ذات القلب الأخضر
==============
حسام الدين بهي الدين ريشو
=======================
عندما رآها أول مرة
احتوتها عيناه
كانت ذات وجه صبوح وحضور محبب وقابلية لا تستطيع الفكاك من أسرها؛ تتدثر بحسن الأدب وخفة الظل .
تساءل :
متى وأين رآها من قبل ؟
غادرها والتساؤل يشغله وعلامات الاستفهام تتوالد في فكره وقلبه .
حاصرتهُ مقلتاها تلك الليلة ... في يقظته وفي نومه
ومع الأيام اقتربت منه .. أنست إليه ؛ فتحتْ له نوافذ قلبها ؛ فاكتشف إجابة لتساؤلاته ؛ وتلاشت علامات الاستفهام .
فقد كانت على شاكلته ؛ تعصف بها رياح الأحزان
كانت ذات قلب أخضر ؛ هزها الحب مبكرا وسلب قلبها ؛ لكنه جدل مشاعرها البريئة بالأحزان
كان قلبها يشع دفئا ؛ إلا أن القلوب من حولها كانت جامدة لا مشاعر نبيلة ولا احساس رقيق
انكسر قلبها ممن لم يدر بخلدها يوما أن يكونوا خائنين
وفي صحارى الفكر التائه والأماني التى حاصرتها رطوبة الأيام وعفنها ؛ كانت دموعها تجرى .
تحملت وجنتاها الكثير منها
وعندما بكت أمامه وهو يستمع إلى فجيعتها فيمن أحبت ؛ كانت تكوي قلبه وتحفر اخدودا في فؤاده .
عذبه أنها اختارته وحده لتبث له أحزانها بينما هو عاجز عن أن ينتشلها من غربتها .
يغادرها مساء ويعاودها صباحا ؛ بينما الصمت الحائر يعتصرها يوما بعد يوم من قسوة الإحباط الساكن في أغوار القلب
كيف هانت على فتاها ؟
لماذا عليها أن تقاوم غربة القلب بين الضلوع ؟
وظمأ أزهار الحب في فؤادها المكلوم والناس من حولها يتثاءبون ويثرثرون ؟
سألتهُ :
ماذا أفعل وقد قصت دموعي عليك حكايتى ؟ بعد أن خاننى من أسلمت له قلبي ؟
قال لها :
ياذات القلب الأخضر ؛ تافهة هي الكلمات في حضرة أحزانك .
مُخزيةٌ هي النصائح ومشاعرك النبيلة تذبحها الأيام من الوريد إلى الوريد ؛ وكأننا فعلا في زمن اللئام
لكن ياذات القلب الأخضر ؛ ياصاحبة الوجه الصبوح .. لا تستسلمي للأحزان
آه من حرقة الأحزان وجمرها يافتاتي
آه من زورقها عندما يضرب القلب بمجدافيه ؛ فتسيل الدموع دماء
ليس هناك من يستحق
ماعاد هناك من يستحق
ولكل مأساة نهاية
والزمان مُخَضَّب بكثير من قصص الخيانة والفراق ؛ وماتوقفت الحياة
دعينى أبكي بدلا منك واضحكي ملء عينيك التى أرهقها الوجع ؛ واحلمي من جديد .
لا تدعي أحدا يسرق أحلامك ولا حتى الذكريات ... لا تجزعي لما أصابك ؛ فريح الصبا لن تتخلى عنك ... آتية إليك مع الربيع ؛ تدفع عنك الالآم والذكريات السود .
انتظري الغد ... سيأتيك بمن يشتاق تراب أعتابك ... يكابد نار العشق على أبوابك .
لأن قلبك الأخضر
لم يزل طاهرا
نقيا رغم أشجانك !