إهداء
إلى تلميذتي
زينب
24/ سنة من البراءة
وابتسامات الصدق
هبات السماء هم
=لاتريني وجهك
ألتفتت بوجهها الموجوع عنه فرفس الأمل مع الباب وغادر، لمحت ابتسامة ساخرة تتلوى على شفتيها في المرآة وكلماته البائدة تمر بذاكرتها.....
-لا أعرف كيف أرسلني القدر لأقف على باب المعرض وألتقي بعينيك المائيتين, يومها وقفت مذهولاً وصوتك الغارق في الشجن يستحث رجولتي ويصنع مني فارساً يرسل جنوده للبحث عن تلميذتك زينب ،انتهيت فإذا أنت قد تحركت هنا و هناك تبحثين عنها بنفسك فسرت خلفك أتبعك وشيئ في نفسي يهفو إليك ولحظة رأيتك تخرجينها من تحت طاولة المعروضات وتدفن نفسها بين كتفيك لتتساقط دموعها ويفسد ريقها جمال عباءتك غرقت في سحرك...وتعلق قلبي بأستار الأمل وهمست ثنايا عمري المنقضي أحتااااااجها .
انسحب الليل المهزوم وتراكض الفراغ من حولها تجاهلت كل من يسألها عنه ...بقايا ثيابه في دولابها وملاءات سريرها التي تعبق برائحة سيجاره وأنوثتها المؤتفكة على مرآتها المكسورة دست نفسها في عباءتها وألقت بجسدها خلف سائقها, المدينة لازالت مثقلة بالنوم والبوابة الضخمة تقترب لتدلف منها إلى عالم براءة الحياة هنا لا يعرف أحد الفرح ولا يمر الحزن بالأبواب... أجساد لا تعرف الكلمات وتصنع لها الملامسة الشيء الكثير...عبرتهم وتركت أعينهم التائهة ترتجي يدها المقيدة تقول شيئًا تناست تلك اللحظات التي تظلُّ معهم تفهم كلماتهم المضطربة وتعابيرهم الغارقة في الشتات تمسح أفواههم وتلامس أكفهم عبرت ولم تبال بقلوبهم المتسائلة عن صمتها الثائر على نقصان غادر... تندس خلف مكتبها وتلصق وجهها بسطحه البارد دمعة حارقة تنحبس بين جفنها والزجاج تتقلص أمعاؤها وصدى صوت طبيبها يتردد للمرة المليون ..
=.ويجعل من يشاء عقيماً ...نحن عاجزون يا سيدتي أنت امرأة تتكرر حالتها من بين عشرات الألوف مرة واحدة.... التشويه في رحمك يمنع إمكانية حملك مطلقاً!
زفرت بسخرية ولمَ أنا من بين عشرة آلاف أنثى أنا أنقص؟
لملم فارس صياحاتها ولفها بعباءتها ودفعها إلى السيارة وهو يعتذر عن لعناتها ... اختارت الصمت وهي ترى كلماته تغرق في الشفقة وتكتسي بالرثاء...
= أنت زوجتي وحبيبتي وأنثاي وهذا قدرنا...
آه تود لو تذكره بهمسه في الليالي الدافئة...
=أحمد الله أنه لا أنثى ستحمل الحياة مني سواك أريد طفلة مشبعة بالرأفة غارقة في الرقة مثلك أنت تماماً...
لا تدري كم بقيت منطرحة على مكتبها كل ماوعته جرس الانتهاء يعيّـرها أنَّ لا أحدا اليوم ينتظرها هناك وأن من كانت تقفز العتبات لتلتقيه خلف الأسوار أهداه الزمان لغيرها
=أجمل ما فيك أنك حواء بكل جمالها وبكل حنانها وأمومتها التي تختبئ الدنيا كلها بين أحضانها.
منذ كانت طفلة وهي أم تلف العرائس بشرشف صلاة أمها، تنام بجوارها تلصق شفاهها بصدرها وتغرس أصابعها في شعرها وترسم على شفتيها ابتسامة الرضا تغني أحياناً وكثيراً ما تحدثها أنها ستنجب عشرة أطفال.. أصوات البراءة تعبر السلالم إلى غرفهم وتذكرها أن المكان سيعوي فيه الخواء بعد قليل تعيد رأسها إلى حزنه، تعبرها لحظات, تشعر فيها أن هناك من يقف فوق رأسها ترفعه بهدوء يرتسم الغضب على محياها وهي تتأمل الفتاة العشرينية وهي تلصق وجهها بحافة الباب وتتطلع إلى لاشيء..
- زينب اصعدي سوف تفتقدك المراقبة وتعاقبك
وكأنما أعطتها الأذن بالإقبال اقتربت ورمت ورقة عليها وأسرعت تتهادى قفزت هي من مكانها تعرف أنها ستسقط، سقطت وقامت هي هكذا تسقط فتقوم... التقطت الورقة الصفراء فطالعتها الكلمات الراقصة..
- أنت متكبرة تعريف متكبرة / ما تكلم أحد...
طفرت دمعة مالحة من عينها تسللت من بين شفتيها لتخالط المرار في فمها فكّكت الكلمات بأصابعها ورمتها على أرض الغرفة الملساء رأتها تعود فالتقطت عباءتها.. ولا حتى أنت يازينب و لا حتى أنت أرادت الخروج فاستوقفها جسد زينب العريض...
- كل البنات قالوا لأبلة منى ما يحبوك أنت متكبرة..
تنفست بعمق ودفعت الفتاة برقة لكن الفتاة تمسكت بكفها... - كلنا نكرهك نكرهك.. صاحت والغيظ ينشب أظفاره بملامحها.. - غادري يازينب اصعدي..لا تدري كيف فعلت ذلك أمسكت بكتفي الفتاة وهزتهما أم هي التي هزتها لم تعد تدري الفتاة تغيب وجسدها يرتعش تسقط وتسقط معها عندما فتحت عينيها همست للممرضة :. زينب ابتسمت الممرضة وتراجعت إلى الخلف فظهر وجه زينب التائه مدت كفها , لامست أصابعها , اغمضت عينيها ... همست للأمل لازلت أنا كما أنا...