رسـالـة إلـى فـتـاة مـا ... 11

[فيصل خليل]

رسـالـة إلـى فـتـاة مـا ... 11

صغيرتي
يقولون المساء بدون من تحب ليلٌ بدون قمر، والمساء بدونك ليل كئيب كظيم لا تفارقه الأحزان، فكيف أعشق لحظات لا يكون فيها أنت، بهمساتك وأنفاسك وكلماتك التي طالما داعبتني، وكانت لي رفقة روح في خلوة النفس إن غبت عني لحظة من الزمن.

همسات القمر، وضياء النجم في السحر، و لحن الصمت تعزفه أوتار سكون البحر في ليل داج، ترافقني في وحدتي حيث يطوف حلمي في عالم الهذيان، أبوح به بما تعجز عن لملمته حروف اللغات، فكتبت لك القصة والقصيد ومن النثر ما يعجز عن جمعه الأدباء، ليبقى سجلاً خالداً على مر الزمان يخبر الأجيال عن مدى حبي لك.

صغيرتي
وحيد على مركب حيران تائه في بحر الأحزان أبحث عن مرسى الأفراح لفؤاد تمزقه أماني محطمة وأحلام مؤجلة وروح معذبة تسعى منذ البدء فلم تنل إلا نار توقد جمراتها على عذابات الروح.

هكذا كنت، أبحث عن حياة أعشقها وعن حلم يعانق خيالي يرتقى بي إلى عنان السماء فأسعى لتحقيقه، وعن طموح يداعب حنايا الروح منذ نعومة أظافر عمري أن أكون، مسيرة طويلة عدت بي الحياة دون شيئا أن تذكر، كأن كل شيء يتلاشى كلما تقدمت بالعمر يبتعد عن طريقي أو يهرب مني.

اتعبني السهر والنظر إلى سحر النجوم أخاطبها كل ليلة في إنتظار غيث سماء يزف إلي بشرى إنفراجة قريبة، بشرى تحمل بين صفحاتها أن بوصلة الحياة قد تبدلت وقد حان لمركب الأحزان أن يستقر على شطأن الحب ودفأ الحنان، فطال الإنتظار وتلاشت شمعة الأمل خلف ظلمة سكون الليل كأن إشراقة الشمس قد توقفت ولم تعد تمدنا بقوة الأمل والإيمان.

محطم القلب على قارعة رصيف الإنتظار، أجمع حالي وأشيائي لأغادر محطة الإنتظار بعد أن ملأ اليأس كياني وبلغ مني القنوط مكمنه، فجاء ربيع ذلك العام حاملاً بشائره على عناقيد أزهاره ليخبرني مهلاً ما زال للأمل بقية ترتجي الصبر، فلا تستعجل الرحيل فبشائر الفرج ما زالت تتوارى خلف سحب الصباح، تنتظر شروق الشمس لتزيح هموم المساء وتشرق حاملة حياة مبهرة طالما أنتظرتها.

فكنت أنت، آية الزمان وهدية السماء لي وأيقونة الحب الذي ارتوى منه جسدي فانتفض من سبات ودبت فيه روح الحياة، لتنطلق روحي محلقة في سماء الحياة معلنة ولادتها من جديد وليسجل العمر سجلاً خالداً من رواية عشق كتبت بحروف الحب.

وعندما يسألوني ما هي الحياة، أقول لهم هي أنت، منحتني إياك السماء، لتلقي في قلبي أنغام الحب، لا سواك سكن قلبي، فرحة غيرت مجرى حياتي، وحديث جميل عشت أجمل لحظاته، بدونك لا معنى للحياة ولا حياة بدونك.

لقيتك صدفة من الزمن ، جمعنا القدر على قلب واحد فرأيت في عيونك ما لم أراه سنين حياتي، ورأيتك في سماء عمري أنثى لا تتكرر، أنيقة في تعاملاتك وراقية في أسلوبك ولا تقبلي الإساءة لأحد أو من أحد، الطيبة تغطي قلبك كسحب سماء الشتاء، ورغم قوة الألم إلا أن الإبتسامة هي عنوانك.

في أول لقاء مرت عيوني عليك وقلبي مرتبك بين يديك، محتار عن حديث طالما تمنيت البوح به إليك، فوقفت برهة صمت لعل تدب فيي الحياة، فكان للقلم أدوار أخرى، أبوح بها إليك بما يعجز لساني عن البوح به، وكان لي في الكتابة حياة أخرى تزيدني فيك حباً، إن ركبت أجنحة الغياب وزادتك عني بعداً.

على صهوة النسيان، نسيت كل شيء إلا أنت، حالما يمر طيفك بخيالي - كل لحظة لا يفارقني- أنسى عمري كله ولا أنساك، أبوح لك برسائلي ما أهيم فيك عشقاً، وأرسم فيها حكايتي، لتقرئيها إن أعادتك الحياة إلي، فأنت للفرح عنوان وأنت عمري كله.

صغيرتي
مهما طال بعادك ما زلت على ميعادك، أكتب لك ما يهمك في حياتك ، لبيك غزل كلماتي وإلقائي، كلمات ألقيها في دجى الليل والنجوم تحيط بالقمر لزينة السماء، أفرحت حياتي بوجودها به، فكانت زينة عمري وروعة الوجود ملأت قلبي، فلا تملي من كثرة الحديث، فالبوح إليك مهما زاد يبقى في حقك قليل.

الزائرون في حياتنا من الكثرة ما قد تضيق به عتبات قلبك، بعضهم يبقى وبعضهم يرحل تاركاً ورائه ذكريات جمعتكم سوى، في كل هذه المعمة إفتحي قلبك دائما إلى من يهمه نبضك ويخاف عليك خوفه على نفسه ويهتم بك أكثر من اهتمامه بقلبه، مثل هذا الزائر نادراً ما يأتي طارقا باب قلبك وإن أتى فسرعان ما يرحل إن وجد الأبواب صدأة.

إبدئي يومك بإبتسامة مشرقة تلوح من ثغرك الباسم، مليئة بمعاني الأمل والإيمان المطلق بقضاء الله وقدره، فالحياة صغيرة وبسيطة لا تحتاج التعقيد الذي نرسمه في ذواتنا، فنظن أنها أصعب ما في الوجود، فأي أمر يستعصى عليك ، أنظري له بنظرة البساطة والطهر، وفكري به كأنه أمر صغير أمام رب الكون العظيم، سرعان ما تشعري بتفاهة ما تواجيه من أمور مهما بلغت من كثرة تملأ جوانب حياتك.

ولا تقللي من قيمة نفسك لأي سبب كان، فأنت أجمل من أن تكوني حقيقة، بهائك يملأ العيون نوراُ بهياً لا ترى له مثيل، من يقدرك ويعز قيمتك يرى فيك معدن جوهر ثمين لا يقدر بثمن، يرى تلألأ طهر روحك كأنها بياض ثلج، فكوني كما أنت الأفضل بكل شيء، لا يماثلك أحد.