بـ إسمه الرحمن ُ أبدأ أشهدُ أن لا إله إلا هو
وأشهدُ أن محمدُ ُ عبدُ ورسوله
صلى وسلم ذو الجلالِ عليه ... ما لبى مـُلبيا ً أو تحلل مـُحرِم ُ
وعلى قرابته ِ المقرر فضلهم ... وعلى صحابتهِ الذين هم ُ هم ُ
جادوا علو ضائوا حمو زانو هدو ... فهم ُ على الست الجهات الأنْجم ُ
والتابعين لهم بإحسان فهم ... نقلوا لما حفظوهُ منهم عنهم ُ
أما بعد ..
لـم يـُدخل محمد صلى الله عليه وسلم الدين و الهداية إلى قلوب البشر بالطريقة التي يتعامل ُ بها المنفرين الآن أبداً
بل كان مدارس ُ ُ من الأخلاق .. إنه من كانت تتسابق ُ صفاته الحميدة لرسم ملامحهِ وصورته ِ عليه أفضل الصلاة والسلام
إنه ُ الذي لم يجلس ُ رجل ُ ُ عنده إلا وملئ قلب الرجل حبا ً له ُفَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ( 1 )
عن أنس رضي الله عنه قال : بينما نحن في المسجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد فقال أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم : مه مه ( أي أترك ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تزرموه دعوه ( لا تقطعوا بوله ) فتركوه حتى بال ثم إن رسول الله دعاه فقال له : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله عز وجل وقراءه القرآن أو كما قال صلى الله عليه وسلم قال : فأمر رجلا ً من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه ( 2 )
عن معاوية بن الحكم السلمي أنه ُ قال : بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة إذا عطس رجل من القوم فقلت : يرحمك الله , فحدقني القوم بأبصارهم فقلت : واثكل أماه ما لكم تنظرون إلي ؟ قال : فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم قال : فلما رأيتهم يسكتون سكت فلما أنصرف رسول الله من صلاته دعاني فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما ً قبله ولا بعده أحسن تعليما ً منه والله ما ضربني ولا نهرني ولا سبني ولكن قال : إن صلاتنا هذه لا تصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وتلاوة القرآن ( 3 )
والدلائل على خلق النبي في طريقة النصح كثيرة جداً وبما أنه ُ قدوة هؤلاء الرجال فعليهم الإقتداء ُ بطريقته
هناك الكثير من البشر للأسف هم من الملتزمين في شرع الله عز وجل أسأل الله لهم الثبات يعتقدون فور دخولهم إلى عمق الدين عليهم النصح والتشدد في النصح في أي وقت وفي أي زمان وفي كل حي , باب النصيحة يجب أن يـُقفل في بعض الأوقات ويجب أن يفتح في أكثر الأوقات , الوقت والمكان الذي يجب أن يـُراعي فيها صاحب النصيحة إلى دين الله الآخرين تماما ً وأن يختار أفضل الأوقات وأفضل الأماكن لكي يتحدث بما يـُريد من أمره , لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم كما يقول أبن مسعود يـُراعي الأوقات حينما يود تذكيرنا ولا يـُكرر علينا كل يوم لئلا نمل
الناس ليسوا في كل وقت وفي كل مكان مستعدين لسماع النصيحة وهذا الشيء من الممكن أن يجعلك من المنفرين في دين الله بسبب أنك لا تختار الوقت والمكان المناسب واستمرارك في هذا الشيء كفيل لـ كي يتأفف الآخرون من دين الله والسبب هو أنك لا تعرف كيفية إيصال حلاوة هذا الشيء الذي تشعرُ به إلى الآخرين بسبب التكرار أو حتى أنك قدمت النصيحة في الوقت الغير مناسب , النصيحة هو حرصك على الآخرين وهذا لا شك فيه لكن أيضا ً هناك آداب للنصيحة يجب أن نأخذها في عين الاعتبار وهي كثيرة جداً لكن أهمها .. ( وقت النصيحة ) لأن المنصوح قد لا يكون مستعداً دائما ً لقبول النصيحة , ( تجنب النصح في جماعة ) وهذا الشيء من أفضل أنواع إيصال النصيحة كما يقول الشافعي
تعمدني بنصحك في إنفراد ٍ ... وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس ِ نوع ُ ُ ... من التوبيخ ِ لا ارضي استماعه
والنقطة الأخيرة من أدب النصيحة هو الرفق في المنصوح تماما ً .. فعلى سبيل المثال حينما تجد أحدهم يـُدخن الدخان فلا تقل له ُ أطفأ هذه المكروه ولا تقم من مجلسه ولا تعود إليه كما يفعل الكثيرون بل قدم له ُ الطيب بدلا ً من الدخان وقل له ُ أختر أيُهم أطيب إلى الله وإليك .. وهذا الرفق يـُذكرني بحديث للرسول عليه الصلاة والسلام حيث ُ قال : ما كان الرفق ُ في شيء إلا زانه وما
نزع من شيء إلا شانه ( 4 )
وأخيراً أقول كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم : إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ( 5 ) , فبكم عرفنا هذا الدين فلا تحرموننا حلاوته بسبب أشياء يمكننا معالجتها في التعرف على محمد صلى الله عليه وسلم أكثر وعن خلقه الذي كان القرآن فليس من المعقول حينما تـُطبقون الدين تحرمون أنفسكم من أفضل ما كان عليه المختار عليه أفضل السلام والصلاة أو أن تأخذوا فـ ويل ُ ُ للمصلين وتتركوا الباقي , فـ الله الله بنا ولا تجعلوا أنفسكم معسرين إنما ميسرين فبكم يا أيـُها الصالحون نقتدي فإن القدوة بالصالحين فلاح ُ
لا يوجد هناك إنسان يـُشابه دين َ محمد صلى الله عليه وسلم
فـ دعوا الناس تعيش ُ بسلام
( 1 ) ) سورة آل عمران 159
( 2 ) صحيح مسلم 1 \ 236 رقم 285
( 3 ) سنن النسائي 3 \ 14 رقم 1218 \ , صحيح أبن حبان 6 \ 23 رقم 2247
( 4 ) ( صحيح مسلم 2594 )
( 5 ) ( سنن الترمذي 147 , مسند أحمد 12 \ 244 )