، إليـك مدداً يعـود في كل مرة تشعرين بأنه قد نًزّع منك.
، حولك مراراً لا ينقـطع نعيمه ولّطفه حتى تتوقف حياتك..
هنا صنعاء كما أحببت دوماً في غربتك وموطنك.. رافقت صنعاء في كل أوقاتك وانتِ حافية الصوت تماماً في كل نداءاتك.
على الدوام ينتزعني سؤال ملّح وأنا سارح في مآتة الطريق يجرّدني من السلام الذي إعتادت صنعاء رؤيته ولم تعشه يوماً.
ينسدل التاريخ أمامي تِباعا فتشيخ أرضُنا قبل أوانها، وتفترش مصيرها هي والسراب في آنٍ واحد.
كلما إنسدل فصـل عليها تساقطت عنها الأوقات توالياَ.
لها قبب وغرابيب سوداء، في كل قبة كُتب عليها تساؤل، هل سقطت صنعاء فعلاً.؟
وأقفلت أبواب حكاياتها ماتبقى من العمر.؟
أعلم بأن تاريخنا ملتزم في سرده بعيداً عن الأمنيات و ربائب تلاواة صلواتنا.!
من يقنع ساعة فوكنر بتوقف عقاربها.؟
تدق في الصيــن مذعنة بميلاد الحياة فتحلَق الطيور فوق السور العظيم، تستمد الشعوب طاقة شمس الحياة والأمل
مشرعة عقاربها في يوم جديد على هذه الأرض، يحدث فيـه الكثير ويتغيـر فيه الكثير أيضاً، لكن لا جديد سيحدث عليها فقانون شموس الأوطان" لا جديد تحت الشمس."
وتدق في غلاسكو مذعنة أيضاً بإستمرار الحياة، في جريان نهر كلايد ضمن وحدة واحدة.!
لو عدنا للوراء وعشنا حقبة الحلم الإنجليزي، من كان منا يتخيل أن هذا النهر في صفوة بهائه الآن، بعد التناحر و سفك الدماء بديمومة سينعم الجميع لاحقاً بشــم النســيم في نعيم وســـلام .
أية قوى الآن تحكـــم مسيرة التــاريخ في هذا الوقت .؟ وتلتزم فــي سرده دون قطرة دم واحدة، كي ترتوي منهـا الأرض
وهي مغصوبة أن تستشعر لزوجة دم الإنسان البائس، فتحاول أشعتها وهيَ مكلومة في جعلة متشبّث بالتربة عبثاً،
ثم تمزجه لتغطّي تناحر الحيوان بعد أن فقد إنسانيته وسفك دم أخيه الآخر، تفعل كل هذا لترائي لباقي البشرية سوءاتنا
فقط لنمضي دون أن نعرف بأن أحدهم سقاها وهيَ غير متعطشة لهذا الدم.
عزيزتي آيـــــة ..
ماذا يعني لك أن يعيش المرء في مجموعة من التساؤلات تحاصره من كل الجهات.؟
أكتب إليـــك وأنــا مبعثــر ..
كقطع بيت المكعبات، في كل قطعة هنــاك حكاية خلف ستــار الحقيقة، طوقتها أزمة منتصف العمــر،
الحقيقة التي أخذتــك بعيداً فقط لأنك نظرتي من زاوية واحدة، فآثرتي أن يجرفك تيــار الضياع، لذا وصلنا إلى نقطة وضعنا فيها حدود لا تصلنا ببعض.
في الحقيقة ..
أشعر وكأن الطوفان قد جرفني، فقررت أن أكتب إليك لأنقذ مابقي مني.
أشعــر حقاً بأنه قد فـــات الميعاد، كـــي تعود صنعــاء مجدداً في أبهى حلَه ..
كلما إستذكرت تلك اللحظة التي عرفتي فيها صنــعاء خاصتك، أشعر حينها بأنني سقطت من على نجمة دائماً ماكانت مضيئة تبعث بالأمل الذي تريده صنعاء . .
ليس للنجوم أوطان هكذا عرفها الناس عبر الزمان، ستبقى كذلك كما عرفوها دوماً، فهي لا تطلب الولاء أو التضحية ..
الأمر مختلف جداً في طبيعة الحال، كل مرة أجدني أحدٌ آخر .. لقد كتبت إليك آملاً أن تعلوا صنعاء و مآذانها الأموية،
التي لا تقدر على فرض عقائدها كي تتوقف.! عن خلق المزيد من الفوضى والدمار، هذا مايريده الجميع بلا هوادة، لكنك تعرفين جيداً، بأني امضي وخلفي الكثير من الفتك والدمــار الذي يؤول إليه عالمنا البائس.
أتساؤل دائماً عن ماحدث لـ صنعاء .؟
من نزع عنها خمار مبانيها الكلاسيكية الفريدة.؟
وأطبق على أزقتها الصمت والوحشة.!
أخبريني عزيزتي ايــــة هل يحق لأحدهم أن ينتشل رائحة طيبها ويمحيه من ذاكرتها عبر أبوابها المشرعة.؟ تلاشت قيمنا كمدينتك صنعاء.
فأخذ التلاشي رائحة البن أولاً، ومن ثمّ كل الأشياء التي تُطمأننا على رفقاء صنعاء وأصدقاؤها .!!
عزيزتي المحبة ايــة لا شك أنـك تعلمين بأن صنعـاء سقطت بدون رصاصة واحدة أو مدرعة أو حتى سـلاح عيـار خمسين لقد ماتت أحلامها في ضاحية عمران وكذلك أحلامي ايضاً.!
المدن تتقدم و تنموا بمآذانها و ساحاتها المكتظة تستلطف نسائم تقدمها وإزدهارها, تتسائلين الآن هل تتقدم صنعاء وتنموا وتعيد ري بساتينها في إلتزام .؟
أم عادت فصولها ثانيةً حصتها من الألم والكبت والنواح من تاريخها في العلبة السوداء.! هذا ماظننت بأنه تبادر إلى ذهنك.؟؟؟
المزيد من المأساة والتشتت والضعف.؟ لطالما شعرت بأني مدينة عائمة لا استطيع العوم، فأنا شاطئها المتسجد بهيئتي البشرية الرثة والبغيضة.!
لو كنت فعلاً مدينة عائمة سأتنقل بين الأصوات، ابغض صوت الأشرار و أبتهج في حضرة صوت الملائكة، كالطفل حين يحب كل شيء غريب وجميل، يسعد أوقات في لحظات لايريد توقفها تشبه لطافة حيوان الهامستر.
لو كنت مدينة لن أترك أبوابي موصدة، سأحب الليل في أشكاله يمر عبري في حكاياته وديباجه ، سأحرص جيداً أن يستمد الكل طاقتهم عندما تأتيني شمسهم في موعدهـــا ..
حتى قرص النحل في بساتيني سأتجاوز عنه كي ينتشل الرحيق .... أشعر بعد كل كذا العمر والكلمات والوقت بأنني مدينة عائمة فعلاً .
طالها العالم وتمكنّت خطوات البشرية فيها، لكن لا احد مضى للطريق فيها إلى مامضينا ياقـديرة .
مسيرة تاريخ مدينتنا تبقى في أذهاننا وإن كان السقوط قوي وصادم لا يمكن إنتشالها من هذا المصير،
لو أن حضارة هذه المدينة قصيدة شاعر لديه فكر عميق لم يكن هناك أحد لديه شاعرية أكثر منك عزيزتي..